الخليج أونلاين-
تشهد تطورات العلاقات التركية الإماراتية مؤخراً تحسناً ملحوظاً بعد قطيعة استمرت أكثر من ثماني سنوات، ليتغير المشهد بشكل كامل وتتحول القطيعة السياسية والاقتصادية الشاملة إلى تعاون متسارع.
ومع تكثيف اللقاءات والاتفاقيات بين الجانبين، يفكر البلدان باتفاقية جديدة ستسهم في توفير الوقت والمال في إطار التبادل التجاري، من خلال اتفاقية للنقل البري بخطٍّ يمتد من تركيا مروراً بإيران وصولاً إلى الإمارات.
هذا الخط سبق أن استخدمته دولة قطر وساعدها في التقليل من آثار الأزمة الخليجية، التي كان أحد أسبابها العلاقة الوثيقة بين الدوحة وأنقرة، وهو أحد الأسباب التي أدت إلى الأزمة بين تركيا والإمارات، قبل أن تعود للتحسن تدريجياً، فهل سيستفيد الجانبان منه؟ وما خطورة وتأثير أي خلافات بين الخليج وإيران في حال اندلعت أزمة بين الجانبين على مثل هذه الخطط والإجراءات؟
النقل البري
في عرض جديد قدمته أبوظبي لأنقرة، قال وزير الخارجية التركي، مولود تشاووش أوغلو، إن بلاده تلقت مقترحاً بشأن النقل البري إلى تركيا، مبيناً أن الأخيرة تعاملت معه بشكل إيجابي.
وذكر تشاووش أوغلو أن "التوترات الإقليمية بين الإمارات وإيران انعكست على العلاقات، لكن رغم ذلك شهدنا زيادة في الاستثمارات والتجارة طوال الوقت".
وبيّن أنه لن يكفي إتمام هذا الأمر على المستوى الثنائي بين البلدين فقط، لأن هذا النقل البري سيأتي عبر إيران في الوقت الحالي.
واستطرد قائلاً: "عندما نجري الحسابات فإن أي شحنة تغادر إسطنبول حالياً متوجهة إلى الإمارات فإنها تستغرق ما بين 25 و28 يوماً عن طريق البحر، لكن ستستغرق 10 أيام براً. ومع ذلك يتم قضاء جزء طويل من هذا الوقت في التخليص الجمركي".
وزاد الوزير قائلاً: "لا بد من تخفيض هذا الوقت. ومن ثم فإنه بعد التوقيع على مثل هذه الاتفاقية، ربما يمكننا بعد ذلك التوقيع عليها على المستوى الثلاثي بعد التوقيع عليها على المستوى الثنائي. لقد رحبنا بها، ونحن نتفاوض بشأنها حالياً. نريد أن نوقع هذه الاتفاقية على هامش زيارة الرئيس في فبراير المقبل للإمارات".
وبيّن أنه تحدوهم رغبة في تقليل ذلك الوقت من خلال مسار العراق، لافتاً إلى أنه يمكن اختصار الوقت إذا تم تنفيذ مشاريع السكك الحديدية والطرق البرية.
بداية من 2017
عقب الأزمة الخليجية التي اندلعت منتصف 2017، وإغلاق مجال الدوحة البري الوحيد مع السعودية، كان على دولة قطر البحث عن حلول لتجاوز تلك الأزمة من خلال إدخال خيار ملاحة إضافي لحركة التجارة والأفراد، براً من تركيا إلى إيران، وبحراً إلى قطر.
وقال محمد مهدي الأحبابي، عضو مجلس إدارة غرفة قطر، في أغسطس من ذات العام: "إن المسار التجاري البري بين تركيا وقطر عبر إيران يخفض تكلفة نقل البضائع بنحو 80% مقارنة بالشحن الجوي".
