خالد عبدالله الزيارة- الشرق القطرية-
لم يستطع أحد من المحللين أو الخبراء أو اصحاب الرأي الرصين أن يوضح حتى الآن الصورة الواقعية التي ستصل إليها تداعيات الازمة الحادة بين السعودية وايران والتي تفاقمت بشدة على خلفية اعدام الرياض رجل الدين السعودي الشيعي نمر النمر /الثلاثاء/ الماضي، ولم تهدأ الوساطات تلو الوساطات التي تحركت لاحتواء الازمة وسط قلق دولي من تداعيات الازمة.
وتطورت الاحداث سريعا بعد اعلان السعودية قطع العلاقات مع ايران وهو ما انحى جل الخبراء المختصين في الشأن السعودي والإيراني إلى توقعات بأن تشهد العلاقات بين البلدين مزيداً من التوترات التي ستلقي بظلالها حتما على الأوضاع المشتعلة في دول المنطقة، بما يعقد الأمور أكثر ويجعلها أكثر تشددًا خاصة بعد ان لاقى الهجوم على السفارة والقنصلية في ايران إدانة عالمية، وعبر مجلس الامن في بيان له عن قلقه العميق ازاء هذه الهجمات وطالب طهران حماية المنشآت الدبلوماسية والقنصلية وطواقمها، واحترام التزاماتها الدولية في هذا الشأن.
الحراك الشعبي في المنطقة ساهم كذلك في تعقيد الازمة بعد ان ظهرت اطراف محسوبة آثرت الانحياز إلى طرف دون الآخر مما ينذر بأن تشهد الأيام المقبلة مزيدا من أعمال الاحتجاج الشعبي بين الطوائف الشيعية في دول الخليج العربي منها "البحرين، الكويت، اليمن" وأيضا في الداخل السعودي تحديدا مدينة القطيف ذات الأغلبية الشيعية، بدعم من النظام الإيراني.
عدم جدية طهران ومسؤوليها في المبادرة باتخاذ اجراء وقائي يتجاوب مع المساعي الدولية يزيد من تعقيد الموقف، وقد استهجن متابعون تلفظ احد مسؤولي ايران بتفوهه بكلمات لا ترقى إلى اي قدر من المسؤولية تجاه خطورة ما يحدث، حين قال بكل سخرية: "السعودية ستعاني من قطع العلاقات مع ايران، حتى وإنْ دعمها بلد كبير مثل جيبوتي" فهل هذا كلام مسؤولين يحمل حسن نوايا تجاه ازمة جادة، ولم هذا الاستهتار بدول لا علاقة لها بهذه الازمة.. مما دعى ستيفان دوجاريتش المتحدث باسم المبعوث الدولي إلى سوريا بقوله: "إن الموفد الدولي يعتبر ان الازمة في العلاقات بين السعودية وايران مقلقة جدا، وقد تتسبب بسلسلة عواقب مشؤومة في المنطقة".
لا زالت الاصوات الحكيمة تتواصل في العديد من العواصم العربية والاسلامية والدولية منذ بداية تصاعد الازمة، وتحركت الامم المتحدة لتدارك تداعياتها، فالمجتمع الدولي يعي تماما ان الاوضاع في المنطقة لا تستحمل اكثر مما هي فيه من توترات، بل إن كثيرا من الدبلوماسيين والمحللين الذين شاركوا بآرائهم في الاونة الاخيرة؛ اتفقوا على ان هذه الازمة سوف تتسبب بزيادة التوتر في هذه المنطقة الملتهبة، ويخشون ان تمتد إلى الاحداث الامنية في نزاعات الشرق الاوسط، وجل ما نتمناه ان لا تتسبب هذه الازمة وزيادة التوترات بين الرياض وطهران في مواجهة مباشرة بين الجانبين.
لا نملك في هذا الصدد إلا ان ندعو القادة في ايران العودة إلى الرشد والوقوف مع المجتمع الدولي لمحاولة نزع فتيل الازمة، فقول المرشد الأعلى للجمهورية الإيرانية علي خامنائي مهددا "إن إعدام النمر سيطال النظام السعودي" لا يقبله عقل ولا منطق، فكل من تابع رسائل كبار المسؤولين في طهران يدرك التشنج والانحيازية في خطابهم السياسي وخلوه من الحكمة التي ممكن ان تساعد على فتح طرق سالكة لمفاوضات ثنائية تقدم مع وساطات خارجية. وسلامتكم