علاقات » ايراني

"حُسن جوار" الإمارات مع إيران.. فوائد للخليج وواشنطن وتل أبيب

في 2023/06/26

 محمد باهارون وأليكس فاتانكا- معهد الشرق الأوسط- ترجمة وتحرير الخليج الجديد- 

على الرغم من نزاعهما على ثلاث جزر في الخليج العربي، إلا أن الإمارات تستثمر في "حُسن الجوار" مع إيران، ويبدو أن سياسة خفض التصعيد تلك لا تخدم البلدين والمنطقة فحسب، بل تعمل أيضا لصالح كل من الولايات المتحدة وإسرائيل.

ذلك ما خلص إليه الباحثان محمد باهارون وأليكس فاتانكا، في تحليل بـ"معهد الشرق الأوسط" بواشنطن (MEI) ترجمه "الخليج الجديد"، معتبرين أنه "ربما تكون إيران الدولة الوحيدة التي يمكن للإمارات أن تسميها بالعدو".

ولفتا إلى نزاع البلدين على ثلاث جزر في الخليج، هي أبو موسى وطنب الكبرى وطنب الصغرى، إذ تفرض إيران سيطرتها عليها منذ 30 نوفمبر/ تشرين الثاني 1971، بينما تقول الإمارات إنها أراضيها.

وفي 22 يونيو/ حزيران الجاري، استقبل رئيس الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، الذي قدم له دعوة من الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي لزيارة طهران.

وقال باهارون وفاتانكا إنه "مع اقتراب الإمارات في 2021 من الذكرى الخمسين لتأسيسها، بدأت قيادتها في تقييم ما تم تحقيقه وما لا يزال يتعين القيام به، واتخذت البوصلة الجديدة لنصف القرن المقبل شكل وثيقة بعنوان "المبادئ العشرة للخمسين عاما القادمة".

وأوضحا أن "هذه المبادئ، التي نصت على أن التنمية الاقتصادية هي المصلحة الوطنية العليا، كانت أساس سياسة التهدئة التي بدأت الإمارات بتطبيقها مع اليمن وإسرائيل وتركيا وقطر وإيران، وتم توضيح ذلك في المبدأ الخامس للوثيقة، والذي غيّر معايير الأمن من بناء القدرة الدفاعية إلى الاستثمار في "حُسن الجوار".

الشرايين الأربعة

ووفقا لباهارون وفاتانكا، تعتبر الإمارات إيران تهديدا محتملا، لكن هذه ليست القصة الكاملة، فالإمارات تنظر أيضا إلى إيران من منظور آخر، وهو "جدول أعمال الاتصال العالمي"، وبالنظر إلى الشرايين الأربعة للاتصال، التجارة والأشخاص والمال والمعلومات، ربما يكون الاتصال التجاري هو الأكثر وضوحا".

وأضافا أن "الإمارات حافظت على علاقاتها التجارية والشعبية مع إيران حتى عندما توترت العلاقات الدبلوماسية والأمنية، وكانت الإمارات الشريك التجاري الأول لإيران بين مارس/ آذار 2022 ويناير/ كانون الثاني 2023، بتداول 20.27 مليون طن من البضائع بقيمة 19.77 مليار دولار".

وأردفا أن "تدفق الناس يعكس حقيقة مماثلة، إذ يعيش في الإمارات حوالي 480 ألف إيراني، أو نحو 4.76٪ من إجمالي عدد السكان، وبالمقارنة، يمثل المصريون قرابة 4.23٪ من سكان الإمارات".

و"السياحة مؤشر آخر، إذ اتفقت الدولتان مؤخرا على زيادة عدد الرحلات من الإمارات إلى إيران إلى 215 رحلة أسبوعيا، كما سمحت أبوظبي لشركات طيران إيرانية بتسيير رحلات إلى الإمارات"، بحسب باهارون وفاتانكا.

