خالد المطيري- الخليج الجديد-
رصدت صحيفة «القدس العربي» اللندنية في تقرير لها تصاعد المواجهة بين الإمارات وتركيا عبر وسائل إعلام البلدين، متسائلة عن مدى إمكانية تحول الأمر إلى أزمة دبلوماسية أكبر خلال الفترة المقبلة.
وقالت الصحيفة إن وسائل الإعلام الإماراتية أو الممولة من قبل حكومة أبوظبي صعدت من هجومها على تركيا لا سيما الرئيس «رجب طيب أردوغان»، في الوقت الذي اتهمت فيه وسائل إعلام تركية الإمارات بالتخطيط لمهاجمة السفارة التركية في ليبيا، في حلقة جديدة من مسلسل الخلافات المتزايدة بين البلدين.
ولفتت في تقريريها إلى أن الخلافات بين البلدين ظهرت للعلن بشكل واضح عقب الانقلاب الذي نفذه الرئيس المصري الحالي «عبد الفتاح السيسي» على «محمد مرسي»، أول رئيس مدني منتخب في تاريخ مصر؛ حيث اتهمت الإمارات، التي دعمت «السيسي» بقوة، الرئيس التركي بالتدخل في الشؤون الداخلية المصرية، وتخلل هذه الفترة اتهامات متبادلة بين البلدين.
وبعد فترة من الهدوء، فتحت وسائل الإعلام الإماراتية النار على «أردوغان» مجدداً أثناء تغطيتها الانتخابات البرلمانية الأخيرة التي جرت في الأول من نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، وفاز فيها حزب «العدالة والتنمية» الحاكم؛ حيث أطلقت وصف «الديكتاتور» على الرئيس التركي.
إذ غطت فضائية «سكاي نيوز عربية»، الممولة إماراتياً وتعمل من دبي، الانتخابات تحت عنوان «ديمقراطية الديكتاتور».
وتتهم وسائل الإعلام الإماراتية بشكل متواصل تركيا بدعم تنظيم «الدولة الإسلامية» بالسلاح، والسماح بدخول المقاتلين الأجانب من خلال أراضيها، وهو ما نفته الحكومة التركية مراراً، وتتحدث عن ما تصفه بـ«انتهاكات حقوق الإنسان وانتهاكات حرية الصحافة في تركيا».
وقبل أيام شنت وسائل الإعلام التركية هجوماً على الإمارات، عقب نشر وكالة الأنباء الرسمية الإماراتية «وام» تصريحات «محرفة» للرئيس التركي، وكتبت صحف تركية كبيرة تحت عنوان «افتراء قبيح ضد أردوغان من قبل وكالة الأنباء الإماراتية» موضحةً أن الوكالة حرفت تصريحات «أردوغان» مدعيةً أنه قال تعقيباً على سقوط الطائرة الروسية في سيناء «من الطبيعي أن يُسقط تنظيم داعش (الدولة الإسلامية) الطائرة الروسية؛ لأن موسكو تهاجم التنظيم في سوريا».
لكن الاتهام الأخطر جاء في مقال لكاتب تركي مقرب من الحكومة، حيث شن «إسماعيل ياشا» هجوما عنيفا على ولي عهد أبوظبي، الشيخ «محمد بن زايد»، قائلاً إن القبض على من وصفه بـ«الجاسوس الإماراتي» في ليبيا، كشف أن أبوظبي خططت لتفجير السفارة التركية في طرابلس وتدعم تنظيم الدولة الإسلامية».
ووصف الكاتب في مقال نشرته صحيفة «ديريليش بوستاسي» التركية، الثلاثاء الماضي، ولي عهد أبوظبي بـ«الولد المدلل»، مؤكداً أن المعلومات المتوفرة بعد القبض على الإماراتي في ليبيا تشير إلى أن «أبوظبي كانت تخطط لتفجير السفارة التركية في طرابلس، أو التحضير لعمل إرهابي كبير ضدها، وأنها متورطة في الهجوم على القنصلية التركية في مصراتة».
