الخليج أونلاين-
بعد مرور عدة أشهر على الاتصال بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والعاهل البحريني حمد بن عيسى آل خليفة، بدأت العلاقات بين البلدين تتحسن وتأخذ منحنى إيجابياً، خاصة في عقد اللقاءات الثنائية.
وبدأت العلاقات بين البلدين تتقدم بعد تراجعها وشبه توقفها عند حدوث الأزمة الخليجية، في 2017، حيث انتقلت من الاتصالات إلى عقد لقاءات مشتركة، وهو ما يمهد لتقوية العلاقات الاقتصادية، وإمكانية توقيع اتفاقيات بين البلدين.
وسبق أن وقع البلدان اتفاقيات تعاون، حين قام ملك البحرين بزيارة مماثلة إلى أنقرة، في أغسطس 2016، إضافة إلى زيارات من الجانبين من قبل مسؤولين أتراك وبحرينيين.
وكانت آخر اللقاءات بين البلدين هي مناقشة مشروع إصلاح سوق العمل في البحرين، إلى جانب تعزيز الحماية الاجتماعية للعمال، وتنفيذ العديد من السياسات والمبادرات الهادفة إلى جذب المزيد من الاستثمارات.
وشهد اللقاء حضوراً متقدماً من قبل البلدين، حيث التقى وزير العمل والتنمية الاجتماعية في البحرين، رئيس مجلس إدارة هيئة تنظيم سوق العمل، جميل حميدان، في المنامة، بسفيرة تركيا لدى المملكة، إيسن تشاكيل، السبت 17 يوليو الجاري، وفقاً لوكالة الأنباء البحرينية "بنا".
وأظهر اللقاء نية البلدين تطوير العلاقات بينهما، حيث دعا المسؤول البحريني إلى تعزيز التعاون القائم بين تركيا والبحرين، والاستفادة من التجارب الرائدة في مختلف المجالات.
وإلى جانب حديث المسؤول البحريني، أشادت السفيرة التركية بـ"العلاقات الوطيدة التي تجمع البلدين الصديقين، وما وصلت إليه البحرين من تقدم ونماء، وما تحظى به من مكان نظير تشريعاتها المتطورة، خاصة فيما يتعلق منها بصون وحماية حقوق العمال، وما تمثله بيئة العمل السليمة والآمنة من عنصر جذب للاستثمار".
وقبل اللقاء الرسمي، بدأ القطاع الخاص بين البلدين بالتواصل في مؤشر على تطور العلاقات بين تركيا والبحرين، حيث التقى رجال أعمال أتراك وبحرينيون، في مارس الماضي، في اجتماع مرئي؛ لبحث فرص التعاون.
سعي للتصحيح
ومنذ المصالحة الخليجية التي أبرمت في يناير الماضي، بدأت أنقرة بشكل ملموس بالسعي للاستفادة من أجوائها الإيجابية وإعادة وصل الخيوط مع الرياض وأبوظبي والمنامة والقاهرة أيضاً.
وفي أول تعليق لها على المصالحة، قالت الخارجية التركية في بيان لها حينها: إن "تركيا شريك استراتيجي لمجلس التعاون الخليجي، وتولي أهمية كبيرة لأمن منطقة الخليج واستقرارها"، وهو ما قد يشير إلى الاهتمام التركي بحل الأزمة بين الدوحة وجيرانها، الذي ينعكس إيجاباً على علاقات أنقرة مع تلك الدول، خصوصاً الاقتصادية منها.
كما جرت سلسلة لقاءات بين مسؤولين أتراك من جهة، وسعوديين ومصريين كلاً على حدة؛ وذلك لإعادة بناء العلاقات التي اهتزت بشكل كبير خلال السنوات الماضية، وبدأت تظهر بوادر لافتة في هذا السياق، خاصة في العلاقات مع الرياض حليف المنامة الوثيق؛ آخرها الاتصال الهاتفي بين العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، السبت 17 يوليو، الذي جرى فيه بحث العلاقات الثنائية.
يعتقد المحلل السياسي التركي فراس رضوان أوغلو أن تركيا تسعى لتصحيح وإعادة المسار مع دول الخليج ومنها البحرين، خاصة أن للأخيرة مصالح مع أنقرة.
