يوسف حمود - الخليج أونلاين-
كنتيجة طبيعية لسياسات الانفتاح التي تنتهجها كل من أنقرة والرياض، شهدت العلاقات التركية السعودية في الآونة الأخيرة نشاطاً مكثفاً ومتسارعاً بات ملحوظاً في المجالات كافة.
ولعل الجانب الإعلامي كان أحد أبرز تلك الملفات التي بدأ التفاهم والتقارب حولها منذ وقت مبكر، وانعكس ذلك على مدى التسارع في تعزيز العلاقات، والمضي نحو استعادة التقارب الذي بددته الخلافات خلال السنوات الماضية.
وتتحدث السعودية عن أن "هناك فرصاً كبيرة للتعاون وتبادلاً للخبرات" في المجال الإعلامي، وهو ما يطرح تساؤلات حول مدى إمكانية ذلك، وما الذي قد يعزز هذه العلاقات؟ يتساءل مراقبون.
خطة تعاون إعلامي
في تصريحاتٍ سعودية حديثة كشف وزير التجارة السعودي ووزير الإعلام المكلف ماجد القصبي، أن بلاده ستدعو وفداً تركيّاً لزيارة المملكة خلال أسبوعين، "بهدف وضع خطة تعاون إعلامي وخارطة طريق للتعاون وتبادل الخبرات".
ونقلت وكالة "الأناضول" التركية (22 أكتوبر 2022)، عن "القصبي"، قوله إنه التقى رئيس دائرة الاتصال في الرئاسة التركية فخر الدين ألطون، وعملا على وضع خارطة طريق محددة المعالم بأهداف محددة، على مسارات مختلفة بين الجانبين.
وأوضح أن هذه الخطة "تمت مناقشتها سواءً على مسار خطاب الإعلام الاقتصادي، والإعلام التجاري، والإعلام التسويقي، وتبادل الخبرات، وأيضاً حول إمكانية تبادل الخبرات في أثناء فترة الحج، والاستفادة من وجود المحطات التلفزيونية التركية في المشاعر، وبثّها للنسك ومشاعر الحج".
وأكد "القصبي" أن "هناك فرصاً كبيرة للتعاون وتبادلاً للخبرات، واتفقنا على وضع خطة عمل، وحددنا رؤساء لفرق العمل".
وأضاف: "اتفقنا على أنه خلال أسبوعين ستتم دعوة وفد من تركيا لزيارة المملكة العربية السعودية، للتعرف على ماذا لدينا وماذا لديهم، لوضع خارطة طريق حيّز التنفيذ".
مباحثات سابقة
وفي يونيو الماضي، كان صحفيون سعوديون وأتراك بحثوا في أنقرة، سبل التعاون في المجال الإعلامي بين السعودية وتركيا، خاصة في ما يخص وكالة الأنباء الرسمية لدى كلا البلدين.
ولفت رئيس تحرير النشرات باللغات الأجنبية في وكالة "الأناضول"، أرمان يوكسل، إلى إمكانية التعاون وتبادل المحتويات بين "الأناضول" ووكالة الأنباء السعودية الرسمية (واس).
بدوره قال حينها رئيس وكالة الأنباء السعودية فهد بن حسن آل عقران، إن الاجتماع سيكون مفيداً لزيادة التعاون بين البلدين في المجال الإعلامي.
وأكد وجود إمكانية للتعاون بين الطرفين من أجل أن تكون هناك لغة إضافية للغات التي تنشرها وكالة الأنباء السعودية بحيث تكون "التركية" لغة إضافية.
وأعرب عن اعتقاده أن المرحلة القادمة قد تشهد زيارات متبادلة بين الوكالتين، وأن يكون هناك إعلام موحَّد ودعم متبادل من أجل المستقبل.
من جهته قال وكيل وزارة الإعلام للعلاقات الإعلامية الدولية في السعودية خالد الغامدي، إن الاجتماع ناقش آليات وفرص التعاون الإعلامي بين البلدين، وضمن ذلك التلفزيون والإذاعة والمجال الصحفي، فضلاً عن الإعلام الرقمي والتطور والإنتاج في الدراما والزيارات المتبادلة والتدريب.
اهتمام بتحسين العلاقات
يشير المحلل السياسي التركي فراس رضوان أوغلو إلى أن العلاقات الإعلامية واللقاءات المتبادلة تعكس اهتمام البلدين بتحسين العلاقات بينهما.
ويلفت أوغلو إلى أن تركيا "حريصة على هذا الأمر وتجاوز كل العقبات السابقة، خصوصاً أننا نتكلم عن دولة في مجموعة العشرين، ومُصدرة للطاقة، وقلب العالم الإسلامي؛ لوجود الحرمين الشريفين فيها".
ويؤكد "رضوان أوغلو" في حديثه لـ"الخليج أونلاين"، وجود كثير من "المقومات التي ستجعل هذا التعاون مهماً، إضافة إلى كثير من الأمور التي ستنجم عن التعاون الإعلامي بين الجانبين".
ومن بين ذلك يقول: إن "التفاهم الإعلامي يصب في مصلحة رؤية السعودية 2030 في المجالات كافة، ومنها الإعلامية التي تروج للسعودية وللسياحة غير الدينية فيها من تركيا، وهو ما ينبغي أن يحدث حالياً في تكثيفها".
قبل عودة العلاقات
وقبل الزيارة التي أجراها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في أواخر أبريل الماضي، وكانت بداية لاستئناف العلاقات بين الجانبين، كانت أنقرة قد رفعت الحجب المفروض منذ نحو عامين، على مواقع إخبارية سعودية.
وشمل رفع الحجب وكالة الأنباء السعودية الرسمية (واس)، ومواقع صحف "الرياض، وعكاظ، وسبق" في السعودية، إضافة إلى موقع قناة "العربية" وغيرها.
وفي أبريل 2020، حجبت السلطات التركية مواقع إخبارية سعودية، وذلك ردّاً على قيام الرياض إلى جانب أبوظبي بحجب مواقع حكومية تركية.
وأبدت تركيا تهدئة كبيرة خلال 2021 مع البلدين الخليجيين؛ في محاولة منها لتبريد الخلافات التي استعرت بعد الأزمة الخليجية عام 2017.