حسن عبدالله عباس- الراي الكويتية-
اشتعلت الحرب الكلامية بين ايران والسعودية. فهل ستشتعل الحرب العسكرية بينهما؟من يراقب تصرفات الطرفين على مدار العقود الأربعة الماضية يعلم جيدا أنهما لا يريدانها حرباً مباشرة. ومع أن ذلك صحيحاً، لكن جميع المشاكل التي حصلت وما زالت تحصل في المنطقة هي بسبب سياسة التناقض التي يمارسها الطرفان ضد بعضهما. فلكل طرف مصالحه الخاصة ويريد أن يبسط نفوذه أكبر على حساب الآخر.
فهذا واضح في سورية واليمن ولبنان، وواضح في الموقفين المتناقضين في الحرب العراقية الايرانية، وهذا أيضا واضح في طبيعة التعامل مع الدور الأميركي في المنطقة، كما أن الامر يبدو جلياً عند التعاطي مع القضية الفلسطينية والموقف من السلام مع اسرائيل. فلكل طرف مصالحه الخاصة والمتضاربة مع الطرف الثاني مما يُحتم عليه الوقوف لجانب مضاد للآخر.
الشيء المستجد الآن والمختلف عن السابق في الأزمة الجديدة هو ظهور التوتر المُعلن بشكل مباشر بينهما بسبب الأزمة التي تفجرت بعد اعدام المعارض السعودي الشيعي الشيخ نمر النمر. فوقوف ايران بوجه الحكم القضائي السعودي ينطلق من رمزية العمامة التي يضعها الشيخ، في حين ينطلق الموقف السعودي من زاوية عدم سماح بالتدخل بالشأن الداخلي.
فما يُضعف الموقف الإيراني أن ادعاءهم بعدم التدخل بالشؤون الداخلية للدول الخليجية يتناقض مع موقفها من الشيخ النمر. وهو الكلام الذي تناقضه أفعالها خصوصا فيما يخص اتهامات مملكة البحرين المستمرة لايران بمساندة المعارضة الشيعية في الداخل.
أما ما يُضعف الموقف السعودي فهي ازدواجية تعاملها مع الخارج فيما يتعلق بشؤونها الداخلية. فهي مثلاً تشددت وبصوت مرتفع جداً مع الإيرانيين فيما يخص النمر، لكنها لم تفعل الشيء ذاته بالنسبة للمواطن السعودي رائف البدوي بعدما عارضت المؤسسات المدنية الدولية لحكم القضاء السعودي القاضي بجلد المدوّن (ألف جلدة بمعدل 100 سوط أسبوعيا)، فتوقفت المملكة بسبب هذا الضغط عن الاستمرار بعدما أوجعت ظهره الأسبوع الأول.
لكن التاريخ الطويل من المشادات والتي وصل أوجها في الملف السوري كفيل أن يجعلنا نقتنع بأن الطرفين لا يريدانها صداماً مباشراً. فمن المستبعد كثيراً بحسب الخبراء أن يدخل الاثنان في حرب عسكرية. لكن هذا لا ينفي أن لدى الطرفين أوراقاً كثيرة تُمكّن كل طرف من إزعاج الطرف المقابل. فلدى السعودية مثلاً ورقة المعارضة السورية التي مازالت قادرة أن تُناور وتستنزف من الميزانية الإيرانية الشيء الكثير. الإيرانيون كذلك لديهم ورقة المعارضة اليمنية.