محمد الحمادي- الاتحاد الاماراتية-
من حق الكل أن يتفاءل بجولات الملك سلمان في مصر وتركيا، ومن حق العرب أن يستبشروا بزيارة ملك الحزم لأهم عاصمتين في الإقليم، وخصوصاً بعد أن تضخم «ما صنع الحداد» بين القاهرة وأنقرة، وأصبح هذا معطلاً لكثير من الأمور في المنطقة، ويعطي أعداء الأمة فرصاً للاختراق والاستغلال بل والاحتلال، الملك سلمان الذي ودعه الرئيس السيسي في مطار القاهرة وداع الأشقاء الذين يربطهم الدم والمصير المشترك، وصل إلى أنقرة ليستقبله الرئيس أردوغان بحرارة وحفاوة كبيرتين تعكسان اهتمام الدولة التركية بزيارة الملك لها.
وتلك الحفاوة التركية البروتوكولية تتطلب حفاوة سياسية وإستراتيجية تتناسب وتحديات المرحلة والمخاطر التي تواجه المنطقة، بعيداً عن الحسابات القطرية والمصالح الأيديولوجية الضيقة.
وصول ملك الحزم إلى أنقرة يبعث رسائل إيجابية للمراقبين وخصوصاً أن الزيارة تأتي مباشرة بعد الزيارة التاريخية الناجحة لجمهورية مصر العربية، وبالتالي فإن الدور السعودي في إزالة الخلافات والاختلافات وسوء الفهم بين الطرفين المصري والتركي هو ما يتطلع إليه الجميع، وتفهم الرئيس التركي للوضع المصري، وإعادة حساباته، ومراجعة موقفه الهجومي والمتشدد تجاه مصر، هو ما يتمناه الجميع، وتقديم مصلحة الأمة، والتركيز على مواجهة العدو المشترك، هو ما نأمل أن يتم الاتفاق عليه.
دور الملك سلمان والمملكة العربية السعودية أصبح مؤثراً في المنطقة، وسياسة المملكة الحازمة في مواجهة جميع الملفات أصبحت مثار اهتمام دول المنطقة والعالم، فلم تعد السعودية تقبل الوقوف في خانة المتفرج تجاه ما تشهده المنطقة من أخطار وتدخلات، وأصبح لزاماً عليها كدولة لها ثقلها في المنطقة أن تضع النقاط على الحروف، وتنهي عبث العابثين، وتلاعب المستهترين، وقد أعجبتني تغريدة قرأتها بالأمس على تويتر تقول: «من جامعة القاهرة أطلق الرئيس الأميركي باراك أوباما صافرة بداية الربيع العربي، ومن الجامعة نفسها أطلق الملك سلمان صافرة النهاية».. فالشرارة التي انطلقت في بداية 2011 لتتحول إلى نار تحرق الأخضر واليابس في بعض الدول العربية صار لزاماً أن يطفئها العرب، وهذا ما بدأته السعودية والإمارات والكويت والبحرين بدعم مصر في 2013 ومن ثم اليمن في 2015، وها هو الملك سلمان ينهي ما بدأه الملك عبد الله بن عبد العزيز، رحمه الله، بإغلاق آخر ثغرات الخراب التي تندلع منها النار الحارقة التي سببها ما يسمى الربيع العربي.
نتمنى أن تكون زيارة الملك سلمان تركيا رسالة واضحة للقيادة التركية مفادها «يكفي ما جرى» ولنفتح صفحة جديدة.. فلابد من العودة إلى الصواب، بعد أن أصبحت الأمور واضحة للجميع، وبعد أن سقطت الأيديولوجيات جميعها، ولم يعد الشعب العربي مستعداً إلا للالتفاف حول دولته الوطنية وقيادته، من أجل حفظ أرواح المواطنين، والمحافظة على أمن واستقرار بلده، وتجنيبه أي صراع داخلي.