إنترسبت - ترجمة الخليج الجديد-
مع اقتراب الإعلان عن اتفاق جديد لهدنة طويلة الأمد في اليمن، وتشمل بنودا موسعة تهدف للتوصل إلى اتفاق شامل لإنهاء الحرب، تتزايد التساؤلات حول دور الصين المؤثر في المنطقة والتي ربما قد يساعد الرياض على الخروج من مأزق اليمن.
جاء الحديث عن إنهاء الحرب في اليمن، بعد التقارب السعودي الإيراني برعاية صينية، ما دفع موقع "إنترسبت" الأمريكي في تقرير له، للتساؤل عما إذا كانت بكين قد نجحت بالفعل فيما فشلت فيه واشنطن بخصوص المساعدة في إنهاء الحرب اليمنية.
ولفت التقرير الذي ترجمه "الخليج الجديد" إلى أن غياب الرئيس الأمريكي جو بايدن، مهد للدبلوماسية الصينية المسرح لتنازلات سعودية ومحادثات وقف إطلاق النار في اليمن.
ووفق التقرير فإن "الحرب في اليمن باتت على وشك الانتهاء"، وهو ما أكدته السعودية وجماعة "أنصار الله" (الحوثيون)، حينما أعلنا التوصل لتفاهم حول وقف الحرب اليمنية الممتدة منذ أكثر من 8 سنوات.
تطابق ذلك مع ما أوردته "رويترز"، مؤكدة أن مبعوثين سعوديين سيتوجهون إلى صنعاء لمناقشة شروط "وقف دائم لإطلاق النار".
والأمر المذهل هنا هو الدور الواضح للصين، والغياب التام للولايات المتحدة وبايدن، في إبرام الصفقات، بحسب التقرير.
وينقل التقرير عن تريتا بارسي، نائب الرئيس التنفيذي لمعهد كوينزي لفن الحكم المسؤول، قولها: "بعد عامين من رئاسته، ربما تكون الصين قد أوفت بهذا الوعد".
وتضيف: "لقد مكنت عقود من السياسة الخارجية الأمريكية العسكرية في الشرق الأوسط الصين من لعب دور صانع السلام، في حين أن واشنطن عالقة وغير قادرة على تقديم أكثر بكثير من صفقات الأسلحة والضمانات الأمنية غير المقنعة بشكل متزايد".
وتتابع بالقول: "وعد بايدن بإنهاء الحرب في اليمن، وبعد عامين من رئاسته، ربما تكون الصين قد أوفت بهذا الوعد".
ودعمت الولايات المتحدة دائمًا السعودية إلى أقصى حد، وعارضت بشدة الحوثيين المدعومين من إيران، والآن انتزعت الصين من السعوديين تنازلات جعلت محادثات وقف إطلاق النار ممكنة، وفق التقرير.
ويبدو أن السعوديين يستسلمون بالكامل لمطالب الحوثيين، والتي تشمل فتح الميناء الرئيسي للسماح بوصول الإمدادات الحيوية إلى البلاد، والسماح للرحلات الجوية إلى صنعاء، والسماح للحكومة بالوصول إلى عملتها لدفع رواتب عمالها وتحقيق الاستقرار الاقتصادي.
يقول إريك سبيرلينج المدير التنفيذي لتحليل السياسية الخارجية التي تعمل على إنهاء الحرب في اليمن منذ سنوات، إن "التنازلات السعودية، بما في ذلك الرفع المحتمل للحصار والخروج من الحرب، تُظهر أن أولويتها هي حماية الأراضي السعودية من الهجوم والتركيز على التنمية الاقتصادية في الداخل".
ويضيف: "هذا يختلف عن النهج الذي يفضله العديد من نخب السياسة الخارجية في واشنطن الذين ظلوا يأملون في أن تجبر الحرب السعودية والحصار الحوثيين على تقديم تنازلات والتنازل عن المزيد من السلطة للحكومة اليمنية المدعومة من الولايات المتحدة".
