(هدى القشعمي/ راصد الخليج)
بعد إعلان نبأ وفاة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي والوفد المرافق له، على إثر تعرض طائرته لحادث أليم في أذربيجان الشرقيَّة شمال غربي إيران، خرج من يطرح سؤال: هل ستستمر العلاقات الإيرانية- الخليجية كما كانت في عهد الرئيس الراحل؟ أم ستتراجع؟ خصوصًا وأنّ الرئيس الراحل عرّاب تطبيق سياسة "حسن الجوار" وبالأخص مع الدول الخليجية.
للإجابة على هذا التساؤل لا بدّ من الوقوف عند أمرين: الأمر الأول تعاطي الدول الخليجية مع نبأ وفاة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي والوفد المرافق له، والأمر الثاني حضور الوفود الخليجية لمراسم تشييع الرئيس الراحل في صالة المؤتمرات الدولية في طهران.
بعد إعلان التلفزيون الرسمي الإيراني وفاة الرئيس إبراهيم رئيسي ووزير الخارجية الوزير حسين أمير عبد اللّهيان والوفد المرافق في تحطم طائرة هليكوبتر؛ أصدر مجلس التعاون الخليجي بيانًا أكد فيه الأمين العام للمجلس محمد البديوي على: "تضامن مجلس التعاون مع حكومة وشعب الجمهورية الإسلامية الإيرانية في هذه الظروف العصيبة"، معربًا عن: "خالص العزاء وعميق المواساة في هذا المصاب الجلل". وبدورها السعودية، نعى الملك سلمان وولي عهده الأمير محمد بـــ :"بالغ التعازي وصادق المواساة"، الفقيد الرئيس رئيسي. كذلك قدّم رئيس الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان: "خالص العزاء وعميق المواساة للجمهورية الإسلامية الإيرانية قيادة وشعبا"، مؤكدًا: "تضامن الإمارات مع إيران في هذه الظروف الصعبة". وأعرب الملك البحريني حمد بن عيسى آل خليفة: "عن خالص التعازي وعميق المواساة" للمرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي والشعب الإيران. ومن جانبه، عّبر أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني عن "صادق التعازي" للجمهورية الإسلامية "حكومةً وشعبًا. كما بعث سلطان عمان هيثم بن طارق "برقية تعزية ومواساة" إلى قادة إيران. ومن جانبه عبّر أمير الكويت الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح عن "خالص تعازيه وصادق مواساته" لطهران قيادةً وشعبًا.
أما عن حضور الوفود الخليجية لمراسم تشييع الرئيس رئيسي، فكان لافتًا حضور الوفدين السعودي والبحريني. فالسعودية أرسلت وفدًا رفيعًا ضم الأمير الدكتور منصور بن متعب بن عبدالعزيز(مستشار الملك سلمان بن عبد العزيز ووزير الدولة وعضو مجلس الوزراء)، والأمير فيصل بن فرحان بن عبدالله (وزير الخارجية السعودي)، وكان لافتًا أيضًا أسلوب استقبال وزير الخارجية الإيراني بالوكالة علي باقري لنظيره السعودي الأمير فيصل بن فرحان والعناق بينهما، الأمر الذي أثار تفاعلًا حسنًا على وسائل التواصل الاجتماعي.
أما عن الوفد البحريني؛ فاللافت أنه أول وفد رسمي بحريني يزور إيران منذ 13 عامًا، وعلى رأس الوفد الدكتور عبد اللطيف الزياني (وزير الخارجية البحريني). أما الوفود الخليجية الأخرى، فقد حضر أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني، ووزير خارجية الكويت عبد الله علي اليحيا، ووفد إماراتي برئاسة وزير الخارجية عبد الله بن زايد آل نهيان، ووفد عُماني برئاسة وزير الإعلام عبد الله الحراصي.
تشييع الرئيس الإيراني كان فرصةً على ما يبدو للبحرين للتقارب من إيران وإنهاء الخلاف، ويبدو ذلك واضحًا من ثلاث مؤشرات: الأول التعزية أتت من الملك مباشرةً، وليست عبر وزارة الخارجية، إضافة إلى التعبير الذي تفرّد فيه الملك عن باقي الدول الخليجية بأنّه عزّا المرشد الأعلى لإيران السيد علي خامنئي والشعب الإيراني، ثانيًا الوفد الذي زار إيران برعاية عمانية، ثالثًا تصريح الملك أيضًا بعد لقائه الرئيس الروسي بأنّه: "لا يوجد سبب لتأجيل استئناف العلاقات الدبلوماسية بين البحرين وإيران، مضيفًا: "المملكة تتطلع إلى تحسين علاقاتها مع طهران". وبدورها ردت إيران على تصريح الملك عبر المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني، الذي أكد على شكر بلاده بالمواساة التي أبداها العاهل البحريني الملك حمد بن عيسى آل خليفة، في تعزية الرئيس الراحل إبراهيم رئيسي ، وحضور وزير خارجية البحرين مراسم التأبين، مؤكداً أن طهران ستأخذ بالاعتبار تصريحات آل خليفة حول تحسين العلاقات بين البلدين. ويعتبر كذلك حضور الوفود الخليجية كان رسالة واضحة على أن الدول الخليجية لن تغيّر موقفها من تطور العلاقات بينها وبين إيران. إضافةً إلى قبول ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان دعوة رسمية لزيارة إيران وجهها له القائم بأعمال رئيس الجمهورية الإيرانية محمد مخبر. ومن جانبها إيران حريصة كل الحرص على مواصلة سياسة "حسن الجوار" مع جيرانها الخليجيين. والدليل على حسن العلاقات قبول
من هذا المنطلق؛ وبناءً على ما تقدم، لا خوف على العلاقات الإيرانية الخليجية. فهذه العلاقات لن تتراجع إلى الوراء؛ بل هي ماضيةٌ قدمًا يومًا بعد يوم. لما في ذلك مصلحة لإيران من جهة، ولكل الدول الخليجية من جهةٍ أخرى، وكذلك للأمة الإسلامية جمعاء.