وفي حديثه لـ"الخليج أونلاين"، يقول رضوان أوغلو: "في حال لم تكن هناك إعادة مسار حقيقي بين البلدين، لن تبتعد البحرين عن المملكة أو تتخذ خُطا مختلفة عنها، خاصة أن هناك تنسيقاً عالياً بين المنامة والرياض في العلاقات الخارجية".
واعتبر المحلل السياسي التركي أن تحسن العلاقات بين تركيا والسعودية "نقطة انطلاق أساسية لتطور علاقاتها مع البحرين؛ لأن هناك اتفاقاً سعودياً بحرينياً حول السياسة الخارجية والعلاقات مع الدول".
ولدى البحرين لكي تتقدم بالعلاقات بعض الشروط التي يجب أن تكون متوافرة -وفق رضوان أوغلو- وهي "الضغوطات الخارجية، خاصة أن هناك تخوفاً بحرينياً من إيران ومحاولة زعزعة استقرار المملكة، وإمكانية تدخل تركيا لوقف التدخل الإيراني".
التبادل التجاري
جاء اللقاء التركي البحريني الأخير ضمن أعمال مجلس الأعمال المشترك بين البلدين وجمعية رجال الأعمال البحرينية، حيث هدف إلى بناء جسور جديدة مع البحرينيين، وإضافة جسور جديدة إلى العلاقات التجارية والاقتصادية الثنائية القائمة.
وأُسس مجلس الأعمال التركي البحريني بموجب اتفاقية وقعها اتحاد الغرف والبورصات التركية وغرفة التجارة والصناعة البحرينية، خلال زيارة أجراها رئيس مجلس الوزراء البحريني لإسطنبول، في فبراير 2006.
وتاريخياً كان للجانب الاقتصادي نصيب كبير من العلاقات بين البلدين، حيث تراجع التبادل التجاري بين البحرين وتركيا 13% في 2020، للعام الثاني توالياً، حيث انخفض أيضاً في عام 2019 بنسبة 19%، انحرافاً عن مسلسل النمو في التبادل التجاري الذي استمر لسنوات طويلة، والذي بلغ ذروته في 2018.
وكشفت إحصائيات محلية رسمية عن أن حجم التبادل التجاري مع تركيا تراجع في العام 2020 إلى 414 مليون دولار، مقارنة بنحو 472 مليون دولار في 2019، ونحو 580 مليون دولار في 2018، و536 مليون دولار في 2017.
وتراجعت عمليات الصادرات والواردات التي يقوم بها القطاع في البلدين، حيث انخفضت واردات شركات القطاع الخاص البحريني من تركيا 22% إلى 219 مليون دولار في 2020، مقارنة بنحو 281 مليون دولار في 2019، وبانخفاض 16% عن العام 2018 الذي بلغت فيه الواردات ذروتها عند 336 مليون دولار.
وسبق أن شهدت العاصمة التركية أنقرة، في أبريل 2018، مباحثات تركية بحرينية لتعزيز التعاون المشترك من خلال تشجيع الاستثمار المتبادل، والاستفادة من الخبرات والتجارب المتراكمة في مجال العمل المالي والمصرفي.
وأهم بنود الصادرات البحرينية لتركيا؛ الزيوت المعدنية، والنفط الخام، والحديد، والفولاذ والألومنيوم، في حين أن الواردات هي النفط الخام، والآليات، والأجهزة الكهربائية والإلكترونية، والأدوية، والذهب.
وتظهر أرقام الأمم المتحدة الخاصة بالتجارة للعام 2018 أن إجمالي صادرات تركيا إلى البحرين كانت 299 مليون دولار أمريكي، ما نسبته 0.18% من إجمالي صادرات تركيا، التي بلغت 168 ملياراً و23 مليون دولار في ذلك العام.
في المقابل فإن صادرات البحرين لتركيا في 2018 بلغت 245 مليون دولار، بما نسبته 2.2% من إجمالي صادرات البحرين التي بلغت 11 ملياراً و265 مليون دولار.
وفي هذا السياق لا يستبعد المحلل التركي فراس رضوان أوغلو "تطور العلاقات البحرينية التركية من الناحية الاقتصادية، خاصة أن العلاقات السياسية التركية مع دول الخليج مرتبطة بشكل كبير بالاقتصاد".
ويشير المحلل التركي في ختام حديثه إلى أن "تلازم السياسة مع الاقتصاد في دول الخليج أحد الأوراق الضاغطة على تركيا لاعتبارات سياسية".