متابعات-
كشف تقرير أمريكي أن الصين هي التي تقف وراء التقارب الكبير الذي حدث، مؤخرا، بين دولة الإمارات وإيران، وكان أحد إرهاصاته توقيع اتفاقية بين البلدين في مجال حماية أمن الحدود، نهاية يوليو/تموز الماضي، مضيفا أن السعودية باتت مؤيدة للإمارات في هذا الحراك.
وقالت نشرة "ذا ديفينس أفيرز"، الشهرية، إن الخطوة الصينية جاءت على أرضية الشكوك الخليجية الأخيرة في نوايا الولايات المتحدة، وشعورهم بأن واشنطن تسعى لاستمرار حالة التصعيد في المنطقة، وهي الشكوك التي دعمها عدم استجابة الرئيس الأمريكي؛ "دونالد ترامب"، لمطالب سعودية إماراتية بتوجيه ضربة عسكرية، ولو محدودة، لإيران، بعد هجمات الناقلات.
وتشير النشرة، التي نقلت عنها "العربي الجديد"، الجمعة، إلى أن كل من الرياض وأبوظبي كانتا تعتقدان أن الولايات المتحدة ستشن حربا سريعة على إيران، شبيهة بحرب العراق، وعندما لم يحدث، بدأ وليا عهديّ أبوظبي؛ "محمد بن زايد"، والسعودية؛ "محمد بن سلمان"، التفكير في طلب الحماية من الصين.
واستشهد التقرير بتصريح المليادير الإماراتي؛ "خلف الحبتور"، المقرب من "بن زايد"، والذي قال فيه إن "على أمريكا سحب قواتها من الخليج" وإن "ترامب خذلنا ولم يضرب إيران".
وقال التقرير إن "بن زايد" طلب من الرئيس الصيني؛ "شي جين بينغ"، خلال زيارته الأخيرة إلى بكين، في يونيو/حزيران، التوسط لدى طهران، فأرسل الرئيس الصيني، مسؤول العلاقات الخارجية بالحزب الشيوعي؛ "سونغ تو"، إلى طهران لبحث ترتيبات أمنية جديدة في الخليج، بإشراف بكين وموسكو.
وخلال لقاءات مع كبار المسؤولين في إيران، والدائرة المقربة من المرشد الأعلى الإيراني؛ "علي خامنئي"، طلب المسؤول الصيني من إيران التقارب مع أبوظبي والرياض.
ويضيف التقرير أنه بناء على ذلك رتبت الحكومة الصينية أول لقاء سري بين أبوظبي وكبار المسؤولين في إيران في 26 يوليو/ تموز الماضي.
وفي 30 يوليو/تموز، يقول التقرير، أرسلت أبوظبي وفداً ضم ممثلاً شخصياً لولي العهد، لمناقشة الترتيبات الأمنية الجديدة مع طهران، وجرت المحادثات تحت غطاء مفاوضات "حرس الحدود".
ويقول التقرير الأمريكي إن الممثل الخاص لولي العهد الإماراتي أكد للإيرانيين أن بلاده على استعداد لإجراء تغيير جذري في علاقاتها معهم، بما في ذلك التقارب السياسي وتوسيع العلاقات التجارية.
وحسب التقرير أثار المسؤولون الإيرانيون مع الوفد الإماراتي قضية موقف السعودية من هذه الترتيبات الأمنية الجديدة.
وكان رد الوفد الإماراتي أن كل هذه الترتيبات، بما في ذلك الوساطة الصينية للتقارب مع إيران، تمت بالتنسيق بين "بن زايد" و"بن سلمان".
وأضاف التقرير "بناءاً على هذه الترتيبات جاءت تصريحات وزير الخارجية الإيراني محمد جواد طريف في نهاية يوليو/تموز الماضي، التي قال فيها إن إيران جاهزة للحوار مع السعودية".
وأشار التقرير إلى أن النفوذ المتزايد للصين وروسيا في منطقة الخليج، والذي تزايد بشكل غير مسبوق مؤخرا، ستكون له تداعيات مستقبلية على أسعار النفط وتسعيره بالدولار، أي ما يطلق عليه "البترودولار"، وهو ما يضيف بعد الطاقة، إلى حروب الرسوم والعملات والتقنية في النزاع التجاري المتشعب والشرس بين الولايات المتحدة والصين.
ولفت التقرير إلى المصالح النفطية والتجارية لبكين مع الخليج، حيث بلغت واردات الصين 9.7 ملايين برميل يومياً من النفط من الخليج، خلال يونيو/ حزيران الماضي.
وتأتي معظم هذه الصادرات من منطقة الخليج، وعلى رأسها السعودية، إذ بلغت واردات الصين من النفط السعودي 19.5% من إجمالي استهلاكها أو 1.9 مليون برميل يومياً في يونيو/حزيران.
كما تستورد الصين كميات نفط ضخمة من الإمارات. وتعد دبي من أهم مراكز تسويق البضائع الصينية في المنطقة العربية.
وبالتالي فإن الصين مهتمة بحماية المرور الآمن للنفط عبر مضيق هرمز، ومهتمة كذلك بتوسيع تجارتها مع دول الخليج.
وبالنسبة لروسيا، فلها أيضا مصالح نفطية واسعة في المنطقة، خاصة في إيران التي لديها شراكة طاقة واتفاقيات لتطوير النفط والغاز مع موسكو.
وفي هذا الصدد ينقل التقرير عن مدير معهد الطاقة الوطنية الروسي؛ "سيرغي برافوسودوف"، قوله: "يجب أن يكون مفهوماً أن إيران تحتل المرتبة الثانية في العالم من حيث احتياطي الغاز، بعد روسيا. وهي قريبة بما فيه الكفاية من الأسواق الأوروبية، أي من سوق تصريف الغاز الروسي".
وتتخوف موسكو من قيام واشنطن بعمل يؤدي إلى تغيير النظام الحالي في إيران، ويأتي بنظام موال لواشنطن.
ويشير الخبير الروسي "ألكسندر كريلوف" إلى أن تغيير النظام في طهران إلى نظام مؤيد لأمريكا، لن يخدم مصلحة استراتيجية الطاقة الروسية، لأنه يمنح إيران الفرصة لتصدير الغاز الطبيعي إلى أوروبا ومحاصرة الغاز الروسي.