علاقات » ايراني

حقبة التصالح الإيراني الخليجي.. هل تتأثر بعد رحيل رئيسي؟

في 2024/05/21

كامل جميل - الخليج أونلاين- 

يمكن وصف فترة رئاسة إبراهيم رئيسي لإيران، التي بدأت في أغسطس 2021، خلفاً لحسن روحاني، بأنها عهد التصالح الإيراني الخليجي، حيث رسمت سياسة جديدة بالمنطقة قائمة على العلاقات الجيدة، وإن تخللتها بعض التشنجات.

عودة العلاقات بين طهران والرياض، في مارس 2023، كانت البوابة الأوسع لتجديد وتوثيق طهران علاقاتها مع العواصم الخليجية، حيث أخذ مؤشر العلاقات يشهد ارتفاعاً ملحوظاً، وبات الأمن أكثر استقراراً، لا سيما انكفاء مليشيا الحوثي اليمنية، وهي المدعومة إيرانياً من مواصلة قصفها الجنوب السعودي.

جميع القراءات السياسية والاقتصادية تؤكد أن فترة حكم رئيسي حققت نجاحات في تحسين العلاقات مع دول الخليج، على الرغم من اتهامات متبادلة مستمرة حول الجزر الإماراتية وحقل الدرة الكويتي - السعودي.

تلك الحقبة الرئاسية انتهت بمقتل رئيسي إثر حادث سقوط الطائرة التي كانت تقله شمالي إيران، مساء الأحد 19 مايو الجاري، وهو ما يثير التساؤل إن كان ما أنتجته هذه الحقبة من علاقات حسنة مع الخليج ستستمر بعد رحيله.

مقتل رئيسي

صباح الاثنين (20 مايو 2024)، أعلنت طهران مقتل الرئيس رئيسي ووزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان ومسؤولين آخرين؛ إثر تحطم الطائرة المروحية التي كانت تقلهم في محافظة أذربيجان الشرقية شمالي غربي إيران، بعد نحو 18 ساعة من عمليات البحث عن الطائرة.

رئيسي، الذي يبلغ من العمر 63 عاماً، يُنظر إليه على أنه أحد تلاميذ المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، وكان مراقبون يتوقعون أن يحل محل المرشد البالغ من العمر 85 عاماً بعد وفاته أو استقالته من منصبه.

ووفقاً للدستور الإيراني، تولى النائب الأول للرئيس محمد مخبر مهام الرئاسة بعد موافقة المرشد الأعلى، كما ستشكَّل لجنة من نائب الرئيس ورئيسَي البرلمان والقضاء لإدارة البلاد وإجراء الانتخابات.

ومع إعلان وفاته، سارع قادة الخليج لإرسال برقيات تعزية لإيران، كما أعلنت بعض دول مجلس التعاون استعدادها لتقديم المساعدة في عمليات البحث، عن الطائرة قبل تأكيد تحطمها ومصرع من فيها.

قبل وبعد عهد رئيسي

علاقات إيران والخليج توترت منذ عام 2016، بعد إعدام السعودية رجل الدين الشيعي نمر النمر، وما جرى على أثره من اعتداء على سفارة وقنصلية المملكة بإيران.
قبل تولي رئيسي منصب الرئاسة كانت علاقات طهران وبعض العواصم الخليجية جيدة، لكنها لم تكن مثالية جراء التدخلات الإيرانية في شؤون المنطقة.
كانت العلاقات مقطوعة بين طهران وكل من الرياض والمنامة، وغير جيدة مع أبوظبي، وفي حال أحسن مع كل من مسقط والدوحة والكويت.
مطلع أغسطس 2021، ومع تولي رئيسي منصب رئيس إيران، كانت الإشارات تدل على أن عهداً جديداً ستدخله كل من طهران وأبوظبي، أساسه الود والتعاون وحسن الجوار.
أشاد الرئيس الإيراني الجديد حينها بالإمارات، ووصفها بأنها "صديقٌ مخلص لإيران".
لاحقاً توطدت العلاقة بين البلدين بشكل كبير على مختلف المستويات، ما جعل التوقعات تؤكد أن الإمارات بوابة استقرار علاقات إيران بالخليج.
في مارس 2023، عادت العلاقات بين السعودية وإيران برعاية صينية في بكين.  
اعتبر التقارب بين السعودية وإيران نقطة فاصلة في تاريخ العلاقات بينهما، وفي تاريخ دول الخليج والمنطقة.
زار رئيسي الرياض والدوحة ومسقط، في حين أجرى وزير خارجيته الراحل زيارات مشابهة لذات العواصم، إضافة لأبوظبي والكويت.
البحرين هي الدولة الخليجية الوحيدة ما زالت لا تقيم علاقات دبلوماسية مع إيران، رغم أن الجانبين عقدا عدة اجتماعات رسمية.
ما تزال قضية الجزر الإماراتية التي تحتلها إيران نقطة خلاف بين دول مجلس التعاون وطهران منذ 4 عقود وتطفو على السطح من حين لآخر.
يشكل حقل الدرة الذي تتناصفه الكويت والسعودية مشكلة مع إيران التي تطالب بحصة في الحقل وتهدد بمنع استغلاله.

سياسة طهران مع دول الخليج

المحلل السياسي مسار عبد المحسن راضي، الذي تحدث لـ"الخليج أونلاين"، يرى أن مقتل رئيسي وعبد اللهيان "لن يؤثر على سياسة طهران الخارجية مع دول الخليج العربي".

يقول راضي: إن "أزرار التحكم بهذه السياسات مُثبَّتة في لوحة المجلس القومي الإيراني، وعباءة المرشد (علي خامنئي) تحميها من مناخ ردّ الفعل الغائم".

ويضيف: "طهران ستندفع بحكم حالة عدم اليقين السائدة في المنطقة إلى استعراض رصانتها المؤسسية"، مرجحاً أن يحلّ محلّ عبد اللهيان "شخصية مؤثِّرة" تستطيع أن تفرض حضورها على مؤسسة الحرس الثوري، على حدّ قوله.

لا يرى راضي أن يكون مفيداً لطهران اختيار "نموذج طبق الأصل من عبد اللهيان؛ أي مرضي عنه من مؤسسة الحرس الثوري، بل شخص له حضور خميني، ومرونة خامنئي، في الانتقال المفاجئ مع تغيُّر مناخات السياسات الدولية".

من جانب آخر فإن دول الخليج العربي، والحديث لراضي، "تعيش حياتها الدبلوماسية مع طهران وفق التوقيت الصيني ومنع دوران عقارب مأساة غزة من لدغ الاستقرار الإقليمي الهش".

ويؤكد أن "دول الخليج العربي المؤثِّرة لن تسمح للعامل الدولي بأن يحوِّل المنطقة إلى صندوق بريد".