«نيويورك تايمز»- ترجمة وتحرير فتحي التريكي - الخليج الجديد-
عادة لا تستغرق الأمور فترة طويلة في المملكة قبل أن ترى أدلة على وجود هواجس تجاه إيران ومدى الحساسية تجاه الشيعة في هذا البلد السني. في المحادثات الأخيرة، سارع المسؤولون الحكوميون والمحللون وأعضاء العائلة المالكة لوصف مدى سخطهم بسبب كون الرئيس الأمريكي «باراك أوباما» لم يجد وسيلة لإزالة الرئيس السوري «بشار الأسد»، الحليف الوثيق لإيران من السلطة.
«كان هذا فشلا أخلاقيا واستراتيجيا لأوباما» وفقا لـ«أسعد الشمان» من المعهد السعودي للدراسات الدبلوماسية.
إيران، التي تغرس مخالبها في صراعات إقليمية عديدة تشكل تحديا كبيرا للمملكة العربية السعودية. لكن تركيز الرياض الأحادي تجاه إيران يحول انتباهها عن قضايا أخرى ملحة وبعضها أقرب إلى ديارها. «الإرهابيون» السنة من «الدولة الإسلامية» يشكلون تهديدا أكثر مباشرة. في العام الماضي، زعمت أفرع تابعة لتنظيم «الدولة الإسلامية» مسؤوليتها عن عدد من الهجمات في المنطقة الشرقية للبلاد، وكان معظم الضحايا ينتمون إلى الأقلية الشيعة في البلاد، مما قد يسهم في تأجيج التوترات الطائفية.
قمت بزيارة المنطقة الشهر الماضي، بعد وقت قصير من هجوم مسلح لتنظيم «الدولة الإسلامية» تسبب في مقتل 5 أشخاص في قاعة الاجتماعات المرتبطة بمسجد في مدينة سيهات. يوم الأربعاء الماضي، في نفس المدينة، قتل المسلحون عضوين من قوات الأمن السعودية. العديد من السكان الشيعة، الذين ينفرون بالفعل من الحكومة، يشعرون بالخوف في واقع الأمر. وفقا لأحد الصحفيين السعوديين فإنهم «يشعرون بالخوف بسبب انتمائهم الديني». النسخة السعودية الوهابية من الإسلام والتي تدعمها الحكومة المحافظة والمجتمع تعتبر الشيعة كفارا، وتبدو الدعاية المناهضة للشيعة أمر شائع.
لم تفعل الحكومة شيئا من أجل تخفيف حدة التوتر. وردا على الهجمات، طلب الشيعة إصدار قانون يجرم ما وصفوه بـ«العنصرية». مجلس الشورى، وهو هيئة استشارية معينة من قبل الملك، رفضت مجرد السماح بمناقشته.
حينما يتعلق الأمر بمكافحة الإرهاب، فإن واشنطن تعطي ولي العهد الأمير «محمد بن نايف»، الشخص الثاني في ترتيب السلطة في البلاد تصنيفا مرتفعا. لكن الكثير من السعوديين قد عانوا من الظلم والعقوبات القاسية. «علي محمد نمر»، على سبيل المثال، يواجه عقوبة الإعدام بسبب الانضمام إلى مظاهرة مناهضة للحكومة في عام 2012 عندما كان عمره 17 عاما.
وفي علامة أخرى على السخط السياسي الداخلي، هناك حديث غير رسمي في بعض الدوائر حول أهمية الانتقال إلى نظام ملكي دستوري إضافة إلى كتابة ميثاق سياسي (دستور) للبلاد. ما لم يتم إعطاء المواطنين دورا في الحكم، فإنه لا توجد وسيلة لحصول جميع الأشخاص على حقوقهم بشكل سليم. قال أحد النشطاء لي أن الهدف من ذلك ليس القيام بثورة وإنما السعي نحو التطور.
يتكلم بعض الشباب السعوديين أيضا عن الحاجة إلى إصلاح (الإسلام الوهابي) الذي يفرض قواعد خانقة وبخاصة على النساء. ولكن الملك «سلمان»، 79 عاما، والذي خلف الملك «عبد الله» في يناير/ كانون الثاني الماضي قد فرض قيودا على الإصلاحات السياسية.
لم تكن العائلة المالكة قادرة على خنق الحديث حول وجود خلافات داخلية، وبخاصة مع ظهور دلائل على وجود صراع على السلطة بين الأمير «محمد بن نايف»، 56 عاما، ونائبه «محمد بن سلمان» البالغ من العمر 30 عاما. أحد الأمراء المجهولين قد ألقى حجرا في المياة الراكدة عقب إصدار مذكرتين ذكرتا لأول مرة في صحيفة «الغارديان» دعا خلالها إلى إزالة الملك، الذي يعاني من مشاكل صحية، ونائبيه.
الكثير من السعوديين والمحللين الأجانب ليسوا متأكدين حقيقة ما الذي يؤهل الأمير الأصغر «محمد بن سلمان»، الذي لم يختبر نسبيا حتى الآن، للعب دور رائد في صناعة السياسة الخارجية لبلاده بما في ذلك تدخل السعودية في اليمن والذي لا تبدو له نهاية في الأفق. في حين يمتدح بعضهم خططه نحو تحرير وتنويع الاقتصاد. ولكن في سبيل استحواذه على قوة، ربما لا يتمتع بها أي أمير آخر في المملكة، فقد وطأ بقديمه الكثير من الأصابع داخل العائلة المالكة.
تأتي خلافات القصر تزامنا مع حالة من عدم الارتياح فيما تواجه البلاد بعض المشكلات الاجتماعية، سوى انخفاض أسعار النفط، «الدولة الإسلامية»، اليمن، وبطبيعة الحال، منافستها إيران.
بعض أعضاء العائلة المالكة يبدون واثقين من أن القيادة الجديدة بمقدورها الصمود في وجه العاصفة. «أنا لا أرى أي علامة على انهيار وشيك»، هكذا قال الأمير «فيصل بن فرحان بن عبد الله آل سعود»، أحد صغار الأعضاء في الأسرة ورئيس لشركة استثمارية. «تحكم العائلة المالكة بالتوافق، وإذا أدت بشكل سيء فإن الشعب سوف يرفضها. لذا فعلى الحكومة أن تتدبر العمل خلال أية مشاكل».