علاقات » تركي

العسّاف: السعودية لا تمر بأزمة بسبب خاشقجي.. بل تشهد "تحولا"

في 2018/12/29

متابعات-

في أول حديث صحفي له بعد تعييه وزيرا للخارجية، اعتبر إبراهيم العسّاف أن المملكة العربية السعودية "لا تمر بأزمة" بسبب قضية مقتل جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده في اسطنبول، بل تشهد "تحولا"، حسب تعبيره.

أعلن وزير الخارجية السعودي الجديد إبراهيم العسّاف في مقابلة مع وكالة الأنباء الفرنسية "فرانس برس" الجمعة (28 كانون أول/ ديسمبر 2018) أنّ المملكة "لا تمرّ بأزمة" بسبب قضية مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده في اسطنبول، وإنما تشهد "تحوّلاً". وقال العسّاف غداة تعيينه وزيرا للخارجية في إطار تعديل وزاري واسع النطاق أجراه الملك سلمان إنّ "قضية جمال خاشقجي... أحزنتنا حقّاً، جميعاً". وأضاف في المقابلة التي أجريت معه بالإنكليزية "لكن في المحصّلة، نحن لا نمرّ بأزمة، نحن نشهد تحوّلاً" في إشارة إلى الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية التي أطلقها وليّ العهد الأمير محمد بن سلمان.

ويعتبر التعديل الحكومي المفاجئ محاولة لتمثيل جيل مهمش في المملكة، ما يضيف بعض الضوابط والتوازنات في قرارات السياسة التي يصدرها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان (33 عاما) الذي واجه انتقادات دولية بسب مقتل خاشقجي. لكن العساف شدد في أول مقابلة منذ تعيينه على أن عملية إعادة الهيكلة لم يكن دافعها قضية خاشقجي، بل الحاجة إلى أن تكون الآلية الحكومية أكثر كفاءة.

إرث سياسي صعب  

يرث العسّاف (69 عاما) الوزارة بعد سلسلة من التحركات المتعلقة بالسياسة الخارجية لولي العهد الذي فرض مع حلفائه الاقليميين حصارا على قطر المجاورة وشن حملة عسكرية في اليمن. وبعد ذلك، يشكل مقتل خاشقجي في القنصلية السعودية في اسطنبول من قبل "عناصر غير منضبطة"، حسب التعبير الرسمي السعودي، اختبارا للعلاقات مع واشنطن خصوصا بعد قرار مجلس الشيوخ الذي يحمل الأمير محمد المسؤولية عن عملية القتل.

ولدى سؤاله عما إذا كان أكبر تحديات سياسته الخارجية هو إصلاح سمعة المملكة الملطخة، أجاب العساف "لن أقول "إصلاح" لأن العلاقات بين بلدي والغالبية الساحقة من دول العالم ممتازة". لكنه سلفه عادل الجبير حاول الدفاع بكل حزم عن الحكومة وعن ولي العهد على الساحة الدولية إثر مقتل خاشقجي، لكن دون نتيجة تذكر، ولهذا بات عليه الرحيل عن منصبه أو على الأقل الخروج من الواجهة والعمل من وراء الكواليس الدبلوماسية. وفي تعديل الخميس، تم تعيين الجبير وزيرا للدولة للشؤون الخارجية ما يثير تكهنات بأنه تم تخفيض رتبته بعد فشله في اسكات الانتقادات العالمية في قضية خاشقجي.

لكن العسّاف سارع إلى القول إن "هذا أبعد ما يكون عن الحقيقة" مضيفا أن الجبير قام بدور مميز. وشدد على أن دور الجبير الجديد هو بمثابة تقسيم للعمل وليس انتقاصا منه في محاولة لتسريع مهمة إعادة تشكيل وزارة معروفة بأنها بيروقراطية بشكل مفرط. وتابع "لقد مثّل عادل السعودية وسيستمر في تمثيلها (...) حول العالم. نحن نكمّل بعضنا بعضاً".

وكان العسّاف البيروقراطي المحنك، ضمن الذين تم احتجازهم لفترة وجيزة في فندق ريتز كارلتون الرياض العام الماضي مع مئات من الأمراء ورجال الأعمال، في حملة وصفتها الحكومة بانها لمكافحة الفساد. ويؤكد مسؤولون سعوديون انه أطلق سراحه بعد أن تمت تبرئته من أي مخالفات ثم تولى قيادة وفد حكومي إلى المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس 2018. لكن بعض الخبراء يؤكدون أن العسّاف قد دفع مبالغ طائلة مقابل خروجه من الحجز في فندق ريتز كارلتون.

ويعبر مراقبون عن اعتقادهم بأن إعادة تعيينه في منصب وزاري يشير إلى أن الحكومة تسعى إلى "إعادة تأهيل" الحرس القديم المتمرس. وبعبارة أخرى، فإن حملة ولي العهد ضد الأمراء والمسؤولين بتهمة الفساد قد ابعدت ذلك الحرس القديم عن التأثير السياسي، مما استوجب عودتهم، ما يشكل ضربة لتوجهات ولي العهد.

وتقول بيكا فاسر من مؤسسة "راند كوروبوريشن" إن الملك سلمان "يسعى إلى تعزيز موقع نجله من خلال تعيين تكنوقراط متمرسين مثل العساف ممن ليسوا من الدائرة المقربة من ولي العهد، ما يعيد بشكل غير مباشر نظاماً داخلياً من الضوابط والتوازنات التي تعرضت للتهميش خلال محاولته تعزيز سلطاته".

وأوضحت لفرانس برس أن "إضافة بعض ذوي الخبرة من الموظفين الحكوميين من جيل أكبر سنا من شأنه التحقق من بعض خطوات ولي العهد". وتعزز ترقية حلفاء مخضرمين في التعديل الوزاري الخميس سلطات الأمير محمد بعد إقالة مساعديه الأصغر سنا في دائرته الداخلية المتورطة في مقتل خاشقجي، وضمنهم مستشار الديوان الملكي السابق سعود القحطاني.

وقال العساف، وهو عضو مجلسي ادارة شركة النفط العملاقة الحكومية أرامكو وصندوق الاستثمار العام إن تعيينه وزيرا للخارجية سيساعد في نقل خبراته المالية إلى الشؤون الخارجية. وأضاف أن "العلاقات الاقتصادية تهيمن على الشؤون الخارجية حاليا (...) أقول بكل تواضع أن تجربتي ستشكل عاملا مساعدا". وهي إشارة واضحة إلى أن علاقة المملكة بإدارة ترامب باتت علاقة مرتبطة فقط بالصفقات التجارية والمالية وهي المحرك الأساسي لهذه العلاقات.