محمد خواجوئي-
عشية اجتماع مجلس محافظي «الوكالة الدولية للطاقة الذرية»، يدور الحديث عن خلافات بين الولايات المتحدة وأوروبا، على خلفية مساعي الأخيرة لإصدار قرار يدين الجمهورية الإسلامية بسبب برنامجها النووي. ولعلّ النقطة الجديرة بالملاحظة هنا هي أنه، وخلافاً لِما حدث في الماضي، عندما كان موقف الأوروبيين أكثر ليونة تجاه طهران، فإن واشنطن هي التي تعارض هذه المرّة تصعيد التوتّر، والسبب في ذلك، وفق مصادر مطّلعة، يتعلّق بالمفاوضات الأخيرة بين إيران والولايات المتحدة، والتي عُقدت في مسقط.ويبدو أن الملفّ النووي الإيراني سيكون على رأس جدول أعمال الاجتماع ربع السنوي لمجلس محافظي الوكالة، والذي سيُعقد يوم الثالث من حزيران المقبل، في مقرّها في فيينا. وفي هذا الإطار، أفادت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية بأن إدارة الرئيس جو بايدن ضغطت على حلفائها الأوروبيين للتراجع عن خطط «توبيخ» إيران على التقدُّم الذي أحرزته في برنامجها النووي، وذلك في إطار سعيها لمنع تصاعد التوترات مع طهران، قبل موعد الانتخابات الرئاسية الأميركية المقرّرة في تشرين الثاني المقبل. ونقلت الصحيفة عن دبلوماسيين (لم تسمّهم)، قولهم إن «الولايات المتحدة تعارض جهود كلّ من بريطانيا وفرنسا لإدانة إيران خلال اجتماع مجلس الدول الأعضاء في الوكالة الدولية للطاقة الذرية». وبحسب ما ورد في تقرير للوكالة، نُشرت بعض أجزائه في وسائل الإعلام الإثنین الماضي، فإن إيران زادت مخزونها من اليورانيوم المخصّب في الأشهر الأخيرة، 30 مرّة عن الحدّ المسموح به بموجب الاتفاق الدولي المبرم عام 2015، فيما لفت تقرير آخر إلى أنه جرى تعليق المفاوضات بين الوكالة وطهران بعد وفاة الرئيس إبراهيم رئيسي.
وكان المدير العام لـ»الوكالة الدولية للطاقة الذرية»، رافائيل غروسي، زار إيران يومَي 6 و7 أيار الجاري، بهدف التفاوض مع مسؤولي هذا البلد لحلّ القضايا العالقة بين الجانبين، علماً أن الزيارة المشار إليها لم تحقّق نتائج ملموسة، فيما اكتفى الجانبان بالتأكيد على العودة إلى «وثيقة 2023»، ليَظهر وكأنهما لم يجدا آلية أخرى تسهم في وضع نهاية للخلافات بينهما. واتفقت إيران والوكالة، في آذار 2023، على خارطة طريق لوضع نهاية للقضايا العالقة، ومن بينها الملفّ الخاص بأربعة مواقع نووية إيرانية غير معلنة، فضلاً عن آلية تفتيش المنشآت النووية الإيرانية، ولا سيما تركيب كاميرات المراقبة. وفيما يخصّ المواقع الأربعة، تمّت تسوية موقعَين منها فقط، فيما كانت إيران التزمت - في القضية الأخرى - بتركيب نحو 30 كاميرا للمراقبة تابعة للوكالة في منشآتها النووية، ولكن تمّ تركيب 9 كاميرات فقط، علماً أن طهران أحجمت، في الآونة الأخيرة، عن إصدار تأشيرات دخول لمفتّشين ممَّن يحملون الجنسية الأوروبية.
قال مصدر دبلوماسي مطّلع إن المفاوضات الإيرانية - الأميركية توقّفت بعد وفاة الرئيس إبراهيم رئيسي
وفيما كان يُرتقب أن يتفاوض خبراء إيران والوكالة على آلية تفعيل «وثيقة 2023» قبل اجتماع مجلس المحافظين، إلا أن وفاة الرئیس الإیراني، والوفد المرافق له في حادث تحطُّم مروحیتهم الأسبوع الماضي، ودخول إيران في أجواء الانتخابات المبكرة، أعاقا تقدُّم المفاوضات. وفي هذا الوقت، أعدَّت الدول الأوروبية مشروع قرار ضدّ الجمهورية الإسلامية، لا يزال من غير الواضح ما إذا كان سيحظى بالموافقة في الاجتماع المقبل لمجلس المحافظين، نظراً إلى الخلافات بين الأميركيين والأوروبيين.
وتعليقاً على ذلك، أوضح مصدر دبلوماسي مطّلع أن «سبب تجنُّب أميركا زيادة التوتر مع إيران في الوكالة الدولية للطاقة الذرية، يرتبط بالمحادثات الأخيرة بين الجانبَين في مسقط». وکشف المصدر، في حديث إلى «الأخبار»، تفاصيل جديدة عن المحادثات، قائلاً إنه «خلافاً لِما تردّد في بعض وسائل الإعلام عن عقد جولتين فقط من المفاوضات بين إيران وأميركا في مسقط، في أعقاب عملية 7 أكتوبر، فإن الجانبين عقدا 6 جولات منذ ذلك الحين». وبيّن المصدر أن هذه المفاوضات تجري تماشياً مع الخطّة السابقة التي وضعها بريت ماكغورك، كبير مستشاري الرئيس الأميركي لشؤون الشرق الأوسط، بهدف «الحدّ من التوتّر» وليس «خفض التصعيد» مع إيران على المستوى الإقليمي. وأضاف: «في هذه المفاوضات، تصرّ واشنطن على الحفاظ على الوضع الراهن. وعلى هذا الأساس، تواصل إيران تعاونها المستقرّ وبالحدّ الأدنى مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية من أجل مراقبة برنامجها النووي، وفي الوقت نفسه تستطيع طهران الاستمرار في تصدير نفطها من دون تدخّل أميركي». وتابع: «كانت إيران والولايات المتحدة قد أكّدتا، خلال مباحثات عمان، على فصل الملف النووي عن التطوّرات المتعلقة بعملیة طوفان الأقصى. وفي الوقت نفسه، تحدّث المفاوض الأميركي عن عدم إمکانیة بدء المفاوضات النووية حتى تشرين الثاني، نظراً إلى الأجواء الانتخابية التي تشهدها الولايات المتحدة». وقال المصدر الدبلوماسي إن «المفاوضات الإيرانية - الأميركية توقّفت بعد وفاة رئيسي»، مضیفاً أنه «من المرجّح ألا يدخل الجانبان في مفاوضات جديدة حتى معرفة نتائج الانتخابات الرئاسية الإيرانية في 28 حزيران».