ميدل إيست آي - ترجمة الخليج الجديد-
اعتبر تحليل نشره موقع "ميدل إيست آي" أن الاتفاق السعودي الإيراني الأخير جاء مدفوعا من قبل الرياض بعد درس عام 2019، عندما جاء رد الفعل الأمريكي مخيبا على هجمات تعرضت لها منشآت السعودية النفطية واتهمت إيران بتنفيذها، حيث فوجئت الرياض بأن واشنطن تعتبر أن مصالحها منفصلة ومختلفة، ومن هنا فكر السعوديون، منذ هذا الوقت، في تحقيق مصالحهم.
ويضيف التحليل الذي ترجمه "الخليج الجديد"، أن الصفقة السعودية الإيرانية أظهرت أن استراتيجية العقوبات الأمريكية أدت إلى نتائج عكسية، وينقل التحليل عن خبراء، قولهم إن الولايات المتحدة بحاجة إلى "إعادة التفكير في نهج عزل الخصوم"، حيث باتت الدول تنظر إلى الصين كبديل عن الولايات المتحدة.
ويقول كريستيان كوتس أولريتشسن، زميل الشرق الأوسط في معهد "بيكر" للسياسة العامة بجامعة رايس، إنه رغم أن توقيت الصفقة السعودية الإيرانية جاء مفاجئا، فإن الرياض وطهران تعملان على إعادة العلاقات منذ عدة سنوات حتى الآن.
درس 2019
ويضيف أن الدافع من الجانب السعودي جاء نتيجة درس تم تعلمه في أعقاب حملة "الضغط الأقصى" التي شنها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، والتي أعادت فيها الولايات المتحدة فرض عقوبات واسعة النطاق على إيران بينما خرجت أيضًا من الاتفاق النووي لعام 2015 الذي وقعته مع واشنطن والقوى العالمية.
آنذاك، وفي حين دعا ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الولايات المتحدة إلى ممارسة مزيد من الضغط على إيران، تعرضت المنشآت النفطية في المملكة في عام 2019 لهجوم بطائرات بدون طيار ألقي باللوم فيها على طهران. وأدى الهجوم إلى انخفاض إنتاج النفط السعودي بنسبة 50%.
وقال أولريشسن، خلال ندوة عبر الإنترنت استضافها المركز العربي بواشنطن العاصمة، الخميس الماضي: "قال دونالد ترامب، حينها، إن هذا هجوم على السعودية وليس علينا.. كان يميز بين مصالح الولايات المتحدة ومصالح المملكة".
وأضاف: "فجأة.. أدرك السعوديون أنه يتعين عليهم تبني مجموعة من السياسات التي تعكس مصالحهم طالما هي باتت مستقلة عن المصالح الأمريكية".
العقوبات الأمريكية
وبالنسبة لإيران، كان للعقوبات الأمريكية تأثير مباشر أكثر على استعداد طهران للبحث عن منافذ ومسارات أخرى خارج نطاق النظام المالي الأمريكي.
فمنذ أن أعادت واشنطن فرض العقوبات على إيران، كان لها تأثير معوق على الاقتصاد، بما في ذلك التضخم المستمر، وخفض قيمة الريال الإيراني ، وتراجع الناتج المحلي الإجمالي.
وبعد أيام من الإعلان عن الصفقة بين الرياض وطهران، قال وزير المالية السعودي إن الرياض يمكن أن تبدأ الاستثمار في إيران "بسرعة كبيرة".
بدورها، قالت دينا اسفندياري، كبيرة مستشاري الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لمجموعة الأزمات الدولية، خلال الندوة، إن الاتفاق يسمح لإيران بتوجيه رسالة إلى الغرب والولايات المتحدة وحلفائها والقول: "انظر، في النهاية لن تكون قادرًا على عزلي بالطريقة التي فعلتها قبل الاتفاق النووي".
أفول سيطرة الدولار
ويوضح التحليل أن سيطرة الدولار على السوق الدولية لعقود من الزمان مكنت الولايات المتحدة من استخدام سياسة العقوبات ضد خصومها، من فرض حظر على كوبا عام 1962 ومعاقبة حكومة صدام حسين في العراق إلى فرض عقوبات على إيران وسوريا.
وكانت آخر دولة تواجه عقوبات أمريكية شديدة هي روسيا، التي أدرجتها واشنطن على القائمة السوداء بعد غزوها لأوكرانيا العام الماضي.
ومع ذلك، يقول الخبراء إن سياسة العقوبات أثبتت عدم فعاليتها، خاصة في السنوات الأخيرة، حيث برزت الصين كمنافس مساوٍ للولايات المتحدة في السوق المالية الدولية. وورد أن السعودية، على سبيل المثال، كانت تفكر في تسعير بعض مبيعاتها النفطية إلى الصين باليوان.
وتقول باربرا سلافين، الزميلة المرموقة في مركز ستيمسون: "ذلك يعني أن على الولايات المتحدة إعادة التفكير في مناهجها، خاصة فيما يتعلق باستخدام العقوبات الاقتصادية، والتي أعتقد أنها تأتي بنتائج عكسية أكثر فأكثر".
وتضيف: "علينا أن نتأكد من أننا نحافظ على العلاقات ليس فقط مع دول المنطقة، ولكن أيضًا مع الصينيين للتأكد من أننا لا نضع أنفسنا في موقف لم نعد فيه قادرين على التوسط في الاتفاقات بين الخصوم".