وكالات-
تشارك نحو 39 دولة في الورشة الاقتصادية التي تستضيفها العاصمة البحرينية المنامة، الثلاثاء، كمرحلة أولى في تطبيق خطة السلام الأمريكية بالشرق الأوسط، المعروفة باسم "صفقة القرن".
وتأتي المملكة العربية السعودية على رأس الدول العربية المشاركة بالورشة، إذ تشير تقارير غربية إلى أن الرياض تمثل محط تعويل الخطة الأمريكية فيما يتعلق بتمويل صفقة التسوية المزعومة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وفق الرؤية التي اعتمدها "جاريد كوشنر" مستشار الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب".
فالبيت الأبيض يخطط لطرح اقتراح باستثمار 50 مليار دولار ليكون محور النقاش بالورشة، وأساس خطة التسوية الفلسطينية الإسرائيلية فيما بعد، وفقا لما أوردته وكالة بلومبرغ الأمريكية.
ولذا، سيكون وزير الخزانة الأمريكي "ستيفن منوتشين"، والمبعوث الخاص "جيسون غرينبلات"، والمبعوث الأمريكي الخاص لإيران "برايان هوك"، من بين الحاضرين للورشة.
السعودية وذراع إيران
وتستهدف الرياض من مشاركتها ضمان استمرار الدعم الأمريكي لحملة "أقصى الضغوط" على إيران، خاصة أن أولويتها الاستراتيجية تتمحور حول مواجهة "الذراع الطولى لإيران في المنطقة، وهم الحوثيون في اليمن"، وفقا لما أكدته الدبلوماسية الإسرائيلية السابقة "روت فاسرمان ليندا"، الإثنين، في مقال نشرته بصحيفة "معاريف" العبرية.
ووفقا لهذه الرؤية، فإن الرياض أبدت استعدادا لدفع مليارات الدولارات مقابل كبح إيران وميليشياتها باليمن، خاصة مع استمرار ضرب الأهداف السعودية بالصواريخ الباليستية، الأمر الذي جعل المملكة تتحدث مع الفلسطينيين بلسان واحد واضح مفاده: "أمننا أهم من قضيتكم".
وفي السياق، تتضمن وثيقة مكونة من 40 صفحة، أصدرتها إدارة "ترامب"، إنشاء صندوق استثماري عالمي، تأمل الولايات المتحدة من خلاله في تحسين اقتصاديات فلسطين ودول عربية مجاورة كجزء من التزامات ورشة البحرين، ومن ثم صفقة القرن.
مصر والأردن والمغرب
الوضع معكوس بالنسبة لسبب مشاركة مصر والأردن، إذ يدفعهما الظرف الاقتصادي الضاغط نحو المشاركة للاستفادة بما يمكن تحصيله من امتيازات مالية، وإن بدت القناعة السياسية لكليهما بمضمون النقاشات المتوقعة بورشة البحرين وبنود صفقة القرن ضعيفة، في ظل تردد أنباء عن احتواء الشق السياسي من صفقة القرن لمبدأ "تبادل أراض" تابعة لمصر والأردن مقابل حوافز اقتصادية وتخلي الفلسطينيين عن حق عودة اللاجئين إلى الأراضي المحتلة.
ظهر ذلك واضحا من تصريح وزير الخارجية المصري "سامح شكري"، الإثنين، بأن مصر ستشارك في ورشة البحرين "لتقييم الأمور فقط وليس الإقرار بها".
وعن الأنباء التي تشير إلى اقتطاع جزء من سيناء لتوطين الفلسطينيين به، كأحد بنود "صفقة القرن"، قال "شكري": "ليس هناك تنازل عن حبة وذرة رمل من أراضي سيناء التي استشهد من أجلها العديد من المواطنين المصريين الشرفاء دفاعا عنها وسعيا لاسترجاعها".
وعليه جاء اكتفاء القاهرة وعمان بمشاركة محدودة في ورشة البحرين، بمستوى تمثيل منخفض (نائب وزير المالية في كلا البلدين).
وبدا موقف المغرب مقاربا لنظيريه، المصري والأردني، حيث أكدت الناطقة باسم وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الدولي مشاركة "إطار من وزارة الاقتصاد والمالية" بورشة البحرين دون تحديد اسمه، وسط مظاهرات احتجاجية حاشدة ببعض المدن في البلاد؛ رفضًا لأي مستوى من المشاركة.