وأوضح أن تكلفة الشحن الجوي للكيلوغرام الواحد تتراوح بين 1.2 إلى 1.5 دولار، في حين أن تكلفة النقل البري للكيلوغرام الواحد حوالي 0.15 دولار فقط، فضلاً عن أن الخط التجاري الجديد سيكون أكثر استدامة وموثوقية وسيعزز حجم التجارة بين تركيا وقطر.
وكان أكثر من 44% من المواد الغذائية في قطر تستورد من السعودية والإمارات عبر المنفذ البري الوحيد مع المملكة، ومع إغلاقه أصبحت هذه الكميات غير متوافرة بالأسواق القطرية، ما دفع قطر إلى اللجوء حينها لتركيا واختيار الطريق البري لوصولها.
شروط مسبقة
يعتقد المحلل السياسي التركي فراس رضوان أوغلو، أن التوافق على مثل هذا الأمر مرتبط بشروط مختلفة، من بينها شرطان رئيسيان يتمثلان بـ"المربح بينهما والمرابح لإيران".
ويوضح لـ"الخليج أونلاين" بقوله: إنه "من الواضح أن تركيا والإمارات اتفقتا بشكل رئيسي على هذا الأمر، لأنهما وصلا إلى انتصار سياسي واقتصادي بعد الخطوات الأخيرة التي حدثت بينهما".
ويضيف: "أما بالنسبة لإيران فيرى أن الأمر يحتاج إلى إقناعها بهذا الأمر"، مشيراً إلى أن طهران "غالباً ستوافق عليه دون أي عوائق من الناحيتين السياسية والاقتصادية".
لكن التوترات التي تشهدها المنطقة والخلافات التي تحدث بين دول الخليج وطهران، إضافة إلى التوتر بين إيران وأمريكا و"إسرائيل"، تجعل من الاتفاق هشاً، خصوصاً أن الإمارات ترتبط بعلاقات متقدمة مع "إسرائيل" التي تعادي إيران بشكل مباشر في المنطقة.
وتعليقاً على التوترات المتوقعة، يقول "رضوان أوغلو": "في حال حدث خلاف بين دول الخليج وإيران وتسبب ذلك في توقف الخط البري، فإن تأثير ذلك لن يكون كبيراً خصوصاً أن الخطوط البحرية موجودة".
وخلص في ختام حديثه مشدداً على أنه "لا يوجد شيء ليس له حل في عالم السياسة أو حتى عالم الاقتصاد".
عودة العلاقات..ومسار الخط
وكانت وسائل إعلام تركية قالت، في نوفمبر الماضي، إن أنقرة وقعت اتفاقين منفصلين مع كل من أبوظبي وإسلام آباد، بشأن تدشين طريق شحن جديد لنقل البضائع.
يشمل مسار خط الشحن الجديد نقل الحاويات المحملة بالبضائع من ميناء الشارقة في الإمارات إلى ميناء بندر عباس في إيران، ومنه تنقل براً إلى معبر "غوربولاك" البوابة الحدودية لتركيا مع إيران، ومن المعبر الحدودي تُنقل البضائع إلى مدينة إسكندرون التركية.
وبدأت الإمارات وتركيا تطبيع العلاقات بعد سنوات من التوتر الذي وصل إلى ما يشبه القطيعة، بسبب خلافات في عدد من القضايا السياسية؛ مثل الأزمة الليبية والخلاف الخليجي مع دولة قطر.
وعلى الرغم من ذلك لا يزال البلدان يحافظان على تبادل تجاري يقدر بـ8 مليارات دولار على الأقل سنوياً، حيث حلت الإمارات بالمرتبة الأولى عربياً من حيث قيمة وتنوع الاستثمارات في تركيا، بحسب "تي آر تي" التركية.
وتأتي محاولات تجديد العلاقات بين البلدين في إطار تحركات بدأتها أبوظبي وأنقرة مؤخراً لتصحيح العلاقات التي توترت خلال العقد الأخير مع عدد من دول المنطقة.