محمد أبو رزق - الخليج أونلاين-
مع عودة العلاقات السعودية التركية إلى أفضل حالاتها، بالتزامن مع زيادة التحديات التي تمر بها المنطقة، تسعى الرياض وأنقرة بالتعاون مع إسلام آباد إلى تكوين تحالفات استراتيجية تخدم مصالحها السياسية والاقتصادية.
وفي هذا السياق، يتساءل مراقبون حول إمكانية إنشاء تحالف سعودي تركي باكستاني بعدما عقدت اللجنة الثلاثية "السعودية التركية الباكستانية" اجتماعها الأول في العاصمة السعودية الرياض، يوم 23 أغسطس 2023.
وفكرة التحالف -في حال تم تنفيذها- يمكنها أن تعزز التعاون الإقليمي والتنسيق بين الدول الثلاث، خاصة في مجال الصناعات العسكرية الثقيلة؛ لكونها تمتلك إمكانات كبيرة، وبينها دولة نووية.
كما تتيح فكرة إنشاء التحالف فرصاً عديدة لتعزيز التعاون وتبادل المصالح بين الدول الثلاث، وضمن ذلك تطوير العلاقات التجارية والاقتصادية وتعزيز الأمن ومكافحة التطرف وتحقيق استقرار المنطقة.
وشُكلت اللجنة الثلاثية "السعودية التركية الباكستانية" بغرض مناقشة وتعزيز التعاون بين الدول الثلاث في مجموعة متنوعة من المجالات.
ويرى مراقبون أن انعقاد أول اجتماع للجنة الثلاثية في الرياض، يبشر بمرحلة أكثر تطوراً وتعمقاً في المباحثات بغية تطوير التنسيق والتعاون المشترك.
وخُصص الاجتماع لمناقشة تعزيز التعاون الدفاعي، بحضور طلال العتيبي مساعد وزير الدفاع السعودي، ومدير الأركان العامة للجيش الباكستاني الفريق أول محمد سعيد، ونائب وزير الدفاع التركي جلال سامي توفيكي.
وناقش الاجتماع الثلاثي "التعاون في مجال الصناعات الدفاعية، والقدرات النوعية، إضافة إلى نقل وتوطين الصناعة والبحث العلمي".
اجتماعات ثنائية..
وعلى هامش الاجتماع الثلاثي؛ عقد فريق العمل السعودي مع نظيره الباكستاني الاجتماع الثاني برئاسة مساعد وزير الدفاع بالمملكة، ومدير الأركان العامة للجيش الباكستاني.
كما عُقد أيضاً الاجتماع الثالث لفريقي العمل السعودي التركي، برئاسة العتيبي وتوفيكي، وبحضور رئيس الصناعات الدفاعية التركية خلوق جورجون.
وبحث الاجتماع السعودي التركي خريطة التعاون في مجال الصناعات الدفاعية ونقل وتوطين التقنية، وتطوير البحث العلمي.
وفي يوليو الماضي، أعلن وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان، توقيع الخطة التنفيذية للتعاون الدفاعي مع نظيره التركي ياشار غولر، وقال إنها تأتي "تتويجاً لمسار التعاون بين البلدين في المجالين الدفاعي والعسكري".
وفي 6 أغسطس 2023 وُقعت في العاصمة السعودية، اتفاقية ومذكرتا تفاهم بين المملكة وتركيا لتوطين صناعة الطائرات المسيرة والأنظمة المكونة لها داخل السعودية.
وأوضحت وزارة الدفاع السعودية، أنه تم التوقيع بين الشركة السعودية للصناعات العسكرية (SAMI) وشركة "بايكار" التركية للصناعات الدفاعية، بهدف تصنيع الأنظمة الإلكترونية، والقطع الميكانيكية، وهياكل الطائرات باستخدام المواد المركبة، والتصنيع، والاختبارات النهائية للطيران، إلى جانب تقديم خدمات التدريب والإسناد.
كما وقعت الشركة الوطنية للأنظمة الميكانيكية (NCMS) مذكرتي تفاهم مع شركتي "أسيلسان" و"روكتسان" التركيتين؛ لتوطين صناعة الذخائر والمستشعرات البصرية لمنظومة الطائرات المسيرة وتصنيعها داخل المملكة، وفق الوزارة السعودية.