الكويت ولبنان والعراق
وعلى المستوى الخليجي، أكدت الإمارات مشاركة وزير الدولة للشؤون المالية "عبيد بن حميد الطاير" بالورشة، كما أعلنت قطر مشاركتها، في بيان لوزارة الخارجية، لم يحدد مستوى التمثيل.
وفي المقابل، تبنت الكويت موقف المقاطعة للورشة، لتواصل بذلك رفضها المبدئي للتطبيع مع الاحتلال لإسرائيلي، وهو ما أقره مجلس الأمة بالإجماع، أمس الإثنين.
وحذر أعضاء المجلس من أن ورشة المنامة تهدف إلى تكريس الاحتلال وإضفاء الشرعية عليه، وتحميل الدول الخليجية نفقات وأعباء تثبيته، بحسب الوكالة الكويتية الرسمية "كونا".
وتبنى كل من العراق ولبنان الموقف ذاته، إذ قال المتحدث باسم الخارجية العراقية "أحمد الصحاف": "لسنا معنيين بهذا المؤتمر ولن نشارك فيه (..) العراق يتمسك بموقفه الثابت والمبدئي تجاه القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني" وفقا لما أوردته وكالة الأناضول.
كما أكد وزير خارجية لبنان "جبران باسيل" أن بلاده لن تشارك في الورشة "لأن الفلسطينيين لن يشاركوا فيها".
تركيا والصين وروسيا
وعلى مستوى القوى الإقليمية والعالمية، أعلن سفير الصين لدى فلسطين، "كواه وي"، الإثنين، أن بلاده، وروسيا، اتفقا على مقاطعة ورشة البحرين، مؤكدا موقف بلاده "الداعم للقضية والشعب الفلسطيني وحقه في تقرير المصير والاستقلال وإقامة دولته المستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية"، ما يحمل رفضا ضمنيا لإطار "صفقة القرن" المزمع إعلانه في المرحلة الثانية لخطة التسوية الأمريكية.
وجاء إعلان المقاطعة الأكثر تأثيرا عبر أنقرة، إذ اعتبرت تركيا ورشة البحرين "مدخلاً لتصفية القضية الفلسطينية"، لا يساهم في إنهاء الصراع، بل يفاقمه.
وتأتي أهمية الموقف التركي في ظل ارتباط أنقرة بعلاقات جيدة مع حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية "حماس"، فضلا عن تعاظم تأثيرها الإقليمي في السنوات الأخيرة، وانخراطها في تشكل جبهات مصالح متعارضة في الغالب مع توجهات السعودية والإمارات ومصر.
ومن جانبه، ثمن السفير الفلسطين لدى تركيا "فائد مصطفى" موقف أنقرة، مشيرا إلى أن السفارات التركية في العالم تبادر، عبر علاقاتها، بالعمل على رفع مستوى التمثيل الرافض لحضور الورشة.
السلطة الفلسطينية كانت قد أعلنت من جهتها مقاطعتها الورشة، وهي تقاطع أساسا الإدارة الأمريكية منذ إعلان "ترامب" (نهاية 2017) اعترافه بالقدس عاصمة لـ (إسرائيل) من جانب واحد.
وذكر مسؤول كبير في الإدارة الأمريكية، الإثنين، أن البيت الأبيض لا يعتزم دعوة مسؤولي الحكومة الإسرائيلية لحضور ورشة البحرين "لإبقائها بعيدة عن السياسة"، وفقا لما نقلته وكالة "فرانس برس".
وقال المسؤول، الذي طلب عدم نشر اسمه، إنه من المتوقع أن يحضر ممثلو قطاع الأعمال الفلسطيني للورشة وإن لم يحضرها مسؤولو الحكومة الفلسطينية.
وأفادت الصحيفة العبرية، الثلاثاء، أن الفلسطينيين يتعرضون لضغط شديد من الدول العربية المعتدلة للمشاركة في المؤتمر الاقتصادي في البحرين، وذلك بعد أن أعلن رئيس السلطة الفلسطينية رسميا أن الفلسطينيين سيقاطعون المؤتمر، بسبب ما وصفوه بأنه "المعاملة المتحيزة من جانب إدارة ترامب تجاه (إسرائيل)".
وقال مصدر أردني رفيع المستوى لـ"إسرائيل اليوم"، إن "أبومازن" رد اقتراحا لمخطط وضع لحل الأزمة الاقتصادية في السلطة بل ومنع المسؤولين الفلسطينيين الكبار من حضور محافل إسرائيلية في محاولة لحل الأزمة الاقتصادية التي تعيشها السلطة الفلسطينية، وكفيلة بأن تؤدي إلى انهيارها.