بعض ردود الأفعال على حادثة إسطنبول الإرهابية، جاءت أشدّ رعباً من الحادثة نفسها، كائنات حية محسوبة على بني الإنسان خرجت تتشفى من الضحايا وترقص على جراح ذويهم المكلومين، فقط لأنها سمعت أن الحادثة وقعت في (ملهى) وبالتالي فلا حرمة لأجسادهم الطاهرة فهم في نظر أصحاب القلوب السوداء الممتلئة بالتطرف والكراهية يستحقون الموت وأن يخلدوا في جهنم التي أصبح الغلاة في هذا العالم سدنة لها، يلقون فيها كل من لا يروق لهم، بهذا المشهد القاتم المرعب أفاق الناس بعد صدمة الجريمة النكراء. أفاقوا على السؤال المسمم، هل كانوا في مطعم أم في ملهى؟ وغابت حرمة الميت وقداسة الروح البشرية والتي من أجلها قام رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما مرت أمامه جنازة لإنسان يهودي ووقف أمامها بكل إجلال، هكذا كان الإسلام النقي قبل أن يدنس الغلاة صفاءه وجماله.
ظاهرة الاحتفاء بموت المخالفين سواء كانوا مخالفين في المذهب أو الفكر أو الاحتفاء بالعمليات الإرهابية لأي سبب كان، هي ظاهرة لابد من التنبه لها ورصدها بشكل جيد ودقيق لأن من يفعل ذلك ويبرره بأي تبرير هو يملك جمجمة قابلة لملئها بالأفكار المتطرفة التي ستصل به إلى الإرهاب، لأنه التقط الفيروس الأساسي للإرهاب وهو (أن هناك بشراً يستحقون الموت) وهنا تكمن الخطورة حتى ولو كان أولئك البشر خارج المملكة، لأن فيروس التطرف لا يفرق على أساس المنطقة الجغرافية إنما الخوف من قبضة الأمن من يلجم لسانه عن البوح عن تطبيق قاعدته وإن كان البعض تجاوزها وغرد بمكنون نفسه في أحداث استهداف مساجد الشيعة في المنطقة الشرقية ومازالوا طلقاء.
كيف وصل شاب يافع لأن يشمت بميت ويطرب لموته؟
الجواب على هذا التساؤل سيكشف لنا الدهاليز المظلمة في التعليم وبعض الأنشطة الدينية وما لم نفتح تلك الدهاليز ليغمرها النور فإننا سنردد يوماً (في الصيف ضَيَّعت اللبن).
عبدالرحمن اللاحم- عكاظ السعودية-