عبدالله حاتم - الخليج أونلاين-
لطالما كانت القارة الأفريقية مطمعاً استراتيجياً لكل الدول القوية، تطمح لاستغلالها كعمق استراتيجي لها؛ نظراً للموقع الجغرافي المهم الذي يؤثر على حركة السياسة الدولية والإقليمية، وممرات الملاحة الدولية.
ونظراً لإطلالة الدول الأفريقية على الممرات الملاحية التي تربط قارات العالم، فقد كان لها أهمية بالغة في تأمين صادرات دول الخليج، التي تعتمد بنسبة 90% على عائدات النفط، إلى العالم، وكذا الواردات من السلع والخدمات، إلى جانب الأهمية السوقية في مواجهة أي تحرك عسكري في المنطقة.
ومنذ أن انطلقت عملية "عاصفة الحزم" في اليمن من أجل استعادته من الحوثيين وحلفائهم، وما تزامن مع تلك العملية من انطلاق التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية، أصبحت استراتيجية المملكة تتجه إلى بناء علاقات متينة وقوية مع المحيط الأفريقي.
وبحسب مراقبين، فإن المملكة تتبع استراتيجية بعيدة المدى لبناء علاقات ثقة متينة مع الدول الأفريقية، بعد أن أدركت أن أفريقيا لا تزال قارة بِكراً، وأن الاستثمار فيها على جميع الصعد، بات من أهم الأولويات في علاقاتها الخارجية.
وبات واضحاً، منذ مدة طويلة، النشاط الذي تحرص عليه كل من إيران وإسرائيل في كثير من الدول الأفريقية، وأصبحت لكل منهما علاقات راسخة مع تلك الدول، التي كانت هي الأكثر قرباً للعرب من إيران أو إسرائيل، ولذلك تأتي الخطوة السعودية بالشروع بالبدء بإقامة علاقات استراتيجية مع القارة السمراء، لكسر هيمنة أعداء المملكة الرئيسيين عليها.
- السودان بدل لبنان
وجاءت خطوة المملكة العربية السعودية، سحب منحتها العسكرية من لبنان وتسليمها للسودان، نتيجة لفقدان المملكة الثقة بحلفائها التقليديين في المشرق العربي، بعد أن خذلوها في أكثر من موقفٍ لا يُقبل فيه الحياد، خاصة عقب عملية عاصفة الحزم والاعتداء على السفارة السعودية في إيران، الأمر الذي مثل شارة البدء لاستدارة كاملة في العلاقات الخارجية.
وذكرت مصادر حكومية سودانية أن المملكة استبدلت دعمها العسكري الذي كانت تمنحه لدولة لبنان بهبة إلى السودان، بعد أن رفض الأول إدانة اقتحام إيرانيين للبعثات الدبلوماسية السعودية في إيران.
وقال وزير الخارجية السوداني، إبراهيم غندور، في أعقاب زيارة نظيره السعودي عادل الجبير للخرطوم، إن مشاركة السودان في العمليات العسكرية البرية في سوريا ممكنة ما دامت بلاده تشارك في التحالف العربي الإسلامي لمحاربة الإرهاب، قبل أن يؤكد أن الأمر "سابق لأوانه".
يشار إلى أن السودان يشارك بقوات من الجيش في مناورات "رعد الشمال" في منطقة حفر الباطن شمالي السعودية ضمن 20 دولة.
كما تشارك القوات السودانية ضمن قوات التحالف العربي لاستعادة الشرعية في اليمن والتي تقودها السعودية؛ لكسر شوكة الحوثيين الشيعة، حيث أثبتت القوات السودانية كفاءة قتالية عالية في العمليات البرية.
-لا لإيران
ولمواجهة مساعي إيران لاستئجار جزر إريترية للاستخدام العسكري، عملت السعودية على بناء قاعدة عسكرية لها في جيبوتي، الدولة المطلة على الجانب الغربي من مضيق باب المندب، لتأمين حماية للمضيق الذي يوصل نفطها إلى العالم.
وكانت باكورة التحرك السعودي نحو جيبوتي، بدأت بمنحها 5 زوارق بحرية سريعة ومتطورة، مع تكثيف الوجود العسكري فيها، ومن هنا ساهمت جيبوتي كثيراً في نجاح عمليات السفن والبوارج العسكرية لقوات التحالف العربي في تحرير جزيرة ميون اليمنية من سيطرة الحوثيين، فاستعادوا السيطرة على مضيق باب المندب، واستلمته قوات الجيش الوطني اليمني الذي وصل هناك عبر جيبوتي.
بالتوازي مع ذلك، تحركت الدبلوماسية السعودية نحو إريتريا، ففي أبريل/نيسان وخلال زيارة الرئيس الإريتري، أسياس أفورقي، إلى السعودية، توصلت معه إلى اتفاق تعاون عسكري وأمني واقتصادي لمحاربة الإرهاب والتجارة غير المشروعة والقرصنة في مياه البحر الأحمر، وعدم السماح لأي تدخلات أجنبية في الشأن اليمني.
كما أن طائرات عمودية سعودية عبرت الأجواء الجيبوتية قادمة من الأجواء الإريترية بالتزامن مع زيارة الرئيس الإريتري، في رحلة تفقد لميناءي عصب ومصوع، وعدة جزر إريترية متاخمة لليمن.
-نيجيريا الحليف في أوبك
وللسيطرة على أسعار النفط المنهارة عملت المملكة العربية السعودية على اتخاذ نيجيريا حليفة لها، لضبط عملية تجميد الإنتاج النفطي.
ولذلك يقوم الرئيس النيجيري، محمد بخاري، بزيارة للمملكة للبحث مع المسؤولين السعوديين أسعار النفط المتهاوية وتأمين الاستقرار للأسواق، في زيارة تأتي بعد أسبوع على اتفاق المملكة ودول أخرى على تجميد الإنتاج.
ويتوقع محللون أن تعلن نيجيريا، عضوة منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)، تأييدها للاتفاق الذي يشترط التزام منتجين آخرين.
وأدى انخفاض أسعار برميل النفط إلى مستويات غير مسبوقة منذ نحو 13 عاماً، إلى تراجع حاد في إيرادات الدول المنتجة، ودفع الدول الخليجية إلى اتخاذ إجراءات تقشف وخفض الدعم عن مواد أساسية.
وتراجعت أسعار النفط بنحو 70% منذ يونيو/حزيران 2014 عندما كان سعر البرميل أعلى من مئة دولار، ليتداول راهناً ما دون 35 دولاراً.
ويعود السبب الرئيسي للتراجع إلى فائض في المعروض من النفط، تعذر على الاقتصادات امتصاصه، ولا سيما الصين حيث يتباطأ الاستهلاك.