المركز العربي واشنطن دي سي - ترجمة الخليج الجديد-
"دول مجلس التعاون الخليجي تتخطى أصعب العقد في تاريخها".. هكذا وصف زميل شؤون الشرق الأوسط في معهد بيكر للسياسات العامة، كريستيان كوتس أولريشسن، تأثير توقيع السعودية وإيران على اتفاقية عودة العلاقات الدبلوماسية بينهما على عموم منطقة الخليج، مشيرا إلى أن دور بكين في إبرام الصفقة يضيف بعدًا جديدًا للمشهد السياسي الإقليمي.
وذكر أولريشسن، في تحليلنشره موقع "المركز العربي واشنطن دي سي" وترجمه "الخليج الجديد"، أن نطاق تأثير الاتفاقية يمتد إلى باقي دول مجلس التعاون الخليجي الخمس الأخرى: الإمارات وقطر والكويت والبحرين وسلطنة عمان، وذلك رغم أن التفاوض على الصفقة جرى على أساس ثنائي بين السعودية وإيران.
ونوه أولريشسن إلى تقرير لصحيفة "وول ستريت جورنال"، أورد توقعات بأن يؤدي الاستئناف الناجح للعلاقات الدبلوماسية بين السعودية وإيران إلى "قمة خليجية إيرانية" مشتركة، ربما تعقد بالصين في وقت لاحق من العام الجاري.
وهناك بعض الأسباب للتفاؤل بأن المصالحة بين إيران والسعودية قد يكون لها آثار إيجابية غير مباشرة على منطقة الخليج كلها، حسبما يرى أولريشسن، وذلك لأن دول مجلس التعاون الخليجي تتخطى أصعب الخلافات فيما بينها، والتي تعود إلى عام 2014، عندما سحبت السعودية والبحرين والإمارات سفراءها من قطر لمدة 9 أشهر.
وتجدد هذا الخلاف مرة أخرى بين يونيو/حزيران 2017 ويناير/كانون الثاني 2021، عندما فرضت الدول الثلاث نفسها، إلى جانب مصر، حصارًا سياسيًا واقتصاديًا، وهو أطول وأعمق صدع داخل الخليج منذ عقود.
ثمة أمر آخر يدعو لتفاؤل أولريشسن، وهو ذلك التوجه الذي أظهره القادة السعوديون والإماراتيون نحو تحقيق تعايش عملي مع إيران، ما يعود إلى مردود الهجمات التي طالت عمق كل من البلدين عبر طائرات مسيرة إيرانية، أطلقتها جماعة الحوثي اليمنية، عام 2019، وهو المردود الذي "هز" الرياض وأبوظبي، حسب تعبير أولريشسن، ودفعهما إلى التواصل المباشر مع طهران.
وجرى هذا التواصل بشكل منفصل، وليس جزءا من مبادرة على مستوى المنطقة، لكنه يعكس مرونة المصالح الوطنية والعلاقات الثنائية في توجيه نهج مشترك أو متعدد الأطراف داخل دول مجلس التعاون الخليجي.
فاستعادة العلاقات الدبلوماسية بين الرياض وطهران تعزز مسار الحوار والدبلوماسية، الذي اتسمت به سياسات المنطقة منذ عام 2020، بما يشمل الكويت وقطر وعمان، والتي سعت كل منها، لأسبابها الخاصة، إلى تحقيق التوازن بين الحفاظ على العلاقات مع طهران والالتزامات السياسية والأمنية مع الولايات المتحدة.
ولطالما عملت سلطنة عُمان كميسّر ووسيط لرسائل القنوات الخلفية بين الولايات المتحدة وإيران، ومؤخراً ظهرت دلائل على أن قطر قد لعبت دوراً مماثلاً.
ولدى الإمارات العربية المتحدة إطارها الخاص لبناء الجسور مع إيران، ومع استضافتها لمؤتمر الأمم المتحدة للمناخ "كوب 28"، المقرر بدبي في نوفمبر/تشرين الثاني وديسمبر/كانون الأول 2023، سيسعى المسؤولون الخليجيون إلى تقليل أي ضغوط إقليمية مزعزعة للاستقرار يمكن أن تفسد المؤتمر.
ورجح أولريشسن أن تكون البحرين الدولة الخليجية "المتقاعسة" في إصلاح العلاقات مع إيران، تمامًا كما كانت هي الأبطأ في إعادة بناء العلاقات مع قطر بعد توقيع اتفاقية العلا عام 2021، مشيرا إلى أن الحكومة البحرينية "لطالما نظرت إلى إيران على أنها تهديد لأمنها الداخلي، وقد يكون من الصعب إزاحة المواقف الراسخة داخل مؤسسة صنع السياسات في المنامة".
كما توقع أولريشسن أن يكشف الشهران المقبلان عن كيفية تأثير الاتفاق السعودي الإيراني على العلاقات بين دول مجلس التعاون الخليجي، وكذلك العلاقات بين دول المجلس والجمهورية الإسلامية، لافتا إلى أن المؤشرات الحالية إيجابية بشأن إمكانية اتفاق قد يؤذن بفترة مصالحة جديدة عبر الخليج، من شأنها تسهيل التعاون السياسي والاقتصادي.