تعد تركيا من أكثر الدول تشجيعًا للاستثمار، لما تتمتع به من اقتصاد قوي وواعد، إذ احتل الاقتصاد التركي المركز السابع عشر على مستوى العالم عام 2015، وفقًا لبيانات «البنك الدولي».
وحقق الاقتصاد التركي طفرة نوعية في السنوات الأخيرة، إذ قفز الناتج المحلي الإجمالي إلى أكثر من ثلاثة أضعاف، ليصل إلى 799.54 مليار دولار أمريكي في عام 2015، مقابل 231 مليار دولار أمريكي في عام 2002، وفقًا لـ«البنك» ذاته.
واستطاعت تركيا في أقل من عقدٍ من الزمان أن تضاعف نصيب الفرد من الدخل ثلاث مرات تقريبًا، والذي يتجاوز 10.5 ألف دولار سنويًّا، كما أنها عضو في منظمة «التعاون الاقتصادي والتنمية» و«مجموعة العشرين».
كما أن هناك العديد من الأسباب الأخرى التي تشجع على الاستثمار في تركيا، من بينها قانون جذب الاستثمارات الأجنبية، والذي يقوم على مبدأ المساواة في المعاملة، إذ يسمح للمستثمرين الأجانب بالحصول على نفس حقوق وواجبات المستثمرين المحليين، وقد وصل حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة في تركيا إلى 151 مليار دولار أمريكي في السنوات العشر الأخيرة.
تدفق الاستثمارات الخليجية
شجع توجه تركيا إلى الاقتصاد الإسلامي على ضخ مستثمري الخليج المزيد من الاستثمارات بها، كما شجع على ذلك أيضًا تخفيف «الحكومة التركية» من قيود الملكية الأجنبية، إذ أصدرت «الحكومة» في السنوات الأخيرة قانوناً عقارياً جديداً يتيح للأجانب تملك الأراضي والشقق السكنية والعقارات بشكل حر وكامل، دون اشتراط الإقامة داخل البلاد، مما أتاح لكثير من المستثمرين شراء العقارات، ودفع شركات عربية إلى التوجه من أجل الاستثمار وإقامة مشاريع تطوير عقاري في تركيا.
وقد زار أكثر من 500 ألف مواطن خليجي تركيا العام الماضي، وبلغت الاستثمارات الخليجية وحدها نحو 30% من الاستثمارات الأجنبية في تركيا.
الاستثمارات السعودية
منحت تركيا «المستثمرين السعوديين» بها عدة مزايا للاستثمار، كالإعفاء من الرسوم الجمركية، وضريبة القيمة المضافة، وتخفيض الضرائب، ودعم أقساط الضمان الاجتماعي لصاحب العمل والعاملين، إلى جانب تخصيص الأراضي.
كما كشف مسؤول تركي في مايو/أيار الماضي بلوغ الاستثمارات السعودية في تركيا 6 مليارات دولار، بشكل رئيسي في قطاع العقارات.
ووفقًا لدائرة «الأراضي والسجل العقاري» التركية، اشترى العام الماضي 2704 مواطنين سعوديين عقارات في تركيا ، بمساحة إجمالية تصل إلى أكثر من 1.8 مليون متر مربع، مما يُمثل ارتفاعًا بنسبة 70% عن عام 2014.
ويعد السعوديون ثاني أكبر مشترٍ للعقارات في تركيا في الوقت الحالي، وتأتي المملكة في صدارة أكثر 10 دول استثمارًا في القطاع العقاري في تركيا منذ عام 2013، وذلك وفقًا للمدير التنفيذي لشركة «أجاوجلو».
كما بلغت حصة ما بحوزة سعوديين في سوق الأوراق المالية التركية 2.4%، في حين تتراوح الحصة الكلية لدول مجلس «التعاون الخليجي» في سوق الأوراق المالية التركية بين 5% و7%.