ووفق تقرير "إنترسبت"، فإن الاتفاق اليمني مدعوم بصفقة أخرى توسطت فيها الصين للتقارب بين إيران والسعودية، حيث التقى وزيرا الخارجية الإيراني والسعودي الخميس في بكين، لوضع اللمسات الأخيرة على اتفاق يعيد الرحلات الجوية المباشرة بين الرياض وطهران، ويعيد فتح السفارات ويوسع التعاون التجاري.
تقول بارسي: "يبدو أن النطاق الكامل لهذا الأمر لم يكن مرجحًا بدون التطبيع السعودي الإيراني الذي توسطت فيه الصين، ومن غير الواضح ما إذا كانت الصين قد لعبت دورًا حاسمًا في البعد اليمني".
وتضيف: "ستنسب بكين بعض الفضل إليها بسبب دورها في الجمع بين الرياض وطهران".
وكانت السياسة الأمريكية تجاه الصراع في اليمن معادية للسلام لدرجة أنها تمكنت من فعل المستحيل، أي أنها جعلت السعودية تبدو عقلانية بالمقارنة.
وذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" الخميس، أن الولايات المتحدة محبطة للغاية من الطريقة المعقولة التي تتصرف بها الأطراف المختلفة.
وفي زيارة غير معلنة للسعودية في وقت سابق من هذا الأسبوع، أعرب مدير وكالة المخابرات المركزية وليام بيرنز عن إحباطه من السعوديين، وفقًا لأشخاص مطلعين على الأمر.
وأخبر ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان أن الولايات المتحدة شعرت بالصدمة من تقارب الرياض مع إيران وسوريا، وهما دولتان لا تزالان تخضعان لعقوبات شديدة من الغرب تحت رعاية خصوم واشنطن العالميين.
كل هذا جزء من برنامج أكبر للدبلوماسية الصينية، على عكس قعقعة السيوف الأمريكية، في الشرق الأوسط.
وقال وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان" علنًا، إنه "عقد أيضًا اجتماعاً موسعًا لمدة ساعتين مع نظيره الفرنسي أثناء تواجده في الصين. وتأتي الاجتماعات قبل قمة إقليمية مقررة تنظمها الصين وتضم السعودية وإيران".
ومع توقف السعوديين عن دعم المسلحين في حرب اليمن، فلن يكون لدى تلك الفصائل المتناثرة الكثير من القدرة للقتال على الرغم من أنه من المحتمل استمرار بعض الاشتباكات قبل التوصل إلى سلام نهائي.
وقال بعض المراقبين، إن الولايات المتحدة لا يزال بإمكانها مساعدة الجهود المبذولة لإنهاء الحرب في نهايتها.
يشير حسن الطيب المدير التشريعي لمنطقة الشرق الأوسط لدى لجنة أصدقاء للتشريعات الوطنية الامريكية، إلى أنه "حان الوقت لأن تفعل الولايات المتحدة كل ما في وسعها لدعم هذه المفاوضات لإنهاء الحرب أخيرًا ودعم التمويل الإنساني القوي لمعالجة معاناة الشعب اليمني".
ويضيف: "إذا رفضت واشنطن تقاسم السلطة الإقليمية وعرقلت عالمًا يكون للدول الأخرى فيه مصلحة راسخة في السلام، فإنها تخاطر بتعريض المصالح الاقتصادية والأمنية لأمريكا وسمعتها الدولية للخطر، فقد حان الوقت الآن لتحديد أولويات الدبلوماسية وجني ثمارها، وليس رفض أولئك الذين يدافعون عنها".
فيما يقول سبيرلينج: "في حين أن الحوثيين يمثلون حركة معيبة للغاية، فإنه من غير الأخلاقي وغير الفعال محاولة مواجهتهم بدفع عشرات الملايين من اليمنيين إلى حافة المجاعة".
ويتابع بالقول: "السعوديون أذكياء في تقليص خسائرهم، وإنهاء تواطؤهم في كابوس حقوق الإنسان هذا، وإعادة تركيز انتباههم على التنمية الاقتصادية الخاصة بهم".