علاقات » تركي

"عين بن سلمان وأذناه".. هل تُلصق جريمة اغتيال خاشقجي بـ"القحطاني"؟

في 2018/10/13

الخليج أونلاين-

تتكشف خيوط جريمة إخفاء الإعلامي السعودي جمال خاشقجي شيئاً فشياً، وذلك عبر مصادر أمنية في عدة دول غربية، رصدت سلسلة من الاتصالات وكشفت بعض المعلومات التي تصب في الكشف عن هوية معطي أوامر تنفيذ العملية ومهندسها ومنفذوها.

نقلت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية عن مسؤولين كبار في الأمن التركي، أنهم تأكدوا أن عملية قتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي جرت داخل مبنى القنصلية في إسطنبول، وجاءت بأوامر من أعلى المستويات في الديوان الملكي السعودي.

وبحسب المسؤولين فإن العملية كانت سريعة ومعقدة، وتمت في غضون ساعتين من وصوله إلى مبنى القنصلية على يد فريق من العملاء السعوديين، حيث عمدوا إلى تقطيع أوصال خاشقجي بمنشار خاص جلبوه لهذا الغرض.

- من الشخصية التي تقف وراء عملية القتل؟

لطالما تحدث مسؤولون سعوديون عن شخصية لها ثقلها في القرار الرسمي بعد تولي محمد بن سلمان ولاية العهد في البلاد، في يونيو 2017.

الأصابع جميعها تشير لشخص سعود القحطاني، وهو ما أكده في 27 أكتوبر الماضي، تركي آل الشيخ، المستشار بالديوان الملكي ورئيس الهيئة العامة للرياضة في السعودية.

فقد كتب آل الشيخ في حسابه على "تويتر": "بعد جهد طويل، وافق أخي المستشار سعود القحطاني على رئاسة اتحاد الأمن الإلكتروني والبرمجيات"، لتبدأ مسيرة مسؤول سعودي تثير تغريداته ونشاطه "الإلكتروني" جدلاً واسعاً باستمرار.

آل الشيخ تحدث عن القحطاني أكثر، فقال: "أعلم مسؤولياته وأعماله الكثيرة، ولكن قناعتي أنه لا يمكن لأحد أن يؤسس هذا الاتحاد وينتقل به إلى العالمية، لذلك طلبت منه ذلك كثيراً".

وبالطبع، سارع القحطاني لتقديم شكره وتقديره لآل الشيخ، على حسن ظنه، موضحاً في تغريدة له على تويتر: "قدرني الله أن أكون على قدر التطلعات، والشكر لكل من بارك وهنأ".

سعود القحطاني صعد سريعاً على سلم الشهرة في المملكة العربية السعودية، ووفقاً لما أكدته مصادر صحفية، فإن القحطاني مقرب من ولي العهد محمد بن سلمان، والأخير يعتمد عليه بشكل كبير في عمليات "الإطاحة بالخصوم".

أحد أدلة قرب القحطاني من ولي العهد واعتماد الأخير عليه، ما كشفه الكاتب الصحفي البريطاني، ديفيد هيرست، في مقال له، نشر في 25 يوليو 2017، على موقع ميدل إيست إي البريطاني.

قال هيرست: إن "صحيفتي وول ستريت جورنال ونيويورك تايمز بالإضافة إلى وكالة رويترز، نشرت تقارير تفيد بأن محمد بن نايف أطيح به من منصبه كولي للعهد بسبب إدمانه على العقاقير المسكنة للآلام، ولم تشر (تلك الصحف) إلى المصدر الحقيقي لهذه المعلومات".

وذكر هيرست، نقلاً عن مصدر، أن قصة إدمان ولي العهد السعودي السابق، محمد بن نايف، مجرد حكاية سعودية لتدمير سمعته، مؤكداً أن من سرب هذه المعلومات هو المستشار في الديوان الملكي، سعود القحطاني، الذي نظم لقاءً مع الصحفيين بهذا الشأن "لتشويه سمعة بن نايف وتقديمه كمدمن مخدرات".

الكاتب البريطاني أوضح أن القحطاني "أصبح أكثر من عين وأذن لولي العهد الحالي محمد بن سلمان في الديوان الملكي"، مؤكداً أن القحطاني يعمل على إجراء اتصالات بالصحفيين السعوديين "لإخبارهم أنهم ممنوعون من الكتابة أو التغريد، وهو نفس العمل المظلم الذي كان يمارسه خالد التويجري في عهد الملك عبد الله".

في فبراير 2017، فضح الكاتب السعودي، ومؤسس صحيفة الوئام، تركي الروقي، سعود القحطاني، وقال في مقال له نشره على صفحته بـ"تويتر": إن "ثقافة هذا الرجل كانت التشهير بخصومه مستخدماً وسائل إعلام يفترض أن تستغل كل مساحة لنقل صورة إيجابية عن البلد والحكومة".

