علاقات » صيني

في منطقة الخليج.. هل يمكن للصين وأمريكا "العمل معاً"؟

في 2024/07/31

كامل جميل - الخليج أونلاين-

واحدة من أهم نقاط القوة التي لا تنوي الولايات المتحدة فقدها، تكمن في علاقاتها بدول الخليج، التي تفتح لها مصالح عديدة داخل الإقليم شديد الأهمية، وعليه تعمل على منع الصين من إضعاف نقطة القوة هذه، خصوصاً بعد أن عقدت الأخيرة ودول مجلس التعاون شراكات كبيرة.

تشهد الصين صعوداً ملحوظاً في مختلف الجوانب، فمن الجانب السياسي زاد نفوذها الدولي ومشاركتها في المنظمات الدولية، وهي تسعى لتعزيز دورها العالمي والتأثير في السياسات الدولية.

أما اقتصادياً، فتعتبر الصين ثاني أكبر اقتصاد في العالم من حيث الناتج المحلي الإجمالي، وتلعب دوراً مهماً في الاقتصاد العالمي من خلال التجارة الدولية والاستثمارات الخارجية.

وعسكرياً، نجحت الصين في تعزيز قدراتها العسكرية وتحديث تجهيزاتها، وأصبح لديها قوة عسكرية تؤثر على الأمن الإقليمي والعالمي.

الصعود الصيني الصاروخي يتسبب في إزعاج للولايات المتحدة، التي تأكد لها أن بكين باتت تمثل منافساً شرساً، يؤثر على مصالحها الدولية.

ويعدّ الشرق الأوسط إحدى أهم المناطق التي أخذت الصين تشكل فيها شراكات كبيرة، لا سيما منطقة الخليج، وتدور الأنباء حول اتفاق بكين وواشنطن على العمل "معاً" فيها.

قلق أمريكي 

أهمية الصين تزداد كثيراً بالنسبة لدول الخليج، فهي من أبرز المستوردين للطاقة، وبلغ حجم التبادل التجاري بين الجانبين نحو 286.9 مليار دولار في 2023، تستحوذ السعودية على ما يقرب من 40% منه.

الجانبان عززا التعاون الاقتصادي في السنوات القليلة الماضية، وتبدي دول الخليج ارتياحاً من جانب بكين؛ لكونها شريكاً أكثر موثوقية.

وجاء التوجه الخليجي إلى الصين بعد شعور بإحباط من السياسات الأمريكية في الشرق الأوسط وازدياد عدم الثقة بواشنطن؛ ما زاد من قلق الولايات المتحدة التي تعد الشريك الأمني الأساسي الأول والقديم لدول مجلس التعاون.

تقارير دولية عديدة تحدثت عن التنافس الصيني الأمريكي في الخليج، ما يجعل دول هذه المنطقة أمام امتحان اختيار أفضل الشراكات في المجالات الأمنية والسياسية والاقتصادية.

تقرير نشرته مجلة "ناشيونال إنترست" الأمريكية تحدث عن نفوذ الصين المتزايد في الخليج العربي، ودعت الصحيفة واشنطن إلى ممارسة لعبة جيوسياسية أكثر حذراً في المنطقة.

تطرقت المجلة إلى عدد من الأنشطة المهمة، مثل مبادرة "الحزام والطريق" الصينية، والتبادل الاقتصادي بين الخليج والصين الذي يشمل قطاعات مختلفة.

في هذا الشأن تلفت وكالة "بلومبيرغ" في تقرير لها، إلى أن عدم الاطمئنان الأمريكي من علاقاتها مع دول الخليج وصل إلى استثمارات الأخيرة داخل الولايات المتحدة.

وتلفت الوكالة إلى أن سبب ذلك هو قلق الإدارة الأمريكية من تطور العلاقات الخليجية الصينية، سواء كان ذلك في التجارة أو حتى في الاستثمارات بالتقنيات الحديثة كالذكاء الاصطناعي مثلاً.

وتضيف: "علاقة دول الخليج والولايات المتحدة الأمريكية أصبحت معقدة بعد انتهاء معادلة الأمن مقابل النفط، وبعدما أصبحت الصين أكبر شريك تجاري لها".

