عبدالله حاتم - الخليج أونلاين-
شكل ترسيم الحدود المائية بين مصر والسعودية، وإقرار الحكومة المصرية بأن جزيرتي تيران وصنافير تتبعان للمياه الإقليمية السعودية، نقطة تحول في سلسلة الخلافات الحدودية التي تعصف بالمنطقة العربية، لا سيما في محيط دول الخليج العربي.
وبدأت رحى الخلافات الحدودية مع نشوء الدولة العربية بالمفهوم المعاصر، إذ تعود بدايتها إلى ما بعد انهيار السلطة العثمانية في أعقاب الحرب العالمية الأولى، وتعاظمت بعد نيل استقلالها، ووجد بعضها طريقه إلى الحل، في حين ما زالت قضايا أخرى تحت الرماد.
وبحسب مراقبين، كان طبيعياً أن يصاحب نشأة كل كيان جديد خلافات بعضها ناجم عن ميراث الاستعمار، سواء بالنسبة للحدود أو ما يتعلق بالتعهدات الدولية السابقة.
ويوم السبت الماضي، أسدل الستار على واحدة من سلسلة خلافات حدودية عربية، بإعلان ترسيم الحدود المائية رسمياً بين السعودية ومصر بعد 66 عاماً من الخلافات "الباردة".
وأكد بيان لمجلس الوزراء المصري، إن جزيرتي تيران وصنافير الموجودتين في البحر الأحمر اللتين تفصلانه عن خليج العقبة الأردني، ويبعدان نحو 6 كم عن ساحل سيناء الشرقي، "تقعان في المياه الإقليمية للمملكة".
ويعتبر موضوع الخلافات الحدودية في دول مجلس التعاون الخليجي قديماً بقدم الدول ذاتها، فقد برزت في لحظة نشأتها، وبالرغم من محاولات التسوية التي قامت بها عدة أطراف خليجية ودولية لحسم موضوعة الخلافات وترسيم الحدود بصورة نهائية، فإن المحاولات تنتهي غالباً إلى التأجيل حتى إشعار آخر، في حين تم حل بعضها الآخر إما بالتراضي أو عبر اللجوء إلى المحكمة الدولية.
- الجزر الإماراتية
وكانت قضية الجزر الإماراتية الثلاث "طنب الكبرى، طنب الصغرى، أبو موسى"، المحتلة من قبل إيران منذ 30 نوفمبر/تشرين الثاني عام 1971، وما زالت، أبرز القضايا الخلافية الحدودية بين الإمارات خصوصاً والخليج عموماً مع الجانب الإيراني.
جزر طنب الكبرى وطنب الصغرى اللتان تتبعان إمارة رأس الخيمة، وأبو موسى التي تتبع إمارة الشارقة، تم احتلالها قبل أيام فقط من استقلال الإمارات العربية المتحدة في 2 ديسمبر/كانون الأول عام 1971 عن الحماية البريطانية.
وما زالت الجزر الإماراتية محتلة من قبل إيران، على الرغم من كل محاولات التفاهم التي بذلتها الإمارات العربية المتحدة مع إيران بشكل علني ومباشر.
وتكمن أهمية الجزر بموقعها الاستراتيجي، إذ تقع على مدخل الخليج العربي واحتلالها مكن إيران من بسط قوتها على مضيق هرمز، فضلاً عن توفر النفط الخام فيها، ووجود كميات كبيرة من أكسيد الحديد في أبو موسى، فضلاً عن كونها منطقة استراحة للسفن الداخلة والخارجة من الخليج.
-"الزبارة وحوار"
الخلاف الحدودي في الخليج العربي لم يقتصر فقط على كونه مع إيران، بل هو حتى داخل البيت الخليجي الواحد ولكن بشكل "بارد".
وأبرز تلك الخلافات كان النزاع البحريني-القطري على منطقة الزبارة وجزر حور، الذي بدأ في العام 1937.
وفي عام 1987 وافق الطرفان بشكل مبدئي على إطار مبادئ للحل اقترحته السعودية، والذي نص على أنه إذا لم تنجح المفاوضات بين الطرفين للتوصل إلى اتفاقية شاملة لتسوية الخلاف يقوم الطرفان بإجراء مفاوضات لاحقة لتقرير أفضل السبل للوصول إلى تسوية عن طريق القانون الدولي.
لكن على مدار نحو أربع سنوات فشل الطرفان في حل خلافاتهما الحدودية، حتى تم الإعلان في 1991 عن فشل الوساطة السعودية، ليتوجه الطرفان إلى محكمة العدل الدولية في لاهاي.
وفي العام 2001 أصدرت محكمة العدل الدولية حكمها النهائي الذي قرر بأن دولة قطر لها السيادة على الزبارة، وللبحرين السيادة على جزر حوار.
- بئر الخفجي
وقع خلاف بين الكويت والسعودية في بداية عام 2007 بشأن حقل المنطقة المشتركة في منطقة الخفجي، وكان أساس المشكلة هو أن الكويت لم تكن راضية عن تمديد السعودية لامتياز شركة شيفرون الأمريكية في عام 2009 حتى عام 2039.
وحاولت السعودية والكويت حل خلافهما أكثر من مرة بهدف إعادة الإنتاج في المنطقة المحايدة، غير أن الخلاف ظهر للسطح في مايو/أيار 2015، وما زالت المباحثات جارية لحل الأزمة والتوصل إلى اتفاق يعيد الإنتاج للخفجي والوفرة.
وجرى إغلاق حقل الوفرة في 11 مايو/أيار من العام الماضي للمرة الأولى لمدة أسبوعين لإجراء أعمال صيانة، ولكن في 27 من الشهر نفسه أعلنت متحدثة باسم شركة النفط الأمريكية شيفرون أن "حقل الوفرة سيظل متوقفاً لحين حل المشكلات التي تعوق التشغيل"، وكشفت الشركة عن أنها عجزت عن حل نزاعات مع الكويت تتعلق أساساً بحقوق التشغيل.
- مقطع مضيق هرمز
لطالما تميزت العلاقات الإماراتية العُمانية بأنها علاقات تاريخية وقبلية، فهما دولتان متجاورتان، ويساعد تحقيق الأمن والاستقرار في أي منهما على استقرار الأخرى.
لكن يبدو أن تلك العلاقات لم تنج من الخلافات الحدودية، ففي العام 1977 وقع خلاف حدودي بين الدولتين عندما أعلنت عُمان عن نزاع بينها وبين إمارة رأس الخيمة على مقطع بحري بطول 16 كيلومتراً على مقربة من مضيق هرمز، اكتشفت فيه مخزونات كبيرة من النفط، حيث بعثت عُمان بقوات مشاة وسفينة حربية مطالبة بأن توقف رأس الخيمة إنتاج النفط في المكان.
عرضت السعودية والكويت حلولاً تضمنت حيازة مشتركة للمنطقة وشراكة في الأرباح من النفط، مشابهاً للذي هو قائم بين المملكة العربية السعودية والكويت في المنطقة المحايدة بالخفجي.
وأسدل الستار على الخلاف في نهاية المطاف في العام 1996 بعدما وقعت عمان والإمارات اتفاقية ترسيم جزء هام من المنطقة المتنازع عليها تبلغ مساحتها نحو 330 كيلومتراً مربعاً من حدودهما المشتركة، وفي العام 2008 وقع البلدان على اتفاق لترسيم الحدود المتبقية بطول 272 كيلومتراً.