وأوضح الروقي أن القحطاني يقوم بعمل "وزير الإعلام الخفي"، وأحياناً يمارس أدواراً أخرى من قبيل "مدير الاستخبارات"، واتهمه بالقيام بأعمال تشابه أعمال الشبكات الأجنبية الموجهة ضد الداخل السعودي.

الروقي أضاف قائلاً: "أعلم بأني لست الوحيد الذي تضرر من تصرفاته ولن أكون الأخير، وأعلم بأن المؤيدين لا أقول كثر، منهم مسؤولون ورجال إعلام وأدب ودعوة ومفكرون ومغردون".

وأكد أن القحطاني يملك جيشاً من المخترقين "الهاكرز"، ويتعامل مع شركة متخصصة بالعراق، ويستهدف المواقع بالتهكير والتشهير وتشويه سمعة الكثير من المواطنين.

واستطرد يقول: "لقد تمادى الرجل كثيراً، وذهب ضحيته الكثير من شباب البلد".

ماذا حدث بين القحطاني وخاشقجي؟

قال صديقان مقربان من الكاتب السعودي جمال خاشقجي، وفق ما نقلت صحيفة  Washington post، إنَّه تلقى مكالمتين هاتفيتين على الأقل من سعود القحطاني، ينقل فيها رسائل ودية نيابة عن ولي العهد، فيما يبدو أنه محاولة لتطمينه أو استدراجه أو تحييده.

في إحدى المكالمتين التي أُجريت في سبتمبر من العام الماضي 2017، قال القحطاني إنَّ محمد بن سلمان «سعيد للغاية» لرؤية خاشقجي ينشر رسالةً تُشيد بالمملكة بعد إعلان الحكومة السماح للنساء بقيادة السيارات، وفقاً لما ذكره أحد الصديقين، الذي كان مع خاشقجي في ذلك الوقت، وقال إن نبرة المكالمة كانت لطيفة، لكنَّ خاشقجي قال للقحطاني كذلك إنَّه سيشيد بالحكومة عندما تحدث «تطورات إيجابية، وسأنتقدها حين تقع أشياء سيئة».

وأمضى خاشقجي بقية المكالمة مدافعاً عن منتقدي النظام الذين سُجنوا مؤخراً.

وقال صديقٌ آخر من أصدقاء خاشقجي إنَّ أحد رجال الأعمال المُقرَّبين من العائلة المالكة السعودية حاول التودُّد إليه عدة مرات. وأضاف الصديق أنَّ رجل الأعمال -الذي لم يذكر خاشقجي اسمه- بدا حريصاً على رؤية خاشقجي كلما زار واشنطن، وأخبره أنه سيعمل مع السلطات السعودية لترتيب عودته.

وأفادت صحيفة Washington post الأربعاء 10 أكتوبر، بأنّ أجهزة الاستخبارات الأمريكيّة كانت على عِلم بمخطّط سعودي أمر به ولي العهد محمد بن سلمان، يهدف إلى استدراج الصحافي جمال خاشقجي إلى السعودية للقبض عليه.

في حين كشفت مصادر مقرّبة من الصحفي السعودي الشهير، جمال خاشقجي، عن مشادّة كلامية وقعت بين الأخير وسعود القحطاني، المستشار في الديوان الملكي، قبل أيام قليلة من إخفائه في قنصلية الرياض بإسطنبول.

ونقلت قناة "الجزيرة"، أمس الخميس، عن تلك المصادر قولها: إن "اتصالاً هاتفياً جرى بين القحطاني وخاشقجي، أكّد فيه الأخير أنه سيشيد بالحكومة السعودية عند اتخاذ قرارات إيجابية، وسينتقدها عند السلبيات".

- من هو القحطاني؟

وبغض النظر إن كان صحيحاً ضلوع سعود القحطاني في الجريمة بأي شكل من الأشكال أم لا، وفقاً لمنصبه الرفيع ونفوذه الكبير؛ إلا أن هناك من اعتبره "مهندس اغتيال خاشقجي"، وبأنه صاحب "أغبى عملية "إخفاء"، بسبب الثغرات الكبيرة التي صاحبت تنفيذ العملية، والتي أوقعت الرياض في ورطة كبيرة، قد يكون ثمن الخروج منها كبيراً.

يوصف سعود القحطاني بأنه وزير "الذباب الإلكتروني"، الذي يقود حملة دول حصار قطر لتشويه سمعة الدوحة.

ويعمل تحت إمرة القحطاني جيش ضخم من المغردين (كتائب إلكترونية)، فضلاً عن أعداد كبيرة من المخترقين (الهاكرز)، يستخدمهم في توجيه الرأي العام عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بحسب ما كشفت في وقت سابق وسائل إعلام قطرية من بينها صحيفتا "الشرق" و"الوطن".

