علاقات » ايراني

لهذه الأسباب .. ليس من المرجح أن نشهد حربا مباشرة بين السعودية وإيران

في 2016/02/08

المونيتور- ترجمة وتحرير فتحي التريكي - الخليج الجديد-

نشرت صحيفة «المونيتور» مقالا تحليليا للكاتب الإيراني «علي عميدي» الباحث في العلاقات الدولية في جامعة أصفهان، تناول خلاله آفاق التصعيد في العلاقات السعودية الإيرانية، مرجحا عدم إمكانية تحول هذا التصعيد إلى حرب مباشرة بين البلدين في ظل المعطيات الحالية.

وأشار المقال إلى أن جدار عدم الثقة بين الرياض وطهران قد نما ليصبح أكثر سمكا؛ حيث دفعت الحروب الأهلية في سوريا واليمن الجانبين إلى مواجهات عسكرية غير مباشرة. مؤخرا، ومع قيام الرياض بإعدام رجل الدين الشيعي «نمر النمر» وما تلاه من اقتحام السفارة السعودية في طهران وصولا إلى قرار السعودية بقطع العلاقات مع إيران بعد أن تم اقتحام منشآتها الدبلوماسية من قبل المتظاهرين الإيرانيين، مع قيام دول مثل السودان والصومال والبحرين وجيبوتي باتخاذ خطوات مماثلة، كل ذلك فتح فصلا جديا في العلاقات السعودية الإيرانية.

في هذه الأجواء، ووفقا للكاتب، فإن إمكانية المواجهة العسكرية المباشرة بين البلدين غير مرجحة، ويرجع ذلك إلى خمسة أسباب رئيسية في نظره.

أولا، يشير المقال إلى أنه في النظام السياسي المعقد في إيران، يتم انتخاب الفروع التنفيذية والتشريعية عن طريق التصويت الشعبي، على الرغم من أن قيام مجلس صيانة الدستور بفحص المرشحين يجعل العملية خاوية في شقها العملي. في ظل هذا النظام السياسي، فإن اتخاذ قرار الدخول في حرب ليست مهمة سهلة. لذلك، في حين أن بعض القادة قد يضربون طبول التصعيد، فإن احتمال نشوب حرب صريحة تعتمد على عوامل مثل ما إذا كان هناك إرادة سياسية لمثل هذا العمل وكيفية اختيار البلدين لطريقة معالجة الأزمة في العلاقات بينهما. وخلاصة القول، وفقا للمونيتور، فإن الانخراط في الحرب ليست شيئا يمكن القيام به من جانب واحد. وعلاوة على ذلك، فإنه يبدو أن الحكومة الإيرانية ليس لديها أي حوافز حاليا لزيادة التوتر، كما يتضح من إدانة الهجوم على السفارة السعودية في طهران من قبل مثلث القوى في السياسة الخارجية الإيرانية، وهو يشمل المرشد الأعلى «آية الله علي خامنئي»، والرئيس «حسن روحاني»، ووزير الخارجية« محمد جواد ظريف». وأشار الكاتب أن البلدين قد عمدا إلى إظهار حسن النية في هذا الصدد، حيث أعلنت إيران أيضا أنها سوف تستمر في إرسال الحجاج إلى المملكة العربية السعودية لموسم الحج هذا العام. وقد أعلنت المملكة أيضا عن ترحيبها بتلقي طلبات الحج من قبل الحجاج الإيرانيين.

ثانيا، فإن معظم زعماء إيران الحاليين قد شاركوا في الحرب المدمرة ضد العراق، وهم يعون تكاليفها بشكل واضح كما يشير المقال. تولى «روحاني» العديد من المناصب العسكرية خلال الصراع، في حين ظريف ونوابه أيضا يتذكرون معاناة تلك الحقبة بوصفهم دبلوماسيين. كما خدم «خامنئي»، الذي كان رئيسا في ذلك التوقيت، في الحرب أيضا بصفته رئيسا للمجلس الأعلى للدفاع، في حين شغل «رفسنجاني» بحكم الأمر الواقع منصب القائد العام للقوات المسلحة الإيرانية. وحتى رئيس البرلمان الإيراني، «علي لاريجاني»، فقد خدم كقائد مع فيلق الحرس الثوري الإسلامي (الحرس الثوري الإيراني). 

ثالثا، فإن طبيعة الأزمة الحالية تجعل من الحرب خيارا غير مرجح. ونقل المقال عن «تشارلز هيرمان»، المحلل الشهير للقضايا المتعلقة بالسياسة الخارجية للولايات المتحدة، قوله أن إدارة الأزمات واتخاذ القرارات، ومحددات الأزمة تكمن في 3 عناصر هي التهديد والوقت والمفاجأة. إذا كان الأمر يمثل تهديدا للمصالح الحيوية للدولة فإنه لا يسمح سوى بوقت قصير من أجل اتخاذ القرارات، كما يجب اعتبار إذا ما كان الأمر مفاجئا بالنسبة إلى صناع القرار. وفق الكاتب، عندما يتعلق الأمر بإيران والسعودية، فإن طبيعة الأزمة التي لا تستوفي هذه المعايير. ويشير إلى أن إن لهجة المملكة العربية السعودية ضد إيران قد خفت حدتها في الفترة الأخيرة. مستشهدا بتأكيد نائب ولي العهد السعودي الأمير «محمد بن سلمان» في حواره مع صحيفة إيكونوميست بالقول أنه: «من يدفع نحو حرب بين السعودية وإيران هو شخص ليس في كامل قواه العقلية».

رابعا، على الصعيد الدولي، ووفقا للكاتب، فإن المملكة العربية السعودية تعتقد أنه في حال وقوع مواجهة عسكرية مع إيران، فإن الولايات المتحدة وبقية الغرب لن يقف بجانبها بل إن بعض هذه القوى قد تقف في صف طهران. مشيرا إلى أن قرار الرياض لقطع العلاقات مع طهران لم يلق عمليا أي دعم دولي، خارج الخليج، سوى من بعض الدول التي لا تلعبب دورا هاما في معادلات القوى الدولية. 

وأخيرا ، يشير المقال إلى أن أيا من الطرفين لا يضمن فوزا مؤكدا في تلك الحرب المحتملة. المملكة العربية السعودية وإيران قد يوجهان ضربات إلى بعضهما البعض، ولكن كلا منهما يعي جيدا أن لا يملك القدرة على تدمير الجانب الآخر أو فرض تغيير النظام. المملكة العربية السعودية لديها تفوق في الطائرات الحربية والمعدات العسكرية الحديثة، في حين أن إيران تمتلك قدرات صاروخية وخبرات عسكرية أفضل. وعلاوة على ذلك، فإن التوترات المحتملة في المنطقة الشرقية الغنية بالنفط في المملكة العربية السعودية، والتي تقطنها أغلبية شيعية هو أمر لا يمكن تجاوزه. وأخيرا، سيطرة إيران على مضيق هرمز الذي تمر عبره الكثير من التجارة السعودية يمثل عاملا آخر للوقاية، حيث ستتطلب الحرب توجيه التجارة السعودية نحو البحر الأحمر وهو أمر ليس ممكنا في المدى القصير.