د. مطلق بن سعود المطيري-
الكويت الوطن، ينظر لصناعة الصوت المقاوم بتحضر وشجاعة، خاصة إنْ كان المستهدف بالعداء البيت الخليجي الكبير، فقد أعطت الكويت في هذه الأيام درساً سياسياً لكل العرب والعالم عن تضامن وتماسك مجلس التعاون حكماً وشعباً، في السابق والحاضر، فقد حفظ التاريخ للشعب الكويتي هذا المستوى من الرقي والوطنية عندما دعم شرعيته إبان الغزو الهمجي من بعث العراق، هذا الحزب المكون من شيعة وسنة وكرد وغيرهم من الانتماءات العراقية الاخرى، وقف الشعب الكويتي على خط انتماء واحد آل الصباح والكويت والخليج، راهن على صدق انتمائه وكسب صدق الانتصار.
شعب دخل الحداثة وإشكالاتها بروح وطنية، لن يكون موقفه من القضايا الصعبة والمصيرية إلا موقفاً وطنياً، يحفظه له التاريخ ويفخر به القريب ويعتز.. مكالمة خادم الحرمين الشريفين لرئيس مجلس الأمة معالي الأستاذ مرزوق الغانم لم تكن ألا تعبيراً واضحاً عن هذا الاعتزاز الذي شعر به القريب نحو قريبه..
رئيس مجلس الأمة الكويتي برقية المعهود وشجاعته المستمدة من تربيته الوطنية والأسرية لم يجعل من حضوره لاجتماع برلمان الدول الإسلامية ببغداد حضوراً لا يضيف موقفاً وطنياً لدائرة انتمائه الخليجية، فعندما تعرض رئيس الوفد الإيراني للمملكة، وقف له الغانم بكل شجاعة وقال: أنا هنا ممثل المملكة، وأرفض التعدي عليها، الدرس هنا، يتمثل بالمناسبة والمكان والدولة التي هاجم مبعوثها المملكة. اجتماع برلماني لممثلي كل الشعوب الإسلامية والمكان العراق، والهجوم من إيران، والرد على الهجوم كويتي، فمن بين كل الدول الإسلامية والعربية التي حضرت الاجتماع كان صوت الكويت هو الوحيد الذي اعترض واحتج، ليسمع جميع ممثلي الشعوب الإسلامية والعربية وحكوماتهم موقف بلده من الهجوم على المملكة، فقدم الغانم رفضاً فعلياً وليس نصاً دعائياً، قدم لعالمنا الإسلامي تعريفاً شعبياً ورسمياً، عن من هي السعودية ومن هي الكويت.. لم يكن حديثه في برنامج تلفزيوني ولا في ندوة لجمع الخطابات والتبرعات، بل في مناسبة دولية تسجل فيها المواقف، فإما ان تكون مرتبكة أو خائفة أو شجاعة وصادقة، وفي هذه المناسبات لا يكون الموقف شخصياً بل تعبير ملزم للدولة ومعبر عنها.
الدرس الآخر الذي قدمته العزيزة الكويت، ومن البرلمان أيضاً، الذي يعد المنبر الوحيد المعبر عن صوت الشعب الكويتي.. فعندما أمعن النائب عبدالحميد دشتي في هجومه على المملكة، خصص مجلس الأمة الكويتي جلسة لمناقشة موقف النائب، لتكون المحاسبة عن طريق منبر شعبي ودستوري صوته يعبر عن الشعب الكويتي وقراراته ملزمة فهو السلطة التشريعية، وليسمع النائب دشتي اعتراض ممثلي الشعب الكويتي على أطروحاته المؤذية لدول الخليج، فكان الرد أيضاً تاريخياً يحسب للكويت، فالأسلوب دستوري وقانوني وشعبي، ماذا يعني هذا الأسلوب؟ يعني أن موقف دشتي من المملكة مرفوض وطنياً ودستورياً وشعبياً، وموقف ملزم لجميع أفراد الشعب الكويتي ومعبر عنه، وليس موقف فئة أو طائفة أو تيار، فبهذا السلوك الحضاري والوطني، أعطت الكويت درساً للعرب وإيران والعالم في الرقي والانتماء، أسلوب وحكمة كويتية في تقديم المواقف الوطنية والتاريخية، شكراً للعزيزة الكويت على هذا الدرس الحكيم.