علاقات » تركي

قضية خاشقجى ومستقبل محمد بن سلمان

في 2018/10/22

محمد المنشاوي- الشروق المصرية-

يعتقد الكثير من خبراء الشئون العربية فى العاصمة الأمريكية بقرب نهاية الحياة السياسية لولى العهد السعودى محمد بن سلمان على إثر التطورات المتعلقة بعملية اختفاء ــوما تردد عن تعذيب وقتلــ الكاتب السعودى جمال خاشقجى داخل مبنى القنصلية السعودية بمدينة إسطنبول التركية قبل أكثر من أسبوعين.

ولم يكن بالغريب خروج أحد أهم أعضاء مجلس الشيوخ البارزين ــ ليندسى غراهام ــ وهو من حزب الرئيس ترامب الجمهورى، داعيا الملك السعودى لضرورة تغيير ولى عهده.

وقال غراهام فى مقابلة تلفزيونية مع شبكة فوكس إنه لن يتعامل مع السعودية أو يذهب إليها ما دام محمد بن سلمان وليا للعهد، وتعهد السيناتور الجمهورى المقرب من الرئيس ترامب إيقاع أشد أنواع العقوبات على الرياض فى حال بقاء محمد بن سلمان فى الحكم.

ولم يكتف السيناتور المخضرم بتقديم النصيحة للملك السعودى، بل ذهب لوصف محمد بن سلمان بأنه ًآلة تدمير قتلت خاشقجى وشخصية مثيرة للقلاقلً مضيفا أنه لن يكون قائدا عالميا، وأكد أن بن سلمان كان وراء اختفاء الصحفى السعودى وتصفيته داخل القنصلية.

وقبل ذلك دعا الكاتب البارز بصحيفة نيويورك تايمز نيكولاس كريستوف بضرورة اتخاذ خطوات جادة ضد الرياض. وكتب كريستوف:

ًبصراحة هذا عار على المسؤولين بإدارة ترامب وأباطرة الأعمال التجارية، الذين سبق لهم أن صفقوا لابن سلمان رغم سجنه عشرات رجال الأعمال والأمراء، وخطفه رئيس الوزراء اللبنانى سعد الحريرى وإجباره على الاستقالة، بالإضافة إلى حرب اليمن التى خلفت أسوأ أزمة إنسانية فى العالم، حيث يعيش قرابة ثمانية ملايين يمنى على حافة المجاعةً.

وطالب كذلك واشنطن بأن ًتبدأ تحقيقا بموجب قانون ماغنيتسكى، وأن تكون على أهبة الاستعداد لفرض عقوبات على المسئولين السعوديينً. وختم كريستوف مقاله ناصحا إدارة ترامب بأن تبلغ الرياض ضرورة البحث عن ولى عهد جديدً.

وحذرت افتتاحيات الصحيفتين المهمتين فى الولايات المتحدة، الواشنطن بوست والنيويورك تايمز، من أى محاولات للتغطية على المسئول الرئيس وراء عملية القتل، أو تقديم كبش فداء ممثلا فى مسئولين صغار أو ضباط سعوديين لإسكات الرأى العام العالمى.

تغيرات كبيرة أحدثها الملك سلمان بمنظومة الحكم والخلافة داخل البيت السعودى، وأدت إلى صعود ابنه محمد إلى ولاية العهد، إضافة لعدة مناصب أخرى حساسة على رأسها كونه وزيرا للدفاع، ومسؤولا عن الملف الاقتصادى السعودى رغم عدم بلوغه منتصف الثلاثينيات من العمر.

دفعت هذه التغيرات لاستغراب الكثيرين خاصة أن صغر سن محمد بن سلمان قد يتيح له حال خلافته لوالده أن يبقى ملكا لنصف قرن من الزمان.

وصاحب تلك التغيرات سيطرته الكاملة على مراكز القوة داخل منظومة الحكم السعودية المتشعبة لتنهى ما عرف من عرف اتخاذ القرارات بموافقات شبه جماعية داخل العائلة السعودية الحاكمة منذ ستينات القرن الماضى.

وبعكس مما يبدو من الخارج على أنه شهر عسل فى العلاقات بين واشنطن والرياض، فإن حكماء أمريكا يدركون أن المصالح المشتركة التى جمعت واشنطن بالرياض على مدى أكثر من نصف قرن باعتبارها أحد أركان سياسة واشنطن فى المنطقة، تخضع لاختبار كبير أمام ولى العهد وسياساته الخارجية، ورئيس أمريكى لا يتحكم فى تصريحاته ولا يفهم تعقيدات بيت الحكم السعودى.

يعتقد الكثير من خبراء الشئون العربية بالعاصمة واشنطن أن المنطقة يكتب لها تاريخ جديد على إثر حادثة مقتل خاشقجى. ويعتقدون كذلك أن محمد بن سلمان لن يصبح ملكا ليبقى فى الحكم لنصف قرن قادم.

ويرون أيضا أنه ربما أصبح عبئا على العائلة المالكة السعودية وعبئا على علاقات بلاده بدول العالم المهمة وعلى رأسها الولايات المتحدة.

ويبدو أن غضب الرأى العام العالمى، إضافة لحراك واشنطن والذى تقوده صحيفة واشنطن بوست ضد السعودية منذ أكثر من أسبوعين، وهو حراك غير مسبوق، ولن يهدأ بمحاولات وصفقات هنا وهناك للتغطية على المسئول الحقيقى وراء مقتل جمال خاشقجى.