أليكس كيماني/أويل برايس - ترجمة الخليج الجديد-
سلط الخبير الاقتصادي، أليكس مالي، الضوء على الاستغلال المشترك لحقول النفط والغاز بين السعودية وإيران، مشيرا إلى أن البلدين على استعداد للارتقاء بصداقتهما الجديدة إلى مستوى أعلى، بعدما أعلن رئيس شركة النفط الوطنية الإيرانية، محسن خوجاشمهر، أن الأعمال التمهيدية للتعاون الثنائي بين البلدين في صناعة النفط قد بدأت بالفعل.
وذكر مالي، في مقال نشره بموقع "أويل برايس" وترجمه "الخليج الجديد"، أن شراكة السعودية وإيران ستشمل استكشاف حقول النفط والغاز التي يمتلكانها بشكل مشترك، مشيرا إلى أن تلك الحقول، التي يبلغ عددها 28، ظلت مهملة لسنوات بسبب العداء السابق بين البلدين.
ومن بين الحقول الـ 28 "الدرة"، أو "أراش" كما تسميه إيران، والذي تشترك فيه الكويت أيضا، فيما يحتوي حقل فرزاد على حوالي 23 تريليون قدم مكعب من احتياطيات الغاز الطبيعي ومكثفات الغاز البالغة 5000 برميل لكل مليار قدم مكعب.
بينما يحتوي حقل أراش على حوالي 20 تريليون قدم مكعب من احتياطيات الغاز، مع إمكانية إنتاج مليار قدم مكعب في اليوم.
إغراق الأسواق
ويلفت مالي، في هذا الصدد، إلى أن بعض التطورات الأخيرة تشير إلى أن أسواق النفط سيتعين عليها التعامل مع التدفق المحتمل لكميات كبيرة من النفط الإيراني، مشيرا إلى أن إيران، كعضو في أوبك، لا يزال بإمكانها إغراق الأسواق العالمية؛ لكونها قادرة على تصدير الكثير من النفط سرا عبر تقنيات إخفاء مختلفة.
وأضاف أن صادرات الخام الإيراني بلغت 1.5 مليون برميل يوميا في مايو/أيار الماضي، وهو أعلى مستوى لها منذ 2018، رغم أن البلاد لا تزال تحت العقوبات الأمريكية.
وفي الشهر الماضي، أعلنت طهران تعزيز إنتاج الخام إلى أكثر من 3 ملايين برميل يوميًا، وهو أعلى مستوى منذ 2018. ومن المحتمل أن يكون هناك مجال لمزيد من التفكير في أن زيادة الإنتاج، خاصة أن المستوى الحالي لا يزال أقل من ذروة 2018، التي بلغت 3.7 مليون برميل يوميا.
لكن مالي يرجح استغراق زيادة الإنتاج سنوات، بسبب نقص الاستثمار في قطاع النفط الإيراني على مدى العقود الأربعة الماضية، إذ فشلت طهران في إنتاج أكثر من 4 ملايين برميل يوميا منذ ثورة 1979 وحتى اليوم.
نموذج اقتصادي
ويشير الخبير الاقتصادي إلى أن النموذج الاقتصادي الذي تسيطر عليه الدولة في إيران يهدر أكثر من 50 مليار دولار سنويًا على دعم النفط والغاز لإبقاء مواطنيها قابلين للانقياد، و"النتيجة هي أن الإيرانيين يتمتعون بأرخص أسعار للبنزين والكهرباء مقارنة بأي بلد آخر في العالم، لكن يتعين عليهم التعامل مع ارتفاع معدلات البطالة والتضخم بسبب الاقتصاد الذي يعتمد بشكل كبير على النفط".
وفي هذا الإطار، شرعت إدارة الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، في إجراء إصلاحات كبيرة في نظام الدعم بالبلاد، لكنها اعترفت بأن الفساد الجامح يعيق جهوده.
وهنا يلفت مالي إلى شكوك متزايدة في أن إيران والولايات المتحدة ستتمكنان من إبرام اتفاق نووي جديد، مع نشر تقارير مقلقة مفادها أن إيران على وشك اختبار أول سلاح نووي لها على الإطلاق.
وذكرت تقارير استخباراتية منفصلة نشرتها ألمانيا وهولندا والسويد خلال النصف الأول من هذا العام أن النظام الإيراني "سعى باستمرار للحصول على التكنولوجيا لبرنامجه النووي غير القانوني ومنظومة الصواريخ الباليستية".
كما قررت وكالة الاستخبارات الهولندية أن إيران "تنشر بشكل متزايد أجهزة طرد مركزي أكثر تطوراً لتخصيب اليورانيوم وتزيد من قدرتها على التخصيب".
وأيدت الاستخبارات السويدية هذا الرأي، وزعمت أن "التكنولوجيا السويدية ذات الاستخدامات المزدوجة مدنيا وعسكريا، تحظى باهتمام إيران. إذ تشتري إيران التكنولوجيا والمعرفة من خلال أساليب غير قانونية، وتطور قدرتها الخاصة من خلال الجامعات والمؤسسات البحثية السويدية".
الاتفاق النووي
وتأرجحت آفاق إحياء الاتفاق النووي الإيراني بشكل كبير، فمن شبه مؤكد في مارس/آذار 2022 إلى شبه معدوم بحلول نهاية عام 2022، والآن تبدو الآفاق مشرقة بشأنه مرة أخرى.
وثمة تقارير تفيد بأن استراتيجية إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، بشأن الطموحات النووية الإيرانية قد تحولت من المنع إلى الاحتواء، ما يجعل الطريق لصفقة جديدة أسهل بعد 5 سنوات من تدخل الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بشكل سيئ للتخلي عن خطة العمل الشاملة المشتركة في عهد سلفه، باراك أوباما.
وهنا يشير مالي إلى أن حشمت الله فلاحت بيشة، الرئيس السابق للجنة السياسة الخارجية والأمن القومي في البرلمان الإيراني، يتوقع أن تغمض إدارة بايدن أعينها عن بعض صفقات الطاقة الإيرانية، وأن تسمح بالإفراج عن بعض الأموال الإيرانية المجمدة في مقابل امتناع إيران عن توسيع برنامجها النووي أكثر من المستوى الحالي.
وأردف بأن المرشد الأعلى الإيراني، علي خامنئي، قال إن "الصفقة مع الغرب مقبولة طالما أنها لا تمس البنية التحتية النووية الإيرانية"، واصفا هذا التصريح بأنه "خطاب شبيه بالذي أعرب عنه خامنئي عندما تم توقيع الصفقة الأولى في عام 2015".