لم تكن مجزرة إسطنبول مقتصرةً على فرم اللحوم، وإسالة الدماء، بل أعقبتها المجزرة الكلامية، التي أُطلقت على الضحايا الأبرياء. هناك غضب شعبي عارم ضد الخطاب المتطرّف، الذي يوزع الرحمات على الآخرين، ويرسل هذا إلى الجنة، والآخر إلى النار.
والمشكلة الأكبر الوصول إلى منطق «تبرير إلا ربع»، بمعنى رفض الترحم على الضحايا، والتساؤل عن سبب ذهابهم إلى المطاعم أو مناطق الترفيه، وأياً تكن المسألة، فليس من حق أحد قياس إيمان الآخرين، وهذا مرفوض شرعاً، وهو من «التألّي على الله»، ولا ننسى أن النبي عليه السلام حدّث أن: رجلاً قال والله لا يغفر الله لفلان، وإن
مواضيع أخرى
«عقلية» الشامتين بضحايا إسطنبول
الله تعالى قال: «من ذا الذي يتألّى عليّ، أن لا أغفر لفلان، فإني قد غفرت لفلان وأحبطت عملك».!
ليس من حقّ أحد حبس صيغ الرحمات عن الضحايا، ولا تقسيم التقى والإيمان، هذا يصح على تغريدات لدى متطرفين يمتدون من السعودية إلى لبنان!... لماذا تدينون ذمم الإنسان في مخالفة بينه وبين ربه، وتنسون إدانة قتل النفس التي حرّم الله، وهي من أكبر الكبائر بكل الديانات والأعراف والأخلاق؟!
يا لها من جرأةٍ كبرى، أن نعتقد بفضلنا على الآخرين، وأننا نمتلك مفاتيح المغفرة والرحمة!
من المؤسف أن أقول إن هذا لا يشكل إلا انحطاطاً أخلاقياً صِرفاً، قادنا إليه نمط تفكير هو أبعد ما يكون عن التفكير، ومدرسة عقلية لا مكان للعقل فيها!
تركي الدخيل- عكاظ السعودية-