خلف الحربي عكاظ السعودية-
حتى الآن لا أعرف ما هي مشكلتنا الحقيقية مع أردوغان وحزبه سواء فازوا أو خسروا الانتخابات في تركيا؟، هذه مسألة تخص الأتراك الذين جربوا وعرفوا الديمقراطية منذ سنوات واختاروا من يرونه مناسبا، بينما نحن العرب في الغالب لا نستطيع أن نختار وجبة الغداء ونحدد ما إذا كنا نشتهي اللحم أو الدجاج إذا ما كان مزاج زوجاتنا سيئا، وسواء كان أردوغان إخوانيا أو ليبراليا أو سلفيا أو شيعيا فهو يحكم من خلال حزبه الذي انتخبه الشعب في دولة مؤسسات تعددية علمانية تستفيد من تنوع أحزابها وأطيافها الفكرية وتبادل الأدوار بين تياراتها السياسية لتحقيق النهضة التي تتطلع إليها الأمة التركية؟.
الوقوف ضد أردوغان وحزبه لمجرد أنهم من الإخوان المسلمين لن يغير شيئا في حركة التاريخ ولن يفيدنا على الإطلاق، والتعصب لأردوغان وحزبه اعتقادا منا بأنه سيبني دولة دينية تحكم بالشريعة الإسلامية هو مجرد وهم كبير لا يصدقه عاقل، وما يهمنا حقا هو الإجابة على سؤال: هل مصلحتنا الوطنية والسياسية نجاح أردوغان وحزبه أم عكس ذلك؟، ويجب أن نكون منصفين في إجابتنا بحيث لا تكون على طريقة مشجعي كرة القدم.
ما الذي يضرنا إذا كان أردوغان من الإخوان المسلمين؟، هل تركيا دولة تحكمها الأيدلوجيا - مثل إيران - تسعى إلى نشر فكرها في ديارنا أم أنها دولة علمانية تضع مصالحها الاقتصادية فوق كل اعتبار؟، هل يستطيع أردوغان أن يأخذ ليرة واحدة من الأموال العامة لنشر فكر الإخوان في الخارج أو يستطيع توجيه الاستخبارات التركية لأخونة العالم أم أنه ملتزم بتحقيق المصالح القومية العليا لبلاده؟، نحن المؤدلجون وليس أردوغان إذا كنا سنجيب على هذه الأسئلة بما يتوافق مع أهوائنا وليس مع حقيقة الأحوال في تركيا.
من ناحية أخرى، نجاح أردوغان وحزبه أفضل بالنسبة لنا كعرب مهمشين وكمسلمين مسحوقين من نجاح قومي تركي لا يعيرنا أدنى اهتمام بل قد يذهب إلى أبعد من ذلك فيتشارك مع أعدائنا في تل أبيب وطهران في تقاسم ديارنا الممزقة، وإذا كان موقف أردوغان من القضيتين السورية والفلسطينية موقفا مشرفا وينسجم مع مواقفنا فلماذا نتمنى فوز من يقف الموقف النقيض لمجرد إغاضة بعضنا البعض؟.
باختصار ما يحدث داخل تركيا يخص الأتراك ولا يخصنا وما يهمنا فعلا هو سياستها الخارجية وإمكانية كسبها كحليف إقليمي، وما هو أهم من ذلك أن تركيا اليوم قوة اقتصادية وصناعية فتية والتعاون معها مفيد لنا أكثر من كل القوى الأخرى في الإقليم، فلنتوقف عن تكبد المزيد من الخسائر غير المبررة.