رجب صويلو- ميدل إيست آي - ترجمة الخليج الجديد-
استغرق الأمر عدة أشهر من المفاوضات السرية والعديد من المكالمات الهاتفية رفيعة المستوى والعديد من الإيماءات الرمزية لكي يظهر مستشار الأمن القومي لدولة الإمارات "طحنون بن زايد" وهو يلتقط الصور أمام الكاميرات في أنقرة مع خصمه الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان".
وعلى مدى الأعوام الخمسة الماضية، ألقت أنقرة باللوم على الإمارات في تمويل مخطط الانقلاب في تركيا عام 2016 وتقويض المصالح التركية في عدة مناطق بما في ذلك ليبيا.
ومنذ الربيع العربي، تصاعد التوتر بين أنقرة وأبوظبي، حيث دعمت تركيا الديمقراطيات الجديدة في حين رأت أبوظبي في هذا التغيير تهديدا للاستقرار الإقليمي.
وقال أحد المسؤولين الأتراك البارزين لموقع "ميدل إيست آي" إن اجتماع الأربعاء بين "أردوغان" و"طحنون بن زايد" تم الإشادة به داخليا باعتباره "بداية عهد جديد". وقال إن "روح العصر دفعت البلدين للعمل على حل خلافاتهما".
ويعتبر "طحنون بن زايد" هو المسؤول الأول في الإمارات فيما يتعلق بالاستخبارات الوطنية وقضايا السياسة الخارجية الحساسة والمعاملات التجارية الغامضة في البلاد. وهو أيضا الأخ غير الشقيق لرئيس الدولة الشيخ "خليفة بن زايد"، والأخ الشقيق لولي عهد أبوظبي "محمد بن زايد".
وقال "أردوغان" الأربعاء: "كنا نخطط لعقد بعض اللقاءات مع محمد بن زايد في الفترة المقبلة، وبعد اجتماع اليوم أعتقد أنها ستُعقد إن شاء الله"، مضيفا أن الاجتماع تم الترتيب له بعد محادثات بين أجهزة الاستخبارات في البلدين.
وأضاف: "نولي أهمية لأن يجري الفاعلون الرئيسيون في المنطقة محادثات مباشرة وأن يتفاوضوا ويحلوا مشكلاتهم معا، ونتمنى أن تحل بعض المشكلات في المنطقة خلال هذه اللقاءات"، مشيرا إلى أن تركيا والإمارات تنتمي لذات الثقافة والمعتقد".
ومع وجود "بايدن" في البيت الأبيض، يعتقد المسؤولون الأتراك أن أبوظبي تشعر بالعزلة المتزايدة حيال ما تعتبره تهديدا إيرانيا.
وقال مسؤول تركي ثان: "لا يمكنهم الوقوف بمفردهم ضد طهران. إنهم قلقون للغاية بشأن الانسحاب الأمريكي من المنطقة ويعيدون حساب موقفهم".
ومؤخرا، انحرفت علاقات الإمارات مع أقرب حليف لها، السعودية، حيث يتنافس الجانبان على جذب الاستثمار الأجنبي وتختلفان حول ما يجب القيام به في اليمن.
وحظرت الرياض الشهر الماضي السفر إلى الإمارات بسبب ارتفاع حالات الإصابة بفيروس "كورونا"، وهي خطوة اعتبرها المسؤولون الأتراك ذات دوافع سياسية.
لعبة طويلة
ومنذ مطلع العام، أرسلت الإمارات إشارات تودد إلى تركيا في محاولة لكسر الجمود في العلاقات.
وفي يناير/كانون الثاني، قال وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية آنذاك، "أنور قرقاش"، إن العلاقات بين الخصمين يمكن "إعادة ضبطها".
وقال "قرقاش" خلال مقابلة مع قناة "سكاي نيوز عربية": "ليس لدينا أي مشاكل مع تركيا من قبيل قضايا الحدود أو غيرها من القضايا المماثلة"، مضيفا أنه "إذا قطعت أنقرة دعمها للإخوان المسلمين فيمكنها إعادة ترميم علاقاتها مع العرب".
وخففت الإمارات بعد ذلك الضغط على رجال الأعمال الأتراك وقررت استئناف الرحلات بين إسطنبول وأبوظبي ودبي.
وفي أبريل/نيسان، اتصل وزير الخارجية الإماراتي "عبدالله بن زايد" بنظيره التركي "مولود جاويش أوغلو" لتبادل التهاني بمناسبة شهر رمضان المبارك. وكان ذلك أول اتصال مباشر بين البلدين منذ 5 أعوام.
وفي غضون ذلك، يُعتقد أن الخطوات التي اتخذتها تركيا مؤخرا ضد جماعة الإخوان المسلمين بما في ذلك مطالبة قنوات المعارضة المصرية بإلغاء بث عدد من البرامج السياسية المهمة، لقيت ترحيبا في دوائر الحكم الإماراتية.
حان الوقت للمضي قدما
وقال "أردوغان" إنه وضع خارطة طريق للاستثمارات الإماراتية المستقبلية في تركيا، خلال اجتماعه مع "طحنون بن زايد".
وتقلص الاقتصاد غير النفطي لدولة الإمارات بأكثر من 6% خلال العام الماضي. ووفقا لمسؤول تركي ثالث، يعتقد أن أبوظبي ترى إمكانات اقتصادية في تركيا التي من المتوقع أن ينمو اقتصادها أكثر من 5% هذا العام وحده.
كما ضخت قطر، أقرب حليف لأنقرة، مليارات الدولارات في البلاد.
وقال المسؤول الأخير: "تلاشى الخلاف الرئيسي بشأن الإخوان المسلمين لأنهم لم يعودوا في السلطة في أي مكان".
وردا على سؤال حول الرد التركي على الهجوم الإماراتي على القاعدة الجوية التركية في الوطية الليبية العام الماضي، قال: "لقد دفعوا ثمنها ميدانيا في ليبيا. وحان الوقت للمضي قدما".
وأضاف: "لقد توصلنا إلى تفاهم بشأن ليبيا، كما تحسنت العلاقات بين تركيا ومصر. لسنا بحاجة للقتال إلى الأبد".