ديلي تلغراف-
نشرت صحيفة “ديلي تلغراف” مقال رأي لمارك الموند، قال فيه إن التقارب بين دول الشرق الأوسط، يدفع أمريكا خارج اللعبة في المنطقة.
وتحدث الكاتب عن جولة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى دول الخليج، والتي جاءت ضمن توجهاته الجديدة للتركيز على الاقتصاد، لكنها لا تعني بالنسبة له تحولا في موقف السياسة الخارجية التركية، ولا السعودية التي تقاربت مع إيران.
وقال إن الرئيس التركي المخضرم، وولي العهد السعودي محمد بن سلمان، يمثلان زوجا غير منسجم. إلا أن المتفائلين من المراقبين، رأوا في لقائهما هذا الأسبوع بمدينة جدة، أنه جزء من الميول الواضحة نحو الاعتدال بعد فوز أردوغان في الانتخابات الأخيرة. نعم، عيّن مستشارين من أصحاب الرؤية الأرثوذكسية في الاقتصاد، ودعم عضوية أوكرانيا في حلف الناتو، ولكنّه وضع شروطا يجب تلبيتها.
في الواقع، فآمال الغرب، لا تصل إلى حد التعلّق بقشة. فالتقارب بين الرجلين والذي بدأ قبل عام، جاء في ظل الغزو الروسي لأوكرانيا، ويعكس حسّا بأن تحدي فلاديمير بوتين الشرس للأعراف الدولية، يمثل بالنسبة للبلدين، فرصة للتحرر من القيود عليهما.
ويقول الكاتب إنه وبرغم كلام أردوغان الحميم بشأن عضوية أوكرانيا في الناتو، فلا تزال دعوته لبوتين كي يزور أنقرة قائمة. ولا تزال تركيا نقطة العبور الرئيسية للروس الراغبين بالسفر إلى الخارج.
وتقرب ولي العهد السعودي أيضا من الكرملين منذ سنوات. واتُهمت روسيا بالتحايل على العقوبات من خلال بيع نفطها للسعودية بأسعار مخفضة.
ويرى الكاتب أن قدرة ولي العهد السعودي على العبور من المياه الصعبة بعد مقتل الصحافي جمال خاشقجي في اسطنبول، هي دليل عن الطريقة التي يمكن فيها للاحتياطي النفطي الهائل، لديه بأن يهدّئ الضمائر. وفي ذلك الوقت، وجّه أردوغان إصبع الاتهام للسعوديين بالمسؤولية عن الجريمة، وسرب التسجيلات، لكنه خفف النبرة منذ العام الماضي.
ويعني نهج أردوغان المتقلب في السياسة الخارجية، أنه عكس موقفه من مدافع عن “الديمقراطية” في الشرق الأوسط. وبعد ثورانه احتجاجا على الانقلاب الذي نفذه العسكر في مصر ضد الإخوان المسلمين عام 2013، باتت تركيا ومصر تقتربان من لململة الخلافات والمصافحة.
لا يعتبر الديكتاتور المصري عبد الفتاح السيسي أو الحاكم السعودي حليفين قويين للغرب، تماما مثل السابقين لهما. ويقوم المستبدون في الشرق الأوسط بالتصرف ضد مصالح وسياسة الولايات المتحدة. وتقرب السيسي ومحمد بن سلمان من بوتين، لكنهما لم يترددا بقبول الأسلحة الأمريكية المتقدمة التي صادقت عليها واشنطن بطريقة آلية.
وتصالحت السعودية مع إيران التي كانت مرة عدوتها الرئيسية، فيما أكد أردوغان على التعاون التجاري بين تركيا وإيران. وسيجد اقتصاد تركيا المترنح، دعما من صفقة المسيرات التي عقدها أردوغان مع السعوديين، والذي اعتبرت مع غيرها من الصناعات العسكرية التركية المشمولة فيها، بأنها أكبر صفقة دفاعية في تاريخ البلد.
ويرى الكاتب أن الشرق الأوسط يعيش نوعا من الفوضى، حيث يحاول اللاعبون الإقليميون فيه، حرف ولاءاتهم والتقرب من أعدائهم، في وقت ركزت إدارة بايدن اهتمامها على الإصلاحات القضائية التي أعلن عنها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
ومهما يكن، فغياب الاتجاه في السياسة الأمريكية بالشرق الأوسط، لن يفعل الكثير لمنع مثيري المشاكل. وربما يعوّل الغرب مرة على أن غياب أمريكا عن المنطقة سيؤدي إلى ولادة محور استقرار بين أنقرة والرياض، ليس الآن، فقد أصبح في المركز قادة لديهم ميل للمقامرة بدون حساب.