ابتسام حمود- الشرق القطرية-
ربما أكون أول المتفقين مع المفكر الكويتي الدكتور عبدالله النفيسي الذي غرد من خلال حسابه المعروف في موقع التواصل الاجتماعي (تويتر) عن وجوب التريث الذي يجب أن تتخذه بعض دول الخليج وعلى رأسها المملكة العربية السعودية قبل اتخاذ قرار الحرب البرية في سوريا التي أعلنت الرياض عن نيتها الجدية في خوضها ضد تنظيم داعش، ذلك لأن إيران التي أعلنت أكثر من مرة أن داعش يمثل الإرهاب الحقيقي في سوريا والعراق ويمكن أن يشتد خطره إلى ماهو أكبر من ذلك، لا يمكن أن تؤخذ تحذيراتها من باب الخوف على مستقبل سوريا وشعبها، ذلك أن الحشود الشيعية الإيرانية والنصيرية من حزب الله، تمثل أيضاً الإرهاب الذي يتعرض له أهل السنة سواء في سوريا أو العراق، لذا فالتحذير من خطر داعش يجب أن يضاهيه التحذير من خطر هؤلاء الذين يمارسون ما هو أشنع وأفظع من داعش نفسه، ويتساوون معهم في درجة الحقد والإرهاب، ناهيكم عن إرهاب نظام بشار الذي يجب أن يكون المستهدف الأول فيما لو نجحت الرياض في حشد الموافقة الدولية على التدخل البري في سوريا. ويبدو بحسب ما ترد الأخبار أن هذا الأمر لم يعد مطروحاً على الساحة العربية لأنه من الصعب أن يبت في هذا القرار في يوم وليلة، خصوصاً وأن سوريا باتت مفرخة للتنظيمات وساحة مشتعلة للقتال، وتحولت ثورتها لحرب شوارع واقتتال طائفي ومذهبي، ولا يمكن أن تغامر دول خليجية وعربية أخرى بالولوج فيها دون أن تتبين أكثر عواقب ما يمكن أن ينتج عنه هذا الولوج المدجج بالعدة والعتاد والأرواح، لذا فإننا نرفض أن نكون جزءاً من مضاعفة المعاناة التي يذهب ضحيتها في المقام الأول شعب سوريا، الذي لم نستطع أن ننصره بكلمات الإدانة والاستنكار في محفل جامعتنا العربية، التي تتجه اختياراً لمناقشة أمور ثانوية وتتجاهل ما يعانيه الشعب السوري من حرب إبادة من بشار وروسيا والتنظيمات التي تعيث بأرضه، فكيف لنا أن تكون نصرتنا له بقوات برية أحيي الرياض على تأنيها في قيادتها والبدء في توجيهها للدخول إلى أرض سوريا عبر الحدود التركية والأردنية، دون استشعار ما يمكن أن تلاقيه هناك من مفاجآت غير سارة، لا سيما وأن نظام بشار يخبئ من هذه المفاجآت والمباغتات ما يمكن أن يكون أكثر شراسة مع استمرار الحرب في بلاده واستمداد قوته من إيران وروسيا، التي أعلنت الأخيرة فيهما استعدادها لحل أزمة سوريا سياسياً رغم استخدامها آلات البطش وتصفية الأبرياء في سوريا، ومع هذا ورغم أننا كشعوب عربية نعلم جيداً شعور شعب سوريا الذي يجد نفسه يتناقص، وأرواح أبنائه تحصدها أحقاد التنظيمات الإرهابية التي اتخذت من أرضه موطناً لها، ناهيكم عما تفعله براميل وصواريخ نظام بشار الذي يصر في كل مرة على أن كل ما يفعله من إرهاب هو دفاع عن شرعيته الملغاة منذ أكثر من أربع سنوات، بالتعاون مع روسيا وإيران القوة النافذة لاستمرار هذه الشرعية، إلا أننا نجد أنفسنا فعلاً نلجأ لأن يكون الحل السياسي هو الحل الذي نرتضيه، نظراً لما نراه من سفك دماء لم يجف منبعها منذ سنوات، ويجب أن يكون للرياض موقف فاصل لإنهاء هذه المعاناة الدامية للسوريين، لأن السعودية اليوم التي أعلنت بكل صرامة وقف مساعدتها لتسليح الجيش اللبناني ودعمها لهذا البلد الذي قابل الجميل بالنكران؛ بالامتناع عن التصويت العربي ضد التعدي الإيراني الممنهج على سفارة وقنصلية المملكة في طهران ومشهد، وعليه فإن السعودية في رأيي قد أخذت وضعها الطبيعي في قيادة هذه الأمة، وأظن أن المحنة السورية هي الفيصل لتحقق ذلك وتنجح فيه بإذن الله.