العمل معاً!

لقاء شديد الأهمية أجراه وزيرا خارجية الصين وانغ يي والولايات المتحدة أنتوني بلينكن، السبت (27 يوليو الجاري)، في فينتيان عاصمة لاوس.

اللقاء ووفق ما أعلنته بيانات صادرة عن حكومتي البلدين ووسائل إعلام عالمية، جرى على وقع قضايا حساسة، منها توترات الشرق الأوسط، وبحر الصين الجنوبي، وعلاقات موسكو وبكين.
أفادت وكالة "رويترز" نقلاً عن مسؤول بالخارجية الأمريكية، أن الوزيرين الأمريكي والصيني اتفقا على أن الشرق الأوسط منطقة يمكن للبلدين "العمل فيها معاً".
وكالة "شينخوا" الصينية ذكرت أن وانغ، قال: 

                   - خلال الأشهر الثلاثة الماضية، حافظت بكين وواشنطن على الاتصالات، إلى جانب زيادة التبادلات الشعبية.

                   - خلال الأشهر الماضية، واشنطن لم تحجم عن التحرك، من أجل احتواء الصين وقمعها، بل ذهبت إلى أبعد من ذلك.

                   - العلاقات الصينية-الأمريكية ما تزال تواجه مخاطر وتحديات متراكمة وتظل عند منعطف حرج من التهدئة والاستقرار.

                   - سياسة الصين تجاه الولايات المتحدة متسقة وتلتزم بمبادئ الاحترام المتبادل والتعايش السلمي والتعاون المربح للجانبين.

                   - الولايات المتحدة تتمسك بتصور خاطئ تجاه الصين، وترى بكين من خلال منطق هيمنتها الخاص.

                   - الصين لا تسعى إلى الهيمنة أو سياسات القوة، وتمتلك أفضل سجل في السلام والأمن بصفتها دولة كبيرة في العالم.

                   - على الجانبين أن يعملا معاً لتعزيز علاقات ثنائية مستقرة وصحية ومستدامة.

الشرق الأوسط قلب الصراع

الكاتب والباحث السياسي ياسر عبد العزيز، الذي تحدث لـ"الخليج أونلاين"، يرى أن علاقات الصين وأمريكا توترت بشكل أكبر منذ تولي جو بايدن مقاليد الحكم، لافتاً إلى أن توسُّع علاقات بكين والعواصم الخليجية أقلق واشنطن، مبيناً أنه:

منذ بداية حكم بايدن كانت بوصلة واشنطن تتجه نحو الصين، لكن جاءت حرب أوكرانيا ثم "طوفان الأقصى" لتعرقل هذا التوجه.

مشروع الصين "الطوق والطريق" زاد من قلق واشنطن، وسعت لكي تحدّ من تمدد النفوذ الصيني.

نمو قوة الجيش الصيني شكَّل تهديداً لواشنطن ونفوذها في المحيطين الهادي والهندي.

إدارة بايدن جعلت علاقات أمريكا والصين مبنية على التنافس ومحاولة تقليص القدرات الصينية؛ وهو ما لا تقبله الصين بأي شكل من الأشكال.

كان الشرق الأوسط قلب الصراع بين الصين وأمريكا، وقلب الشرق الأوسط هو منطقة الخليج.

الصين مستورد كبير للنفط من الخليج، وجزء من مبادرة الحزام والطريق الصينية هو الخليج.

دخول الإمارات والسعودية بعلاقات واسعة مع الصين أثار واشنطن بشكل كبير.

بايدن ورث من سلفه دونالد ترامب علاقات متوترة مع الخليج، ما جعلها تأخذ وضع دفاع نفسي أكثر من أي رئيس أمريكي قادم.

ما تركه ترامب وجاء به من بعده بايدن جعل دول الخليج تندفع لتعزز شراكاتها مع الصين.

التوجه الخليجي نحو الصين يجعلنا نتفهم سبب اللقاء الأخير بين وزيري خارجية أمريكا والصين.