وكانت السلطات الليبية أعلنت مؤخرا أنها اعتقلت ضابطا إماراتيا يدعى «يوسف صقر» بتهمة «التجسس لصالح دولة أجنبية»، وعثرت بحوزته على صور للسفارة التركية في طرابلس.
وبينما نفت شرطة دبي صلتها بهذا الضابط، وزعمت أنها فصلته من العمل قبل سنوات، أشارت وثائق كانت بحوزته أنه لا يزال على رأس عمله.
مصدر مقرب من الحكومة التركية المؤقتة، رفض الكشف عن اسمه، قال في تصريحات خاصة لـ«القدس العربي» إن رئيس الوزراء التركي، «أحمد داود أوغلو»، منشغل الآن بتشكيل الحكومة الجديدة، وعرضها لنيل الثقة من البرلمان، متوقعاً أن يصدر موقف رسمي تركي عقب تشكيل الحكومة الجديدة «في حال تطلب الأمر ذلك».
من جهته، أكد المحلل السياسي التركي، «أوكتاي يلماز»، أن الموقف السلبي الإماراتي تجاه تركيا ليس جديد وبدأ مع انطلاق ثورات الربيع العربي لا سيما في مصر، معتبراً أن «العداء الإماراتي جاء بسبب وقوف تركيا إلى جانب مطالب الشعوب العربية التي خرجت تطالب بالحقوق والحريات، ووقوف الإمارات بجانب القمع».
ولفت إلى أنه «لا يوجد أي مشكلة مباشرة بين تركيا والإمارات، ويمكن القول إن المشكلة هي من جانب واحد؛ فالإمارات رأت أن تركيا داعمة لمطالب الشعوب، وهو أمر مزعج لها؛ كونها تصدرت قيادة الدول التي تقمع المطالبين بالحرية»، وقال: «الهجوم الإعلامي هو من جانب الإمارات وتركيا تقابله بالتجاهل».
وتوقع «يلماز» أنه في حال «استمرت الإمارات بهذا النهج فمن الممكن أن ينعكس ذلك سلباً على العلاقات الدبلوماسية بين البلدين»، مطالباً القيادة السعودية «بتقديم النصيحة للإمارات للتوقف عن استفزاز تركيا حتى لا تصل الأمور حد القطيعة بين البلدين»، على حد تعبيره.
واتهمت الإمارات تركيا بإرسال الأسلحة إلى أحد أطراف الأزمة الليبية، وهو ما نفته أنقرة واتهمت بالمقابل أبوظبي بإرسال الأسلحة إلى قوات اللواء المتقاعد «خليفة حفتر».
وقال «داود أوغلو» في ذلك الوقت: «هذا ادعاء كاذب تماما.. إنه مجاف للحقيقة، ولكي أكون صادقا فإن هذا افتراء يأتي من أولئك الذين يتدخلون في ليبيا ويرسلون مساعدات الأسلحة. دعوني أكون واضحا في هذا الشأن. هذا الافتراء قادم من مصر والإمارات العربية المتحدة».
كما وجهت تركيا في السابق اتهامات مختلفة إلى الإمارات ـ بشكل غير رسمي ـ منها «تعاون الإمارات مع الصرب في مواجهة الجهود والمساعدات التركية، التي تقدم إلى المواطنين في منطقة البلقان»، و«تمويل كتاب غربيين من أجل الإساءة إلى تركيا واتهامات لجهات إماراتية بالعمل مع عدو أردوغان اللدود الداعية فتح الله غولن وبعض رموز المعارضة والتجسس على قيادات من الإخوان المسلمين وحركة حماس والمعارضة السورية يقيمون بالأراضي التركية».
وفي منتصف أكتوبر/ تشرين الأول 2014، فشلت تركيا في الحصول على مقعد غير دائم في انتخابات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، واتهمت آنذاك مصادر تركية دول الخليج العربية، وخاصة دولة الإمارات، بالعمل ضد تركيا خلال انتخابات مجلس الأمن نظرا لعلاقات تركيا السلبية مع مصر.
وتشير البيانات الواردة من معهد الإحصاءات التركي، أيضا، إلى انخفاض في العلاقات التجارية بين تركيا ودولة الإمارات بعد عام 2013.