موقع "إنسايدر"- ترجمة الخليج الجديد-
سلط موقع "إنسايدر" الضوء على تطور موقف الرئيس الأمريكي، جو بايدن، من ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وتحوله من التعهد بجعل الحاكم الفعلي للسعودية "منبوذا" إلى محاولة إغرائه بوعود استثمارية مربحة مع الهند للبقاء بعيدا عن تعميق العلاقات مع الصين.
وذكر الموقع، في تقرير ترجمه "الخليج الجديد"، أن الأمر بدا وكأن صبر بايدن على بن سلمان قد نفد، خاصة بعدما أثار السعوديون غضب الولايات المتحدة العام الماضي بانحيازهم لروسيا بخفض إنتاج النفط، في خطوة خشي بايدن من أن تؤدي إلى ارتفاع التضخم المحلي.
وحذر بايدن السعودية آنذاك من "عواقب" قرار إنتاج النفط، مرددًا خطاب حملته الانتخابية، الذي تعهد فيه بجعل ولي العهد "منبوذًا" على خلفية جريمة اغتيال الصحفي، جمال الخاشقجي.
لكن قرار بن سلمان بالاقتراب من الصين، المنافس العالمي اللدود للولايات المتحدة، غيّر المواقف في واشنطن، وهو ما تراه إدارة بايدن "تحديا لنفوذ الولايات المتحدة في الشرق الأوسط وأجزاء أخرى من العالم"، حسبما يرى جورجيو كافييرو، الرئيس التنفيذي لشركة "تحليلات دول الخليج" الاستشارية، ومقرها واشنطن.
وفي إشارة إلى ديناميكيات القوة سريعة التحول في المنطقة، عرض مستشار الأمن القومي بالإدارة الأمريكية، جيك سوليفان، على السعوديين استثمارًا مربحًا في البنية التحتية لتحسين الربط بين السكك الحديدية والموانئ في دول الخليج والهند، أحد أسرع الاقتصادات نموًا في العالم، والمنافس الجيوسياسي للصين.
وعلق كافييرو على ذلك بالقول: "هذا جزء من جهد بقيادة الولايات المتحدة للرد على بكين. قد لا توضح الولايات المتحدة دائمًا هذه النقطة أو تقولها بشكل مباشر، لكن الجميع يعلم أن هذا هو الحال".
قوة بن سلمان
ويشير محللون، في هذا الصدد، إلى أن جوهر الاستراتيجية الدبلوماسية لبن سلمان هو الاعتقاد بأن القوة العالمية للولايات المتحدة والتزام واشنطن تجاه الشرق الأوسط آخذ في التضاؤل، ولذا يسعى السعوديون إلى توسيع تحالفاتهم، ويقتربون من القوى المنافسة للولايات المتحدة، بما في ذلك روسيا والصين.
ويعد تعزيز العلاقات مع الصين، على الرغم من القلق الذي تسببه في واشنطن، أولوية رئيسية في الرياض، باعتبارها ثاني أكبر اقتصاد في العالم، ويسعى السعوديون إلى استثمار تريليونات الدولارات بها، في محاولة منهم لتنويع اقتصادهم بعيدًا عن الوقود الأحفوري.
وفي العام الماضي، اتفق بن سلمان والرئيس الصيني شي جين بينج، على تعميق تعاونهما عبر مجموعة من الملفات الاقتصادية والأمنية.
وتناقض الترحيب السعودي "الفخم" بالرئيس الصيني مع الاستقبال الصامت لبايدن عندما زار المملكة في يوليو/تموز الماضي، إذ يعتقد بن سلمان أن اللعب على وتر التنافس بين القوى العظمى، سيمكنه من الحصول على تنازلات قيمة من الولايات المتحدة في مجالات مثل التكنولوجيا النووية.
وحققت الصين انتصارا كبيرا في محاولتها لتحل محل الولايات المتحدة باعتبارها وسيط القوة بالمنطقة في مارس/آذار عندما قامت برعاية اتفاق سلام بين السعودية وإيران.
وفي السياق، قال كافييرو إن إدارة بايدن كانت تتبنى وجهة نظر متفائلة للتقارب السعودي الإيراني الذي توسطت فيه الصين على أمل أن يكون الاستقرار الإقليمي الأوسع في صالح الجميع.
وأضاف أن "بعض المسؤولين في واشنطن يشعرون بالتهديد من حقيقة أن الصين، على عكس الولايات المتحدة أو أي دولة غربية أخرى، لعبت هذا الدور في إعادة العلاقات الدبلوماسية السعودية الإيرانية هذا العام".
وأظهرت تسريبات البنتاجون الأخيرة أن خطط الصين لبناء قاعدة عسكرية في الإمارات تمضي قدمًا، على الرغم من اعتراضات المسؤولين الأمريكيين.
وأفاد "إنسايدر"، الشهر الماضي، بوجود مخاوف أمريكية من استخدام السعوديين ودول الخليج الأخرى لتكنولوجيا المراقبة الصينية في ما يسمى بمشروعات "المدن الذكية".
ورغم الجهود التي يبذلها سوليفان، من غير المرجح أن يتخلى السعوديون عن استراتيجية الموازنة بين القوى العظمى المتنافسة في أي وقت قريب، حسبما يرى كافييرو، مشيرا إلى أن الحفاظ على علاقات جيدة مع روسيا والصين، لا يزال محوريا لأهداف المملكة.
وأضاف: "أعتقد أنه إذا كانت إدارة بايدن واقعية بشأن الوضع، فهناك تفاهم على أن المملكة العربية السعودية مصممة على تأكيد استقلالها واستقلالها عن الغرب".
لكن خطط الاستثمار في البنية التحتية، التي كشف عنها سوليفان، تظهر أن الولايات المتحدة لا تزال مصممة على لعب دور رئيسي في المنطقة.
ولذا يرى كافييرو أن السعوديين سيستمرون، على الأرجح، في السعي لإقامة علاقات جيدة مع واشنطن العاصمة، مؤكدا: "من المهم أن نلاحظ أن السعودية لا تسعى إلى حرق جسورها مع الولايات المتحدة. فالسعوديون لا يريدون التخلي عن شراكتهم القائمة منذ عقود مع واشنطن".