متابعات-
كشفت وثائق سرية تعود للحكومة السعودية عن أن استراتيجية المملكة في اليمن قائمة على تفكيك البلاد عبر دعم الكيانات المختلفة لا الدولة، لضمان بقاء تلك الكيانات القبلية والسياسية كقوة ضغط ونفوذ توازي قوة ونفوذ الدولة اليمنية، مع تحريض بعض تلك القوى على مواجهة قوى أخرى، بما يحقق مصالح المملكة على حساب اليمن.
وأظهرت الوثائق التي نشرتها قناة الجزيرة الفضائية، اليوم الأحد، موقف الحكومة السعودية من قوى وشخصيات تطالب بانفصال الجنوب، ومن إعادة النظر في دعم القبائل، وعدم تحركها لإيقاف الحوثيين عن اقتحام صنعاء رغم توصية الاستخبارات السعودية بذلك، إضافة إلى إعاقتها لجهود قطرية لإعمار مدينة صعدة.
وبينت الوثائق أن المملكة دفعت اليمن، منذ نهاية 2011، للوصول إلى وضعه الحالي، من خلال تعزيز سياساتها لذلك.
وأوضحت الوثائق أن السعودية كانت تتعامل مع فصل جنوب اليمن كأحد الخيارات الأساسية لحل ما تصفه "بقضية الجنوب"، إلى جانب طرح خيار الفدرالية المحتمل مرحلياً، وأنها كانت تحاول استغلال الوضع والاحتجاجات في الجنوب لخدمة مصالحها فقط.
وأبرزت الوثائق وجود دور لبعض القوى الجنوبية في السعي للانفصال، ونجاحها بعد توقيع المبادرة الخليجية عام 2011 في الحصول على دعم سعودي كبير بحجة محاربة ما وصفته السعودية بالتوغل الإيراني في جنوبي اليمن، وجرى كل ذلك على عكس ما كانت تعلنه الرياض من دعم للحكومة اليمنية ووحدة أراضيها.
وأظهرت الوثائق أن السعودية أوعزت بالتجسس على اجتماعات الجنوبيين التي كانت تتم برعاية دولية، وأنها جندت بعض الحاضرين فيها لرفع التقارير وكتابة ما يطرحه كل طرف.
وتظهر وثيقة عنونت بـ"سري جداً- محضر اجتماع لجنة مراجعة مخصصات المشائخ اليمنيين"، وصادرة من مكتب مساعد وزير الداخلية للشؤون الأمنية، السعي الدائم لتعزيز سلطة القبيلة من خلال تقديم الدعم المادي لبعض المشايخ مقابل ضمان تنفيذهم أجندات الرياض وسياساتها.
وتشير الوثيقة إلى أن مقدار الدعم لشيوخ تلك القبائل يحدد حسب أهمية كل قبيلة ومدى التزام شيوخها بتنفيذ التوجيهات والتعليمات الواردة إليهم، بعيداً عن سلطة الدولة اليمنية.
وتجاهلت السعودية، وفق الوثائق، طلبات الدعم التي كانت ترد من السلطات اليمنية ممثلة في ذلك الوقت في الرئيس عبد ربه منصور هادي ورئيس الوزراء حينها محمد باسندوة، في حين كانت تصرف مبالغ كبيرة لشيوخ القبائل كمنح شخصية لهم، ومنح لتنفيذ بعض المشاريع في مناطقهم لضمان ولاء أفراد القبيلة.
ووفقاً للوثائق، جنّدت السعودية عدداً من القبائل لقتال قبائل وكيانات أخرى كانت تعدها مناوئة للسعودية، وسعت لضمان تنفيذ تلك القبائل أجندة السعودية بعيداً عن سيادة وسلطة الدولة اليمنية.
وتظهر الوثائق السرية أن الرياض كانت تتواصل بشكل مباشر مع مشايخ القبائل لإدارة وتنفيذ عمليات منفردة خارج سلطة الحكومة الشرعية، رغم أن السلطات السعودية كان بإمكانها التنسيق عبر سلطة الدولة اليمنية، لكنها كانت تحرص بشكل كبير على تفتيت سلطة الدولة من خلال تقوية شوكة القبائل ودعمها بالمال والسلاح.
وكشفت الوثائق عن إعاقة السعودية أي جهود لإعادة إعمار مدينة صعدة بعد توقيع المبادرة الخليجية وتوقف الحروب الست، ومنها محاولات إعاقة دعم ألماني وقطري قُدم لإعادة إعمار صعدة كمساهمة لحل صراع الحكومة اليمنية مع الحوثيين حينها، مما أسهم في تفاقم الصراع وتوسعه.
ومنذ 2015 يعيش اليمن حرباً بين قوات الحكومة الشرعية ويدعمها تحالف عسكري تقوده السعودية، ومليشيا الحوثي المدعومة من إيران.
وخلفت الحرب، المستمرة منذ أكثر من 5 أعوام، إحدى أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، إذ بات أكثر من 80% من سكان اليمن يعتمدون على مساعدات إنسانية للبقاء على قيد الحياة.