متابعات-
قالت 3 مصادر مطلعة، إن السعودية تضغط على تركيا؛ لإغلاق دعويين قضائيتين حول جريمة اغتيال الصحفي السعودي "جمال خاشقجي"، داخل قنصلية بلاده بإسطنبول في أكتوبر/تشرين الأول 2018.
ونقل موقع "ميدل إيست آي" البريطاني عن المصادر المذكورة، قولها إن ولي العهد السعودي الأمير "محمد بن سلمان"، يحاول استخدام زيارة الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" إلي الرياض، خلال الأسابيع المقبلة، لإغلاق قضية "خاشقجي" بشكل كامل.
وتأتي زيارة "أردوغان" المرتقبة، بعد قرابة 3 سنوات ونصف من مقاطعة السعودية للبضائع التركية، في وقت تشهد العلاقات بين الرياض وأنقرة، حالة من التحسن الملحوظ.
ونقل الموقع عن واحد من المصادر قوله: "بالنسبة لبن سلمان، الأمر كله يتعلق بخاشقجي، فهو مهووس بهذا الأمر، ويعتبره مسألة شخصية".
ولفت المصدر إلى أن "بن سلمان" يلقي باللوم على "أردوغان" شخصيا، فيما يتعلق بإدخال أمريكا في القضية (خاشقجي)، وعدم إغلاق هذا الملف في الأيام الأولى لما بعد الجريمة، التي هزت بشاعتها ووحشيتها العالم.
والجمعة، أبدت وزارة العدل التركية، عدم اعتراضها على طلب نقل قضية محاكمة متهمين بجريمة مقتل "خاشقجي" إلى السعودية.
وأبلغت مديرية العلاقات الخارجية والاتحاد الأوروبي بوزارة العدل التركية، النيابة العامة في إسطنبول رأيها بشأن نقل الدعوى إلى السلطات السعودية، بناءً على طلب المحكمة الجنائية الـ11 في إسطنبول المسؤولة عن النظر في قضية مقتل "خاشقجي".
ومن المقرر أن تحكم المحكمة في إسطنبول الخميس المقبل، بإغلاق الإجراءات القانونية لقضية "خاشقجي" في تركيا.
ومع ذلك، لا تزال هناك دعوى قضائية أخرى مرفوعة أمام محكمة فيدرالية أمريكية.
وتم رفع القضية المذكورة بطلب من قبل خطيبة الصحفي السعودي "خديجة جنكيز" ومنظمة "الديمقراطية الآن للعالم العربي" (DAWN) التي تتخذ من الولايات المتحدة مقراً لها، والتي أسسها "خاشقجي" وأدارها قبل وفاته.
ويجادل المسؤولون الأتراك بأن هذه الدعوى القضائية (التي يلومهم فيها بن سلمان عليها) بعيدة عن متناولهم.
ووفق مسؤول تركي تحدث للموقع، فإن تركيا ستسحب قضية "خاشقجي" في إسطنبول، وهذا "قرار قانوني".
وعقب قائلا: "لكن أنقرة ليس لها سيطرة على القضية المرفوعة فى أمريكا، ولم تناقش أو تتفاوض بشأن قضايا خارج تركيا مع السلطات السعودية".
وأكد أن "تركيا ليس لها أي اختصاص في قضايا المحاكم الأجنبية ضد ولي العهد السعودي".
وأوضح المسؤول التركي، أن خطيبة "خاشقجي"، هي الشخص الوحيد المخول بمتابعة هذا القضايا (المرفوعة بالمحاكم الأجنبية).
وزاد: "ومع ذلك، فإن هناك العديد من الأشخاص، بمن فيهم أفراد من عائلة خاشقجي ، يضغطون على جنكيز لإسقاط جميع القضايا.. ولن أتفاجأ إذا فعلت ذلك.. لكنها يمكن أيضا أن تصبح أكثر إصرارًا على الاستمرار في مواجهة تلك الضغوط.. الأمر متروك لها ".
ويجادل محامو المدعين (خاشقجي) بضرورة الاستماع إلى القضية في محكمة أمريكية، لأن الخطوات الحاسمة التي يُزعم أن المسؤولين السعوديين اتخذوها لجذب "خاشقجي"، الذي كان مقيمًا في ولاية فرجينيا ، إلى تركيا، حدثت في الولايات المتحدة.
كما يزعمون أن جريمة القتل كانت تهدف إلى وقف العمل الذي كان "خاشقجي" ينوي القيام به من الولايات المتحدة "والذي كان يهدد بشكل خاص المتهمين على وجه التحديد لأنه حدث في الولايات المتحدة وأثر على المصالح الاقتصادية والسياسية للمتهم هناك".
وفي المقابل، يؤكد محامو ولي العهد السعودي أنه يجب رفض القضية واستشهدوا بقضية تتعلق باليهود المجريين الذين سُرقت ممتلكاتهم خلال الهولوكوست، للقول إن "السعودية محصنة من المقاضاة" في هذه القضية.
وإذا تم المضي قدمًا في الدعوى القضائية المرفوعة في أمريكا، فإنها تهدد بإبقاء مقتل "خاشقجي" في أعين الجمهور، وتقويض العلاقات العامة وحملات مجموعات الضغط التي تبلغ قيمتها مليون دولار لإعادة تأهيل صورة "بن سلمان".
ووفق "ميدل إيست آي" فإن هذا الأمر هو بالضبط ما يحاول ولي العهد تجنبه، الذي نفى مرارًا وتكرارًا أي تورط في ما يعتبره عملية مارقة.
وتسببت عملية قتل "خاشقجي"، الذي قطعت أوصاله، بتوتير العلاقات بين السعودية وتركيا، لكنه منذ أشهر، تسعى أنقرة التي تواجه صعوبات اقتصادية كبيرة، إلى التقرب من الرياض.
وأثارت جريمة قتل "خاشقجي"، غضبا دوليا عارما لا يزال يتفاعل، وقد اتهمت وكالات استخبارات غربية ولي العهد السعودي الأمير "محمد بن سلمان"، الحاكم الفعلي في المملكة، "بإصدار أمر تصفيته".
وبعدما أنكرت في بادئ الأمر حصول عملية الاغتيال، عادت الرياض وأقرت بأن "خاشقجي" قتل على أيدي عناصر سعوديين، تصرفوا من تلقاء أنفسهم.
وكان "أردوغان"، قد اعتبر حينها أن الأمر بالاغتيال جاء من "أعلى مستويات الحكومة السعودية"، لكنه لم يسم "بن سلمان".
وقال "أردوغان"، في يناير/كانون الثاني الماضي، إنه يعتزم زيارة الرياض، وهي زيارة تأتي في لحظة حرجة بالنسبة إلى تركيا، حيث يرتفع التضخم إلى أكثر من 60%.
وصرح وزير الخارجية التركي "مولود جاويش أوغلو"، خلال مقابلة تلفزيونية، الخميس، أنه سيتم اتخاذ بعض "الخطوات الملموسة" من أجل تطبيع العلاقات.
وتركيا التي تعاني أزمة اقتصادية جديدة وتبحث عن استثمارات أجنبية وتجارة، مدت يدها إلى منافسين إقليميين منهم الإمارات والسعودية.