قتادة الطائي - الخليج أونلاين-
"رعد الشمال"، اسم ملأت أصداؤه المنطقة والعالم، إذ أكدت المناورات الأكبر إقليمياً ودولياً، وحدة الصف بين دول الخليج والدول العربية والإسلامية في حماية أمن المنطقة، وتعزيز تعاون الدفاع الإقليمي بين الدول المشاركة؛ لتبادل واكتساب الخبرات في مجالات عديدة، كإدارة العمليات المشتركة والتنسيق والتجانس بين القوات المشاركة.
حيث تختتم بمدينة الملك خالد العسكرية بحفر الباطن السعودية، الخميس، المناورة التي تشارك بها 20 دولة إسلامية وعربية.
حملت المناورات وتوقيتها، وما سبقها من تحركات سياسية، أبعاداً سياسية أكثر من كونها لاكتساب الخبرة، إلى التنبؤ بتحرك عسكري محتمل في دول المنطقة المحتقنة، رغم وجوده فعلياً بمشاركة بالتحالف الدولي في سوريا، أو التحالف العربي في اليمن.
وتشكل المناورات نواة تشكيل التحالف الإسلامي الذي أعلن عنه سابقاً، ولا يمكن عدم ربط انطلاق التمرين بما يحدث في المنطقة من تطورات سياسية، وهو ما أكده مستشار وزير الدفاع السعودي، العميد ركن أحمد عسيري، في 7 مارس/ آذار.
وجرت المناورات العسكرية، في وقت فتح فيه الغرب صفحة جديدة مع أبرز أركان "محور الشر"، فيما تتمدد الأذرع الطائفية لهذا المحور في سوريا ولبنان والعراق واليمن والصومال وتتدخل في شؤون دول الخليج عبر خلاياها الموالية للولي الفقيه.
وتدرك المملكة السعودية التي رأى وزير خارجيتها عادل الجبير، في وقت سابق أن رفع العقوبات عن طهران "سيكون له تأثير سلبي إذا استخدمت الأموال في أنشطة شائنة"، وهو ما أكدته صحيفة ناشينال إنتيريست الأمريكية، عن أن "أمريكا أرادت إيصال رسالة للعرب مفادها أنه لا يمكنهم الاعتماد على المظلة الأمنية للولايات المتحدة بعد الآن"، وهو ما بات العرب يدركونه جيداً، إذ باتوا على قناعة أنّ تحركاتهم السياسية في الوقت الحالي بعد الاتفاق الدولي مع إيران لن يثمر ولن يؤدي إلى نتيجة فعّالة إلا عبر اتخاذ قرار صعب بعيداً عن المعاهدات والحسابات الدولية التي ينظر إليها المجتمع الدولي.
ويكثر في الآونة الأخيرة، الحديث عن الخطة "ب"، للتدخل البري في سوريا بمشاركة قوات تتقدمها السعودية، ونشرت قوات وطائرات جنوب تركيا تمهيداً للتدخل، ما سيكون تصعيداً كبيراً لعمليات التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد تنظيم "الدولة"، والذي اعتمد بشكل أساسي حتى الآن على ضربات جوية وتسليح وتجهيز جماعات المعارضة السورية "المعتدلة".
وترحب الولايات المتحدة، على لسان جون كيربي المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية للصحفيين في واشنطن بالقول: إن السعوديين تحدثوا "عن احتمال إدخال عناصر من القوات البرية في سوريا"، وإن الولايات المتحدة سترحب بمثل هذه المساهمة في القتال ضد "الدولة".
من جانب آخر، تشكل الخطوات التي اتخذتها السعودية ودول الخليج ضد لبنان، الذي اعترف قادته بأن "حزب الله" المدعوم من إيران، يهدد مستقبل البلاد وعلاقتها بالدول العربية، ما فتح المجال للتفكير عن احتمال تصعيد لتخليص لبنان من الذراع الإيراني الأقوى في المنطقة، لا سيما بعد التأييد غير المسبوق للمملكة لتصريحاتها ضد الحزب.
وفي اليمن، يترقب اليمنيون انتهاء عملية "إعادة الأمل" المتممة لعملية "عاصفة الحزم"، وذلك بعد عام كامل من انطلاقها، وهو ما سيحقق هدف دول التحالف في القضاء على ذراع إيران الآخر هناك (الحوثيين)، كما سيفتح الباب لتفرغ الدول المشاركة في عمليات التحالف العربي للتوجه لحل الأزمة السورية بأي طريقة، مع استراتيجية محكمة للقضاء على أي خلايا أو نشاط إيراني في المنطقة.
وتشير تلك الإيحاءات العسكرية من دول الخليج بشكل خاص إضافة للمتحالفين معها، إلى وجود توقعات بازدياد نشاط إيران وتدخلاتها في المنطقة، وهو ما يعزز فكرة المواجهة الحقيقية التي ترفضها دول الخليج في تصريحاتها، إلا أنها لا تكف عن تحذير طهران من التدخل في شؤونها الداخلية، ومن ثم وجدت من التعنت الإيراني في الأزمة الأخيرة بعد إعدام نمر النمر وقطع العلاقات، وانتهاء أزمة الملف النووي الإيراني الذي أعطى الحرية لطهران، ضرورة في التحشيد العسكري، في ترقب لأي تصعيد إيراني، إضافة إلى ترسية الاستقرار في المنطقة.