علاقات » تركي

لا بد من أن زعيم السعودية لا يهاب غيظ الولايات المتحدة. فواشنطن تعطيه كل ما يريد.

في 2018/10/19

الخليج أونلاين-

 

يبدو أن الرفض الدولي المتواصل لسياسات ولي العهد محمد بن سلمان، منذ قفزه إلى هذا المنصب، في يونيو 2017، بدأ يدفع عائلة العاهل السعودي إلى البحث عن بديل لضمان بقاء عصمة الحكم في يد ذرية الملك سلمان.

الشرط الأول والأهم في تصدير ولي عهد جديد يتمثّل بإيجاد شخص صاحب سجلّ نظيف، على عكس سلفه المتّهم بارتكاب انتهاكات حقوقية داخل المملكة وخارجها.

قضية اغتيال الكاتب والصحفي جمال خاشقجي، في القنصلية السعودية بإسطنبول، كانت بمنزلة الشعرة التي قصمت ظهر البعير في مسلسل الانتهاكات التي ظهرت مع وصول بن سلمان، إذ تعالت الأصوات المُنادية بعزله.

إجماع دولي

بعد اختفاء خاشقجي بأيام، هدّد مسؤولون أمريكيون، في مقدّمتهم الرئيس دونالد ترامب، بفرض عقوبات على السعودية إذا ما ثبت وقوفها خلف تصفية خاشقجي.

هذا الأمر فسّره مراقبون باقتراب تخلّي الإدارة الأمريكية عن ولي العهد السعودي، بعد أن كان ترامب وصهره، جاريد كوشنر، يراهنون عليه، لا سيما في دعم الاقتصاد الأمريكي والضغط على دول عربية لتمرير ما تُعرف بـ"صفقة القرن".

ونقل "الخليج أونلاين"، الأسبوع الماضي، عن مصادر مختلفة تأكيدها أن هناك سعياً وإرادة دوليّة وعربية ومحليّة للتخلّص من بن سلمان وإنهائه سياسيّاً؛ بعد أن تسبّبت سياساته بإدخال بلاده والمنطقة في سلسلة أزمات غير مسبوقة.

المصادر أكّدت أن "حالة الغضب والسخط على بن سلمان ليست على الصعيد الدولي فقط، بل إن الجو العام الذي يسود عائلة آل سعود يشير إلى التحضير لأمر كبير خلال الفترة المقبلة، قد يصل إلى الاصطفاف خلف شخصيّة توافقيّة ودعمها".

وتضيف المصادر: إن "بن سلمان أصبح يعيش في عزلة أشدّ من ذي قبل على مستوى مكانته وشعبيّته داخل العائلة، وبدأ يشعر بتهديد وجوديّ له أكثر من ذي قبل".

خالد ولياً للعهد؟

وفي حال الإطاحة بمحمد بفعل الضغوط الدولية، فإن سؤالاً سيُطرح عن الخليفة الذي سيأخذ مكانه، مع ضرورة ابتعاد ولي العهد الجديد عن نهج سلفه الذي حارب أمراء في العائلة المالكة، واعتقل ناشطين ودعاة وعلماء.

وتشير معطيات، فضلاً عن ضغوط كبيرة يمارسها أعضاء في الكونغرس الأمريكي ودول غربية، إلى احتمال عزل ولي العهد الحالي، وتعيين شقيقه خالد، الذي يعمل سفيراً لدى الولايات المتحدة، خلفاً له.

وعلى هامش قضية خاشقجي، بدأ الحديث عن احتمال تعديل مهمّ في بنية الحكومة السعودية، قد يُترجَم بتغيير صفة السفير السعودي الحالي لدى الولايات المتحدة، حسبما تحدثت مصادر مُطّلعة لصحيفة "نيويورك تايمز".

وتقول احتمالات غير مؤكّدة تستند إلى تسريبات إعلامية غالباً ما تصدر في الصحافة الأمريكية، إن سياسيين أمريكيين يطالبون إدارة البيت الأبيض بالضغط لاستبدال ولي العهد الحالي.

واحدٌ من هؤلاء كان السيناتور الجمهوري المعروف بدفاعه عن الرياض وعن سياساتها، ليندسي غراهام، الذي دعا علناً في مقابلة تلفزيونية إلى رحيل بن سلمان عن السلطة على اعتبار أنه "لا يمكنه أن يكون قائداً".

ومنذ نهاية الأسبوع الماضي، غادر خالد بن سلمان واشنطن، بموازاة نفي وزارة الخارجية الأمريكية أن يكون فعل ذلك بناءً على طلب أمريكي، وأنه لن يعود إلى واشنطن، دون أن توضح من سيخلفه وأين سيتم تعيينه.

سجلّ محمد بن سلمان

ويتهم العديد من الصحف الأمريكية والغربية، منها "واشنطن بوست" و"نيويورك تايمز"، محمد بن سلمان بقتل خاشقجي، بعدما وافق على استجوابه أو خطفه، وذلك في محاولة لإسكات أصوات المعارضين لسياساته.

هذا الاتهام سبقته سلسلة إجراءات وممارسات ضد معارضي بن سلمان داخل المملكة وخارجها، وصلت إلى حدّ الاعتقال وإصدار أحكام الإعدام بحق عدد منهم.

وبعد توليه بشهرين تقريباً، بدأ محمد بشنّ حملة اعتقالات واسعة ضد أمراء ووزراء سابقين وحاليين، في فندق "ريتز كارلتون"، بحجة "مكافحة الفساد"، قبل أن تنتهي بصفقات مالية ضخمة مقابل الإفراج عنهم.

وفي فترة ولايته للعهد، ظهرت السعودية كما لم تظهر من قبل بموقف المُنصاع لأوامر واشنطن، إذ إن الشخصية السياسية للمملكة لم تعد كما كانت سابقاً، لا سيما بعدما دفعت الرياض أموالاً ضخمة طلبها الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب.

وداخلياً، تحوّل البلد الغني بالنفط إلى مملكة تعاني مشاكل اقتصادية تسبّب بها محمد بن سلمان، بعد بدء تنفيذ خطّته الاقتصادية "رؤية 2030"، انعسكت بشكل مباشر وسريع على المجتمع.

وخارجياً، ما زال الرجل متورّطاً في حرب مستمرّة منذ 3 سنوات في اليمن، ضمن تحالف تقوده بلاده، وارتفعت وتيرة عملياته بعد وصوله إلى ولاية العهد، وسط اتهامات دولية بارتكاب جرائم حرب بحق المدنيين اليمنيين.

ويذكر موقع "المرصاد نت"، في مقال تحليلي، أن الملفات التي فتحها بن سلمان والقرارات التي اتّخذها خلال عام واحد أعادت السعودية بشكل أو بآخر من حيث المكانة إلى مرحلة تأسيس المملكة.

وأضاف: "على ما يبدو أن الانفتاح الذي انتهجه الابن زاد من عزلة السعودية بدلاً من أن يعزّز مكانتها بين الدول"، متسائلاً عمّا إذا كان الأب "سيتمكّن من إنقاذ العلاقات المملكة المتّجهة نحو منزلق خطر؟".