ستراتفور- ترجمة: علاء البشبيشي- شؤون خليجية-
* الملخص:
- تصاعد الغضب الإيراني بوتيرة سريعة بعدما نفذت المملكة العربية السعودية حكم الإعدام بحق رجل الدين الشيعي السجين، الشيخ نمر النمر، في ثاني أيام العام الجديد 2016.
- بلغ التوتر ذروته في عطلة نهاية الأسبوع، ما أدى في نهاية المطاف إلى انهيار العلاقات الدبلوماسية بين الرياض وطهران.
- وقعت اللحظة الفاصلة حينما اقتحم آلاف المتظاهرين الإيرانيين السفارة السعودية في طهران، وسلبوا محتوياتها.
* التحليل:
(محتجون إيرانيون يحرقون السفارة السعودية في طهران يوم 2 يناير، خلال مظاهرة ضد إعدام السلطات السعودية رجل الدين الشيعي الشيخ نمر النمر). (محمد رضا نادمي /أ ف ب /جيتي إيميدجز)
أصبح اجتياح مقرات البعثات الدبلوماسية الأجنبية في إيران وسيلة شعبية للإعراب عن الغضب، ودائمًا ما تأتي المشاركة الرسمية كخطوة لاحقة. وفي كثير من الأحيان كان من الصعب العثور على دليل يثبت هذه المشاركة، لكن اقتحام السفارة السعودية- مثلما حدث في حالات سابقة- يحمل العديد من مؤشرات الموافقة الرسمية على الاجتياح الشعبي:
- في 2 يناير، أدان الجيش الإيراني والزعماء الدينيون والسياسيون، بمن فيهم المرشد الأعلى، إعدام "النمر" وأطلقوا تهديدات مبطنة ضد آل سعود.
- بعد ظهر اليوم ذاته، أغلقت المدارس الدينية التي تسيطر عليها الدولة أبوابها احتجاجًا على تنفيذ حكم الإعدام.
- في غضون ساعات قليلة، أفادت وسائل الإعلام الإيرانية أن طلاب المعاهد الدينية في طهران بدأوا الاحتجاج أمام السفارة السعودية.
- بعد فترة وجيزة، بدأت الحشود بإلقاء عبوات حارقة على المبنى، قبل اقتحامه ونهب محتوياته.
- لم تبدأ الشرطة التدخل سوى في الساعات الأولى من صباح 3 يناير، بعدما كان المتظاهرون قد نهبوا مكاتب السفارة، ولم يُعتَقَل سوى 40 شخصًا من أصل ألفٍ تقريبًا.
هذا يعيد للأذهان تصدُّر مجموعة من الطلبة الدينيين اقتحام السفارة الأمريكية في طهران، عام 1979، قبل أن ينزلق الوضع إلى ما أصبح أزمة رهائن مثيرة وطويلة. وفي عام 2011، نشط الطلاب مرة أخرى في الهجوم على السفارة البريطانية.
تسهيل الهجوم
مرَّت عدة ساعات بين الاحتشاد الأول واقتحام السفارة، ولم تتدخل الشرطة إلا بعدما بدأ المتظاهرون عمليات النهب، ولم يطالب المسؤولون بالهدوء إلا عندما بلغ الموقف ذروته، والتهمت النيران مبنى السفارة.
وفي ظل غياب المعلومات الاستخباراتية الدقيقة، سيكون من الصعب إثبات أن المسؤولين الإيرانيين هم الذين حرَّضوا على الهجوم. لكنهم برغم ذلك خلقوا مناخًا شجَّع على الهجوم، وسهَّله، ثم فشلوا في اتخاذ الإجراءات اللازمة لوقفه حتى وقعت أضرار جسيمة.
مسؤولية تأمين السفارات
وبموجب اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية، التي وقَّعت عليها إيران، تقع المسؤولية الأساسية عن أمن البعثات الدبلوماسية الأجنبية على البلد المضيف. بيدَ أن البلد الذي يقع فيه مقر البعثة عندما يكون غير قادر على توفير الأمن، أو حتى غير راغب في ذلك، تصبح المقرات الدبلوماسية عرضة للهجوم.
وتهدف الإجراءات الأمنية، حتى في المنشآت الدبلوماسية التي تحظى بدفاعات جيدة، إلى حماية المقرات ضد التفجيرات وعمليات الاقتحام المفاجئ، وتوفير وقت يسمح للأجهزة الأمنية التابعة للدولة المضيفة أن تستجيب للحدث. لكن لا توجد سفارة حول العالم منيعة ضد الهجوم الذي يستمر لفترة طويلة، وتشنه حشود غوغائية أو جماعات مسلحة.
في السنوات الأخيرة، تعرضت المنشآت الدبلوماسية في عدة بلدان لأضرار جسيمة؛ نتيجة:
- عنف الغوغاء، مثلما حدث في تونس خلال شهر سبتمبر 2012، وطرابلس الليبية في مايو 2011.
- أو بسبب هجوم مسلح متواصل، مثلما حدث للسفارة الأمريكية في بنغازي الليبية.
مخاطر محتملة
حتى الآن، اقتصرت الاحتجاجات العنيفة المناهضة للمملكة على إيران، لكن أُبلِغ عن احتجاجات سلمية أخرى أمام المقرات الدبلوماسية السعودية في باكستان والهند ولبنان.
ويرجح أن تصبح البعثات الدبلوماسية السعودية، ورموز أهل السنة بشكل عام، أهدافًا أكثر وضوحًا في الأيام المقبلة مع انتشار الاحتجاجات.
توصيات وقائية
على وجه التحديد، ينبغي على البلدان ذات الكثافة السكانية الشيعية الكبيرة، التي تستضيف تواجدًا دبلوماسيًا سعوديًا، أن تستعد لمظاهرات عنيفة محتملة.
وفي المقابل، ينبغي أن تُرفَع درجة التأهب لدى البعثات السعودية الواقعة في البلدان المذكورة، إلى جانب نيجيريا والعراق، حيث افتتح السعوديون سفارتهم بعد 25 عامًا، باعتبارها أكثر عرضة للهجوم من غيرها.
وسيكون من المهم للمسؤولين السعوديين قياس مدى استعداد الدول المضيفة لحراسة المنشآت الدبلوماسية التابعة للمملكة، وإذا لم تُوَفَّر مثل هذه الحماية، ينبغي أن تسحب السعودية موظفيها لحمايتهم من التعرض للقتل أو الاحتجاز كرهائن.
رهائن قطر في العراق
وهناك نقطة توتر محتملة أخرى، تجدر مراقبتها، تتمثل في فريق الصيد القطري الذي يحتجزه رجال القبائل الشيعة في العراق. بالنظر إلى أن رجال القبائل كانوا قد طالبوا بالإفراج عن النمر في مقابل القطريين المحتجزين.
صحيح أن تحقيق هذا المطلب كان نتيجة مستبعدة تمامًا، إلا أن إعدام النمر في خضم مفاوضات الرهائن لا يبشر بالخير بالنسبة للقطريين.