علاقات » تركي

انقلاب البوصلة السعودية.. هل باتت تركيا أخطر من إيران و"إسرائيل"؟!

في 2018/11/20

وكالات-

أطلقت قضية اغتيال الصحفي السعودي جمال خاشقجي رصاصة جديدة على العلاقة التركية - السعودية الهشة أصلاً، وسط معطيات تشير إلى مزيد من الاحتقان والتأزم بينهما.

وعلى الرغم من الغزل العلني الذي كاله ولي العهد السعودي محمد بن سلمان للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، عندما قال في أكتوبر الماضي: "بوجود رئيس اسمه أردوغان لن يستطيع أحد تهديد العلاقات بيننا"، فإنه سارع بعد أيام لانتقاده أمام وفد الإنجيليين الأمريكيين، المعروف بدعمه المطلق لـ"إسرائيل".

وفي هذا الوقت لم يكف الساسة والصحف السعودية عن مهاجمة تركيا واتهامها بالضلوع في قتل خاشقجي، والتهديد بالتحرك ضدها لحماية "أمن المملكة".

 انقلاب البوصلة

وفيما مضى كان ينظر إلى إيران على أنها أخطر من "إسرائيل" من وجهة نظر الرياض، وكانت الصحف السعودية تروج للتطبيع مع "إسرائيل" كخطوة لمواجهة طهران.

وسبق في أبريل الماضي أن دعا الكاتب في صحيفة الرياض السعودية، أحمد الجميعة، العرب إلى التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي وإعلان قرار السلام معها في القمة العربية المنعقدة بالظهران للتفرغ لإيران لأنها "أخطر من إسرائيل".

وقال في مقاله المعنون بـ"قمة الظهران.. سلام مع إسرائيل ومواجهة إيران": إن "العرب انشغلوا في قممهم منذ 72 عاماً بالقضية الفلسطينية، وجعلوا إسرائيل محوراً مهماً على طاولتهم، وانشغلوا عن قضايا عربية جوهرية أهمها الخطر الإيراني في المنطقة، وتداعياته التي وصلت إلى احتلال أربع عواصم عربية وثلاث جزر إماراتية".

كما يرى صاحب المقال الذي أيده مغردون موالون للدولة، أن "إسرائيل تحتل عاصمة عربية واحدة فقط.. ولم تتجاوز حدود دولتها على الأقل في العقد الأخير"، في حين أن إيران "تنشر الطائفية وتصدّر الإرهاب وتدعم جماعاته المتطرفة، وتتدخل في شؤون الآخرين".

لكن اليوم انقلبت البوصلة وباتت تركيا هي المستهدفة من سهام الإعلام السعودي شبه الرسمي، وباتت هي الخطر على أمن المملكة أكثر من إيران و"إسرائيل"، بل وتزامن مع ذلك انفتاح جزئي على طهران لتسوية خلافاتهما بشأن قضايا المنطقة.

فقد كشف مصدر دبلوماسي رفيع المستوى لـ"الخليج أونلاين" قبل أسابيع، عن وجود اتصالات سرية بين السعودية وإيران، للتوصل إلى تفاهمات سياسية.

وبحسب ما ذكر المصدر، فإن اتصالات يقودها وزير الخارجية السعودي عادل الجبير منذ أسابيع، تهدف إلى تفاهم إيراني سعودي حول قضايا المنطقة خصوصاً في الملف اليمني.

يشار إلى أن العلاقات الدبلوماسية الإيرانية - السعودية مقطوعة منذ يناير 2016، عقب الهجوم على البعثات الدبلوماسية السعودية في إيران وإحراقها.

كما يختلف البلدان في العديد من القضايا الدائرة في المنطقة أبرزها اليمن، حيث تقود الرياض حرباً على الانقلابيين الحوثيين المدعومين من طهران منذ مارس 2015، راح ضحيتها الآلاف كما تشرد الملايين من اليمنيين.

 

 قاطعوا تركيا!

وزادت الدعوات لمقاطعة السياحة التركية في السعودية بشكل لافت بعد تكشف حقائق جديدة حول جريمة قتل خاشقجي في قنصلية بلاده بإسطنبول الشهر الماضي، إذ تتهم حسابات تابعة لما يعرف بـ"الذباب الإلكتروني" السعودي أنقرة بأنها تسيّس قضية خاشقجي، وتتخذها ذريعة لمهاجمة بلادهم وقادتها على حد زعمهم.

ويقود الذباب الإلكتروني السعودي المستشار المقال من الديوان الملكي سعود القحطاني، الذي كُشف تورطه في تنسيق اغتيال خاشقجي بين أعضاء "فريق المهمة" كما أسمته النيابة التركية، والآمر بالمهمة نائب رئيس الاستخبارات السعودية المقال أحمد عسيري.

وبحسب ما أعلنت الرياض فإن التحقيقات مستمرة مع القحطاني الذي يوصف بأقرب المستشارين إلى ولي العهد بن سلمان، في حين أكدت وكالات وصحف عالمية أنه يمارس عمله بحرية في صد الضخ الإعلامي الذي يكشف خيوط تورط بن سلمان في الجريمة.

الحسابات التي يقودها القحطاني وجدت من الدعوة إلى مقاطعة السياحة والشركات السياحية التركية سبيلاً لتشتيت أنظار السعوديين عن "ورطة" ولي عهدهم، وهاجم مغردون منهم الرئيس التركي واصفين تركيا بـ"عدو أسوأ من إيران"، بحسب ما رصد "الخليج أونلاين".

واللافت أن محور الاتهامات التي أطلقها المغردون اتجاه تركيا، كان يدور حول اتهامها بأنها أخطر من إيران التي كانوا يرونها أخطر من "إسرائيل"، وبأنها تبتز السعودية في قضية خاشقجي، إلى جانب تهم أخرى من قبيل دعم حركة حماس ومليشيا "الحشد الشعبي" العراقية، وحركة "الحوثي" اليمنية.

وفي محاولة لتجاهل الأزمة التي وقعت بها الجهات الرسمية السعودية، ركز آخرون على التسجيلات التي حصلت عليها تركيا من داخل القنصلية، والتي توثق جريمة قتل خاشقجي، كما اعتبروها "تجسساً" يحتاج إلى محاسبة دولية.

ويعد قطاع السياحة التركي واحداً من أهم المجالات التي من الممكن أن تستغلها الرياض في الضغط على أنقرة، حيث تقول تركيا إن السياح السعوديين الوافدين إليها زاد في النصف الأول من العام 2018 بنسبة 35% (620 ألف سائح)، مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي.

وبحسب السفير التركي في الرياض أردوغان كوك، اختار عدد من المواطنين السعوديين الاستقرار في ولايات تركية عديدة مثل إسطنبول وبورصة وطرابزون وغيرها، وفق ما نقلته وكالة الأناضول.

في المقابل تحتل السعودية المرتبة السادسة بين الدول التي يقيم الأتراك فيها خارج بلدهم. ويبلغ عدد المغتربين الأتراك فيها أكثر من 100 ألف مغترب.

ويُستغرب من التوجه السعودي الذي يرى أن تركيا أخطر من إيران عدم توافقه مع ما تروجه المملكة للعالم منذ سنوات من اعتبار طهران خطراً على السلم والأمن الدولي والإقليمي، وسط حرب مشتعلة تقودها في اليمن ضد ذراع إيران هناك "الحوثيين"، قبل أن تتجه مؤخراً لإنهاء المعركة وجمع الأطراف اليمنية على طاولة مفاوضات السويد المرتقبة، ما أشار بوضوح إلى عجزها عن المواصلة وسط الضغوط الدولية.