ووفقًا لعضو مجلس الأعمال السعودي التركي «زياد البسام»، توجد 800 شركة سعودية تستثمر في تركيا الآن.
وقال ممثل وكالة دعم وتشجيع الاستثمارات التركية «مصطفى كركصور»، إن الصفقات التجارية بين السعودية وتركيا بلغت 8 مليارات دولار العام الماضي، مضيفًا أن أنقرة تأمل في زيادة الاستثمارات السعودية إلى 25 مليار دولار، والتبادل التجاري إلى 20 مليار دولار بحلول عام 2023.
الاستثمارات القطرية
تتجاوز الاستثمارات القطرية في تركيا 20 مليار دولار، وتعطي تركيا أهمية كبرى للاستثمارات المشتركة مع قطر، حيث إن الدوحة تمثل منفذا متميزًا للعقود التجارية والإنشائية بالنسبة للشركات التركية.
ففي العام 2013، اشترى «بنك قطر التجاري» 70% من أسهم مصرف «ألترناتيف بنك» التركي، مقابل 460 مليون دولار.
واحتلت العاصمة القطرية الدوحة عناوين الأخبار التركية منتصف العام الماضي، بعدما استحوذ «بنك قطر الوطني» على 99.81% من مصرف «فاينانس بنك» التركي.
وكانت شركة «مايهولا» للاستثمارات القطرية قد اشترت 30.7% من أسهم مجموعة «بوينر» التركية، مقابل 295.7 مليون دولار، نهاية العام الماضي
كما قامت لجنة الصناعة في القوات المسلحة القطرية بشراء 50% من أسهم شركة «بي إم سي» التركية المتخصصة في صناعة المدرعات، وذلك منتصف العام الماضي أيضًا.
الاستثمارات الإماراتية
وفقًا لدائرة «الأراضي والسجل العقاري» التركية، ارتفعت عمليات شراء العقارات للمواطنين الإماراتيين في تركيا بنسبة 160% خلال العامين الماضيين.
ويملك مستثمرو الإمارات وحدهم أكثر من 300 ألف متر مربع في سوق العقارات التركي، كما اشترى 332 إماراتيًا أملاكًا عقارية في تركيا العام الماضي، وفقا لتقارير محلية إماراتية.
استثمارات الكويت والبحرين
دعت قلة الاستثمارات الكويتية في تركيا إلى حث الرئيس التركي «رجب طيب أردوغان» مستثمري الكويت على الاستثمار في تركيا أثناء زيارته إلى الدولة الخليجية العام الماضي، موضحًا أن الاستثمارات الكويتية أقل من ملياري دولار، وهو رقم أقل بكثير من الهدف المنشود.
وعلى صعيدٍ متصل، بلغ حجم التبادل التجاري بين البحرين وتركيا 300 مليون دولار خلال العام الماضي، ويُمثل ذلك زيادة بنسبة 9 أضعاف على مدار الـ 13 عامًا الماضية.
ما بعد الانقلاب
وبعد محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا الشهر الماضي، تضاربت توقعات مراقبي الاقتصاد حول مدى تأثير ذلك على حجم الاستثمارات الخليجية. وتوقع «فهد إقبال»، رئيس قسم وحدة الأبحاث في الشرق الأوسط لدى «كريدي سويس» في حواره لوكالة «بلومبرج»، احتمالية تجميد مستثمري الخليج ضخ المزيد من الاستثمارات في تركيا في الشهور القليلة المقبلة.
يشار إلى أن وزير التجارة التركي «بولنت توفنجكي» نوه مطلع أغسطس/آب الجاري إلى أن تكلفة الانقلاب الفاشل بلغت 90 مليار يورو مع تضرر واضح للسياحة نتيجة إلغاء مليون حجز ورحلات سياحية.
وفي الوقت الذي نما فيه اقتصاد البلاد 4% عام 2015، فإن صندوق النقد لا يتوقع تحقيق هذا المعدل مجددا في 2016.
وكالات-