وكتبت تلك المصادر الصحفية أن سيرته الأكاديمية والمهنية لا يعرف عنها سوى أنه كان معيداً في كلية البحرية، ثم قفز إلى مستشار في الديوان.

بدأ القحطاني الكتابة في موقع "إيلاف" تحت اسم "سعود عبد الله الجارح"، ثم انتقل لصحيفة "الرياض" يكتب بنفس الاسم، قبل أن يصبح الجو مهيأ لأن يكتب باسمه الصريح.

أنشأ منتدى حوارياً، وكان في حينها جرى غلق منتدى "طوى" المناهض للدين في 2004؛ لأنه أضاف إلى انتقاد الدين هامشاً بسيطاً من انتقاد السلطة، فكان لا مفر من إغلاقه، فسنحت الفرصة للقحطاني.

وكان القحطاني يستفيد من علاقاته بالمسؤولين ليحقق سبقاً صحفياً لمنتداه، حيث يعلن عن القرارات الحكومية قبل إصدارها.

- فضيحة "دليم"

في أغسطس 2017 كشفت حسابات على "تويتر" فضيحةً جديدة لاختراق السعودية لهواتف ناشطين وإعلاميين سعوديين، بواسطة سعود القحطاني.

وأوضحت، بحسب ما أشارت صحيفة "الشرق"، أن "دليم منذ عام 2009 اشترك في موقع "hackforums"، وهو موقع متخصص في التهكير".

وفصّل حساب "تاريخ وذكريات" تاريخ القحطاني في القرصنة والتجسس، مرفقاً إياها بصور إيضاحيّة لم ينفها المسؤول السعودي.

الحساب قال: إن "سعود القحطاني حريص على إخفاء معلوماته، ولكن في عام 2016 تعرضت شركة hacking team للاختراق ونشرت جميع مراسلاتها، وموجود فيها سعود القحطاني"، مشيراً إلى أن "أول رسالة من سعود إلى الشركة كانت بتاريخ 2012/3/27".

وأكد أن البريد الإلكتروني الخاص بسعود ظهر في موقع "hackforums" وهو موقع مختص بالهكر، مبيناً أن "تاريخ المشاركة في عام 2011 أي إنه يمارس القرصنة منذ مدة طويلة".

الحساب تابع: "في منتدى hackforums قام nokia2mon2 (سعود القحطاني) بالتبرع بمبالغ ضخمة للمنتدى، حتى إن بعض الأعضاء يقولون إن لديه آبار نفط في المملكة".

وبدأ رحلته في هذا الموقع بدفع المال مقابل خدمات مثل حذف مقاطع من "يوتيوب"، أو تجميد حسابات "تويتر"، أو اختراق الإيميلات، أو الهجوم وتعطيل المواقع.

وأطلق مغردون على هذه الفضيحة وسماً بعنوان "#تجسس_دليم".

ودليم هو لقب يُطلق في الخليج على الخادم الذي يقوم بالأعمال التي يأنف منها السيد، مثل شتم الآخرين، وتشويه سمعتهم، وغيرها من الأمور الدنيئة، وهو مستمد من قصة شعبية لخادم اسمه دليم.

واللقب أطلقه القطريون والسعوديون على سعود القحطاني؛ لكونه يمارس الأعمال التشويهية.

 
- المسؤول الكبير كبش فداء!

سعود القحطاني، المسؤول السعودي الكبير، والمستشار الأهم لولي العهد محمد بن سلمان، قد يهبط من قمته بعد اختفاء خاشقجي.

فقد كشفت مصادر دبلوماسية غربية أن ولي عهد السعودية، طلب مساعدة ولي عهد أبوظبي، محمد بن زايد؛ لمحاولة الخروج "المشرّف" من أزمة اختفاء الصحفي السعودي جمال خاشقجي داخل قنصلية المملكة  بإسطنبول في 2 من أكتوبر الحالي.

المصادر، التي تحدثت لـ"الخليج أونلاين"، أكّدت وجود محادثات على أعلى مستوى بين القيادتين السعودية والإماراتية ومسؤولين غربيين، على رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية؛ لثنيهم عن اتهام بن سلمان بإعطاء أوامر إخفاء خاشقجي، وقتله بطريقة وحشيّة داخل القنصلية، في وقت لا يزال ولي عهد المملكة رافضاً تقديم تنازلات لتركيا قد تبعد الاتهامات عنه.

وتشدّد المصادر، التي طلبت عدم كشف هويتها، على أن الجانبين، السعودي والإماراتي، اتفقا على "تقديم أكباش فداء"، من المرجح أن يكون على رأسهم المستشار بالديوان الملكي سعود القحطاني، واتهامهم بالإشراف على هذه العمليّة دون علم القيادة السعودية.