الجزيرة- رأى محللون استراتيجيون وسياسيون أن التعاون الجديد بين السعودية وتركيا في مجال التسليح خطوة «كبيرة» على طريق تحسين العلاقة بين البلدين بعد الفتور الذي شابها في الفترة السابقة.
غير أنهم أشاروا في الوقت ذاته، إلى أنه لا يجب إعطاؤها أكبر من حجمها، فهي لا تزال في طور التعاون التقني ولم تصل لمرحلة أن تتحول تركيا إلى مورد أساسي للسلاح إلى السعودية.
وكانت صحيفة «أكشام» التركية نقلت عن «يغيت بولوت»، كبير مستشاري الرئيس التركي «رجب طيب أردوغان»، أن تركيا دخلت سوق الأسلحة السعودية بعدما وقعت اتفاقية عبر شركة «أسلسان» التركية للصناعات الدفاعية مع المملكة العربية السعودية ممثلة في مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية وشركة تقنية الدفاع.
من جهته، قال رئيس مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية الأمير «تركي بن سعود»، إن هذه المذكرة هي بداية لشراكة إستراتيجية مهمة من شأنها أن يكون لها تأثير إيجابي على قدرات التقنية والابتكار في السعودية، بحسب الجزيرة نت.
من جانبه، أكد رئيس مركز الخليج للأبحاث الدكتور «عبدالعزيز بن صقر» أن الاتفاقية الجديدة ليست التعاون الأول بين البلدين في مجال الأسلحة، فقد سبق أن تعاونا منذ سنوات في مجال توريد الأسلحة وطلبت السعودية مع بداية «عاصفة الحزم»، ضد الحوثيين في اليمن والتي انطلقت في مارس/آذار الماضي، ذخائر بحكم أن الجيشين التركي والسعودي يستخدمان أسلحة متشابهة.
وأضاف، أنه «سبق أن أبدت السعودية رغبتها في التعاون بمجال التصنيع العسكري، وبالفعل تعاقدت وزارة الدفاع السعودية مع شركات تركية لتصليح وتحديث عربات مصفحة»، مشددا على أن «هناك مجالا كبيرا للتعاون بين البلدين في تصنيع الذخائر والصناعة البحرية والطائرات من دون طيار».
ولفت «صقر» إلى أنه «لا توجد لدى تركيا قيود تمنع إعادة تزويد معداتها أو تصنيعها المشترك إلى طرف ثالث، كما يحدث مع الشركات الأوروبية».
واستبعد «صقر» أن تكون الاتفاقية بداية تحالف لمواجهة إيران، وقال إن «المصالح السعودية التركية تلتقي في سوريا والعراق والبرنامج النووي الإيراني، أما إيران فتسعى لإيجاد أمة شيعية كي تتزعمها».
من جانبه، شدد الخبير الإستراتيجي في الشؤون الأمنية «أحمد موكلي» على أن «الاتفاقية حتى ولو لم تعلن تفاصيلها فإن الهدف الأهم منها هو زيادة التعاون والتنسيق مع الجهات الحكومية المستفيدة من مجالات التعاون»، مشددا على أنها تأتي في إطار الإستراتيجية السعودية الأخيرة الساعية لتنويع مصادر اقتناء الأسلحة المتطورة.
غير أنه استبعد أن تكون لهذه الاتفاقية تداعيات أكبر، وقال: « العلاقة بين البلدين تاريخية لا ترتبط بأحداث بعينها، فبينهما روابط مشتركة تربطهما قديما وحديثا فهما عضوان في منظمة التعاون الإسلامي، ومجموعة العشرين، وغيرها من المنظمات الدولية، وإن كان مرت العلاقة بينهما في الفترات الماضية بفتور بسيط نتيجة تباين في بعض المواقف خصوصا في الشأن المصري فهذا شيء طبيعي ويحدث بين أي بلدين».
وأشار «موكلي» إلى أن «تركيا لن تكون موردا بديلا للسلاح الغربي، لأن السلاح يتطور يوما بعد يوم وأعتقد أن المملكة ودول الخليج لا تزال بحاجة إلى أسلحة نوعية ومتطورة خصوصا تلك المتعلقة بسلاح الجو، وهذه قد لا تكون موجودة بشكل متطور إلا في الغرب أو الصين».
ولا يرى الخبير الإستراتيجي أن هذه الاتفاقية بداية لتحالف عسكري سعودي تركي ضد إيران، بمشاركة مصر لأن المصالح عادة ما تكون حاضرة في مثل هذه الأمور، وأضاف: «تشكيل محور سني يحتاج لوقت وجهد وتقديم تنازلات من الطرفين (المصري والتركي) وهو ما يستلزم جهودا عربية وإقليمية من جانب المملكة ودول الخليج».
لكن الأمر يختلف في الملف السوري لأن هناك «اتفاقا في الرؤية السعودية التركية على مغادرة بشار الأسد ونظامه المستبد سدة الحكم في سوريا ومواقفهما في ذلك صريحة ومعلنة، وهما فقط بحاجة لمزيد من التنسيق في هذا الملف».
وكان الكاتب الصحفي المصري «عبدالرحيم علي» المقرب من الأجهزة الأمنية - خاصة الأمن الوطني - والمعروف بعلاقاته القوية بالمسؤولين في أبوظبي، أجرى تحقيقا صحفيا نشر قبل أيام على موقع «البوابة نيوز» - الذي يديره وتموله أبوظبي - أوضح فيه أن العاهل السعودي الملك «سلمان بن عبدالعزيز» يحشد «الإخوان المسلمين» لمواجهة التمدد الإيراني في المنطقة. (طالع المزيد)
وأوضح «علي» أنه بينما ترى القاهرة الأولوية في المواجهة مع التنظيمات الإسلامية وفى القلب «الإخوان»، تؤمن السعودية بتأجيل المواجهة (تفسير حسن النية) وبأن الوقوف أمام الخطر الإيراني هو الأهم الآن، خاصة بعد توقيع الاتفاق النووي بين إيران والدول الست الكبرى (الولايات المتحدة، روسيا، الصين، ألمانيا، فرنسا، بريطانيا).
وذكر أن السعودية تريد قوتين سياسيتين في المنطقة، أولاها سنية بقيادتها، وفى القلب منها حركات الإسلام السياسي السني وعلى رأسها «الإخوان المسلمين»، وأخرى شيعية تقودها إيران وأذرعها في لبنان، وسوريا، والعراق.
وقال «علي» إن القيادة في السعودية أقرب إلى استغلال «الإخوان المسلمين» في المواجهة مع إيران، وتراجعت عن خط المواجهة الأمامي مع الجماعة الذي تبدى في أقصى صورة بإدراجها على «لائحة الإرهاب» بقرار من العاهل الراحل «عبدالله».
ونقل عن مصادر وصفها بالمطلعة، قولها إن مصر والإمارات ضد الانفتاح السعودي على تركيا وعلى جماعة الإخوان المسلمين.