مي خلف - الخليج أونلاين-
تترقب دول المنطقة النتائج المترتبة على الجولة التي يقوم بها الملك السعودي، سلمان بن عبد العزيز، هذه الأيام، والتي كانت مصر أولى محطاتها، ومنها انطلق إلى العاصمة التركية أنقرة لبحث المستجدات الإقليمية.
ويتوقع مراقبون أن يكون للزيارة أثر على تحريك ملف المصالحة بين تركيا ومصر، والذي سيؤثر بشكل غير مباشر على حصار قطاع غزة الذي تشارك مصر فيه، خاصة في ظل الاتفاق الجاري إبرامه بين تركيا والاحتلال الإسرائيلي.
وفي هذا السياق يذكر أن الرياض وعدت مصر بتقديم دعم مادي سخيّ بأشكال عدة لدعم الاستثمار في سيناء خاصة، إلى جانب إقامة جامعة باسم الملك سلمان، إلا أن هذا الدعم السخي لا يكفيه الترحيب الكبير الذي قوبل به الملك في مصر، إذ يرى محللون أن أثره يجب أن يظهر على صعيد مواقف مصر السياسية واستراتيجيتها بإدارة علاقتها الخارجية.
ففي ظل التحالف الاستراتيجي الذي تسعى المملكة لإنشائه وتعزيزه لمواجهة النفوذ الإيراني، والذي تعتبر مصر جزءاً ضرورياً فيه، تتخذ مصر مواقف غير واضحة تجاه إيران وتجاه القضية السورية؛ إذ إنها لا تمانع بقاء بشار الأسد في السلطة، على عكس ما اتفقت عليه بقية الدول المشاركة في التحالف العربي.
إلى جانب ذلك فإن صرامة مصر في سياستها تجاه الإخوان المسلمين وحركات الإسلام السياسي، بما فيها حركة حماس في غزة والحزب الحاكم في تركيا، لم تعد تلائم السياسة الخارجية السعودية؛ إذ تعتبر السعودية حركة حماس وتركيا جزءاً من التحالف السني الإقليمي، وبناء على ذلك تعززت العلاقات مع تركيا بالفترة الأخيرة على عكس رغبة الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي.
وفي هذا السياق يذكر المحلل الاستراتيجي لصحيفة "هآرتس" العبرية، أن السيسي كان يريد من الملك سلمان أن يطلب من الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، أن يعتذر عن خطابه المضاد للسيسي، وأن يتراجع عن دعمه للإخوان المسلمين، إلا أنه على عكس ذلك، جاء الملك السعودي ليوضح للسيسي أن حركة الإخوان المسلمين هي شريكة في الحرب ضد الحوثيين في اليمن، وأن ضم حركة حماس إلى التحالف العربي هو أمر ضروري من أجل كبح نفوذ إيران في المنطقة، وأن تركيا هي حليفة دائمة وعلى مصر أن تتصالح معها.
ويضيف الكاتب أن خمسة أيام من الزيارة تعتبر زمناً طويلاً وكافياً "لثني ذراع" السيسي.
بالمقابل تنتظر أنقرة أيضاً نتائج جولة الملك سلمان في المنطقة، وخاصة فيما يخص الملف المصري. وفي هذا السياق يقول بارئيل إن أنقرة تنتظر مقترح المصالحة الذي سيأتي به الملك سلمان وسيعيد تركيا إلى السوق المصري الذي انقطعت عنه منذ أكثر من عام.
ويتوقع أن يستخدم الملك سلمان عملية المصالحة الجارية بين الاحتلال الإسرائيلي وتركيا لإقناع تركيا بالتقدم خطوة نحو مصر، فبالنسبة للمملكة إذا استطاعت أنقرة التصالح مع الاحتلال الإسرائيلي الذي هاجم سفينتها وقتل 9 من الأتراك المسالمين، فلماذا لا تتصالح مع مصر التي تعتبر دولة مسلمة أقرب لتركيا ثقافياً وتاريخياً من الاحتلال الإسرائيلي؟
من ناحية أخرى، يعتبر التحالف السعودي-التركي من جهة، والمصالحة التركية الإسرائيلية من جهة أخرى إحراجاً كبيراً لمصر قد يضطرها، في ظل الدعم السعودي المقدم لها، أن تنصاع للواقع الجديد الذي تفرضه سياسة الرياض الجديدة، فإتمام المصالحة بين تركيا والاحتلال، لن يتم إلا بتخفيف الحصار المفروض على قطاع غزة، الأمر الذي قد يبقي مصر الجهة الوحيدة التي تحاصر الغزيّين؛ وعليه فإن حلّ مسألة الحصار من الطرفين واجب على مصر كي لا تقع في حرج دولي وإقليمي.
وفي هذا السياق يذكر أن تلميحات صدرت عن قيادات في حركة حماس أشارت إلى أن هناك تقدماً إيجابياً في العلاقات مع مصر؛ إذ قال المتحدث الإعلامي باسم حركة حماس، عبر صفحته في فيسبوك قبل أيام، إن ما بين فلسطين ومصر "وشائج ومصالح، ولا بد للوشائج من صلة، وللمصالح من اعتبار"، وإنهم فتحوا "صفحة جديدة" سوف يسطرون فيها "أفضل" ما عندهم من أقوال وأفعال.
وفي ظل هذه التطورات الحاصلة في أكثر من جهة تأتي جولة الملك سلمان ربما لتفعل اتفاق المصالحة بين تركيا ومصر، ومصر وحركة حماس، أكثر من مجرد "تحريكه" والدفع باتجاهه.