فرص النجاح
يقول المختص في الشؤون الباكستانية احتشام أحمد يوسفزي، إنه نظراً إلى التطورات الإقليمية والعالمية، "من المرجح أن يكون هناك تحالف بين تركيا والسعودية وباكستان"، مؤكداً أنها "أهم الدول في المنطقة، خاصة بعدما عادت العلاقات إلى طبيعتها بين الرياض وأنقرة بوجود زيارات رفيعة المستوى بين البلدين".
ويضيف يوسفزي في حديثه لـ"الخليج أونلاين": "أيضاً اتفقت قيادة السعودية وتركيا على تعزيز التعاون في المجالات كافة، لا سيما مجال الصناعات الدفاعية".
ويوضح أن باكستان تتمتع بعلاقات جيدة مع كل من تركيا والسعودية، إلا أن العلاقات المتوترة بين الرياض وأنقرة "حالت دون تحالف عسكري إسلامي بين هذه الدول الثلاث سابقاً".
لكنه استدرك بالقول: "حالياً هذه الدول الثلاث تربطها علاقات جيدة، وهو ما يعني أن إمكانية تشكُّل تحالف عسكري أو أمني تبدو واعدة ومشرقة".
ويرى أنه يمكن أن تكون الخطوة الأولى تجاه تشكيل هذا التحالف بـ"وضع آلية لتعزيز التعاون بين الدول الثلاث في مجال الصناعات الدفاعية".
ويشير إلى أن أبرز مؤشرات تشكيل التحالف، هو عقد اللجنة الثلاثية السعودية التركية الباكستانية اجتماعها الأول في الرياض؛ لبحث سبل تعزيز التعاون الدفاعي.
ويلفت إلى أنه في حال توصلت هذه الدول إلى تشكيل تحالف عسكري فهذا يعتبر نجاحاً بحد ذاته؛ "لأن الاتفاق على هذه الخطوة الكبيرة لا يأتي إلا بعد حصول التوافق على تبنِّي نهج موحد ضد التهديدات المشتركة".
ويضيف: "نظراً إلى التغيرات السريعة على الصعيد العالمي، من الصعب التنبؤ بفرص نجاح هذا التحالف، ولكن ما دامت هناك تهديدات ومصالح مشتركة، فإن هذا التحالف يظل مستمراً وتستفيد منه الدول الثلاث في تعزيز الجانب الدفاعي".
الفوائد المحتملة
تمثل فكرة إنشاء التحالف للدول الثلاث فرصة لتعزيز التعاون العسكري بينها، وهو ما قد يؤثر إيجاباً على الأمن الإقليمي والاستقرار.
وفي حال نجح التحالف فإنه سيركز على تبادل الخبرات العسكرية وتعزيز القدرات الدفاعية للدول الأعضاء، مما يمكّنهم من التصدي للتحديات الأمنية المشتركة، وفق مراقبين.
وينتظر أن يسهم التحالف في حالة تأسيسه، في تعزيز الأمن والاستقرار بالمنطقة عبر تعزيز التعاون العسكري لمواجهة التهديدات المحتملة، وتحسين القدرات العسكرية لتلك الدول، وتعزيز العلاقات السياسية والدبلوماسية بين الدول الثلاث، وتحقيق تعاون شامل.
يذكر أن العلاقات العسكرية بين السعودية وباكستان تتميز بالعمق والتنوع، حيث تمتد هذه العلاقات لعقود عديدة وتعبر عن التعاون الاستراتيجي بين البلدين.
ومن أبرز صور التعاون العسكري بين البلدين تدريب القوات وتزويدها بالتجهيزات والأسلحة، علاوة على إجراء المناورات العسكرية المشتركة، وتبادل المعلومات الاستخباراتية والزيارات المتبادلة.
بدورها تتميز العلاقات العسكرية بين تركيا وباكستان بالتواصل القوي والتعاون المتعدد الأوجه، حيث شهد البلدان تبادل التجارب والتدريبات العسكرية، وتعاوناً في مجالات تطوير القدرات الدفاعية وتبادل التكنولوجيا العسكرية.
وتمتاز هذه العلاقة بالتعاون في صناعة الأسلحة وتكنولوجيا الدفاع، وقد شهدت بعض الاتفاقيات على توريد معدات عسكرية وتقاسم الخبرات.