كيم غطاس- فايننشال تايمز - ترجمة الخليج الجديد-
اعتبرت صحيفة "فايننشال تايمز" أن التقارب السعودي الإيراني الأخير، برعاية صينية، هو محاولة من الرياض لكسب الوقت والتقاط الأنفاس بعد وصول التوتر الناجم عن التهديدات الإيرانية إلى "مستويات لا تطاق" باتت تهدد خطط المملكة لتحقيق نمو اقتصادي طال انتظاره.
وأوضح المقال الذي كتبته اللبنانية كيم غطاس، وترجمه "الخليج الجديد"، أن ما فعله السعوديون الآن هو تقريبا ما نصحهم به الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما، عام 2016، حيث دعا في مقابلة مع مجلة "ذي أتلانتيك"، السعودية وإيران إلى التغلب على خلافاتهما وإيجاد "طريقة فعالة لمشاركة الجوار وإقامة نوع من السلام".
وجاءت دعوة أوباما، آنذاك، بعد نحو عام من توقيعه اتفاقًا نوويًا تاريخيًا مع طهران، أغضب الرياض بشدة.
ولذلك، ترى الكاتبة أنه كان من اللافت، بعد إعلان بكين عودة العلاقات الطبيعية بين المملكة العربية السعودية وإيران، قراءة تغريدة وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، التي جاء فيها أن دول المنطقة "تشترك في مصير واحد".
وتقول إنه بعد عدة أعوام من التفاخر والمغامرة، من الحرب المدمرة في اليمن إلى المقاطعة غير المجدية لقطر، يبدو أن المملكة تعود إلى البرجماتية المحسوبة التي كانت تميز سياستها الخارجية، وهو جوهر ما كان ينصحها به أوباما.
وتلفت الكاتبة إلى أن الإعلان عن استئناف العلاقات الدبلوماسية بين طهران والرياض جاء في الوقت الذي تحدد فيه المملكة شروطها لتطبيع العلاقات مع إسرائيل، بما في ذلك الضمانات الأمنية والمساعدة النووية الأمريكية.
وتقول إنه بعد عامين من المحادثات التي رعاها العراق وعمان، جاء اتفاق بكين.
وترى الكاتبة أن هذه المرة تحرص طهران أكثر من أي وقت مضى على إنهاء عزلتها واكتساب الشرعية في الداخل، لكن لن يجلب الاتفاق مع السعودية قبولًا أوسع لإيران أثناء دوران أجهزة الطرد المركزي النووية خاصتها.
وتقول كيم غطاس إن الصفقة في بكين حدثت بعد عامين من المحادثات التي رعاها العراق وعُمان، وبعد مستويات لا تُحتمل من التوتر والتهديدات الإيرانية التي كادت تودي بالنمو الاقتصادي السعودي.
وقال مسؤول سعودي للكاتبة في العام الماضي، إنهم باتوا واضحين حول أهمية بقاء أي اتفاق، ولم يكن لديهم أي خيار سوى التواصل مع طهران. وعليه، فالسعودية تشتري الوقت وتفتح نافذة للتنفس، وفق المقال.
وكان ولي العهد السعودي واضحا بأنه لن يأخذ الوعود الإيرانية على محمل الجد، رغم الاتفاق الأخير. ففي فترة التقارب الماضي، قامت إيران ببناء مشروعها النووي، ووسّع الحرس الثوري تأثيره في المنطقة.
وفي الوقت الذي يُنظر فيه للوساطة الصينية بأنها وخزة في عين واشنطن، فإن الصين هي الدولة الوحيدة التي تمتلك التأثير الكافي على الطرفين.
وتقول الكاتبة إنه في البداية، قلقت واشنطن من دور الصين، لكنها تبنّت موقفا براجماتيا.
ونقلت الكاتبة عن مسؤول أمريكي قوله: "نتعامل مع الأمر بإيجابية"، مضيفا أن "الولايات المتحدة لو كانت أدارت العلاقات مع السعودية بشكل جيد، لأخبرتهم بالمحادثات في وقت سريع، ولم تكن لتنتظر حتى الساعات الأخيرة".
وترى الكاتبة أن هذا درس يدعو واشنطن لإدارة العلاقات بشكل جيد كي لا تخسر مجال تأثير جديد في الشرق الأوسط.
وستكون الطريقة التي ستبني بها واشنطن على الخطوة الأخيرة للرياض بمثابة اختبار لهذا النهج.