وزادا بأنه: "على الرغم من أن الإمارات تشارك في فرض العقوبات الدولية على إيران، وبينها المتعلقة بعدم الانتشار النووي، إلا أنها تواصل دعم التحويلات المالية غير الخاضعة للعقوبات بين البلدين".

وأوضحا أن ذلك "يشمل تمكين بنكين إيرانيين رئيسيين من العمل في الإمارات، وهما بنك ملي إيران وبنك صادرات إيران، بالإضافة إلى السماح لشركات الصرافة بإجراء معاملات غير تجارية، بينها التحويلات المالية إلى إيران من جانب الجالية الإيرانية في الإمارات".

وقال باهارون وفاتانكا إنه "ربما يكون أفضل تمثيل لربط المعلومات مع إيران هو الكبل البحري الإماراتي الإيراني الذي يمتد على مسافة 170 كيلومترا بين الفجيرة وبندر جاسك، كما تعمل "آي- مارينا" (E-Marine)، وهي شركة تابعة لشركة اتصالات مملوكة للإمارات، على مد الكابلات البحرية بين إيران والكويت".

خفض التصعيد

و"لا تؤثر سياسة خفض التصعيد الإماراتية تجاه إيران على العلاقات الإيرانية الإماراتية فحسب، بل تفيد أيضا منطقة الخليج بأكملها، فضلا عن المصالح الأمريكية، فخفض التصعيد في المنطقة يمكن أن يؤدي إلى تقليل التكلفة التي تتحملها الولايات المتحدة في الحفاظ على الأمن (في المنطقة) والتركيز في الوقت نفسه على (مواجهة الصين في  آسيا) أو التركيز أكثر على روسيا (التي تشن حربا في جارتها أوكرانيا المدعومة من الغرب)"، وفقا لباهارون وفاتانكا.

واعتبرا أن "السياسة الإماراتية يمكن أيضا أن تقلل التهديد الذي تتعرض له إسرائيل، إذ أصبحت كل من إيران وإسرائيل أكثر ارتباطا بدول مجلس التعاون الخليجي، وفي منطقة أكثر ارتباطا اقتصاديا، تصبح القيمة اليومية للمنافع الاقتصادية بالنسبة لإيران أعلى بكثير من "قدرتها النووية الرادعة".

وفي 2020 وقَّعت الإمارات وإسرائيل اتفاقية لتطبيع العلاقات بينهما، بينما تعتبر كل إسرائيل وإيران الدولة الأخرى العدو الأول لها، وتمتلك تل أبيب ترسانة نووية لم تعلن عنها رسميا وغير خاضعة للرقابة الدولية، وهي تتهم مع عواصم أخرى إقليمية وغربية طهران بالسعي إلى إنتاج أسلحة نووية، بينما تقول الأخيرة إن برنامجها مصمم للأغراض السلمية، بما فيها توليد الكهرباء.

وقال باهارون وفاتانكا إنه "يبدو أن سياسة الإمارات تجاه إيران هي جزء من "سياسة حُسن الجوار" الأوسع للاستثمار في الاستقرار الإقليمي، وبالنسبة للإمارات، فإن إيران المترابطة مع المنطقة والعالم لن تؤدي إلا إلى تعزيز الجهود للحفاظ على إمدادات الطاقة العالمية والأمن الغذائي وسلاسل التوريد بين آسيا الوسطى وأوروبا وأفريقيا".

وختما بأن "الإمارات تنظر إلى إيران من منظور أجندة الاتصال الخاصة بها، ولكن يبقى أن نرى ما إذا كانت إيران تنظر إلى الإمارات وبقية شبه الجزيرة العربية بالطريقة نفسها أم أنها تعتبر تلك الدول منطقة نفوذ أو ببساطة مجموعة من الاقتصادات التي توفر لها فوائد قصيرة الأجل في وقت تسعى فيه طهران إلى تحرير نفسها من عبء العقوبات الأمريكية".