شؤون خليجية-
منذ فتر طويلة والإمارات تمهد الأجواء للعب دور قيادي في منطقة الخليج العربي والشرق الاوسط، وكانت الفرصة السانحة في ثورات الربيع العربي التى اسفرت عن انظمة وحكومات ضعيفة وغير مستقرة، والتى استغلتها الامارات للتواصل مع مؤسسات الدولة العميقة وفلول الانظمة الساقطة، لاعادة انتاج تلك الانظمة من جديد ولكن بشكل يدين لها بالولاء والطاعة، وقد بذلك في سبيل ذلك جهودا مضنية وأنفقت مليارات الدولارات، ونجحت في تحقيق جزء مما كانت تصبو اليه، وأوشكت في أن تتحول من قوة هامشية تسير في الفلك السعودي، وتأتي في مرتبة ثالثة بعد السعودي وقطر، الي القوة الاولي في الخليج، خاصة بعد أن ظهر دورها الجلي في عاصفة الحزم التى كانت تقودها السعودية ونجاحها في السيطرة علي مدينة عدن وادارة شئونها بالتعاون مع الحكومة اليمنية المنتخبة بقيادة الرئيس عبدربه هادي منصور، إلا أن ذلك الدور سرعان ما خفت قبل ان يصل الي القمة، وذلك نتيجة لذكاء النظام السعودي الذي بدا وكأنه كان يستخدم نظيره الاماراتي لتحقيق اهداف محددة، مع امساكه بخيوط اللعبة بيديه، ليقوم في النهاية بتسديد ضربة قاصمة للدور الاماراتي في اليمن وغيره من دول الربيع العربي، بعد أن نجح في دفع الرئيس اليمني للتخلي عن رئيس الحكومة الذراع اليمني للامارات في اليمن واستبداله بوزير الدفاع السابق علي محسن الاحمر الذي يدين بالولاء للنظام السعودي، ويتواصل بقوة مع النظام المصري ويقدم له دعما غير مسبوق في الوقت الذي بات يعاني فيه ازمة اقتصادية خانقة، ليتحول الي القطب الاكبر في المنطقة، ولتضيع الاماني الاماراتية الخاصة بالتحول من دولة صغيرة غير مؤثرة في المنطقة الي دولة قائدة للخليج ولبقية الدول العربية في منطقة الشرق الاوسط.
الدور السياسي للامارات واللعب خلف الستار
منذ تسعينيات القرن الماضي والامارات تلعب دوراً سياسياً مثيراً للجدل، إذ كانت واحدة من أوائل الدول المساندة للولايات المتحدة في عدوانها علي العراق، حيث فتحت قواعدها ومنشآتها العسكرية لقوات التحالف الأجنبية، وتغاضت عن قرار الجامعة العربية الخاص برفض المشاركة في العدوان بالرغم من دعمها له.
وحسب تقارير صادرة عن الامم المتحدة وشبكة بلومبرج الاخبارية فإن اللعب الاماراتي من خلف الستار لم يقتصر علي دورها في دعم الولايات المتحدة في حربها علي العراق، وإنما امتد الي خارج المنطقة، ووصل الي الصومال، إذ كانت الامارات من الدول المتورطة في دعم الحركات المسلحة في الصومال بما يقوض جهود انهاء التمرد في البلاد.
كما لعبت الإمارات دور الوسيط بين الحكومة الأمريكية وطالبان، وكانت من أوائل الدول التي أعادت فتح سفارتها في كابول بعد سقوط نظام طالبان في 2002.
ولا يخفي علي اي متابع الدعم الاماراتي الكبير للحملة العسكرية الفرنسية على مالي وافريقيا الوسطى في يناير 2013 ماليا وعسكريا والذي وصل الي استخدام بعض المعدات الموجودة في القاعدة الفرنسية في أبو ظبي لقتال الشعب المالي.
فحسب تسريبات ويكيليكس قامت الإمارات بما امتنعت عنه الدول الغربية الإخرى ودعمت فرنسا في تحقيق أهدافها وحماية مصالحها في منطقة الساحل الإفريقي الغنية بالثروات، بل ودعمت كذلك حرب الإبادة التي شنتها الميليشيات المسيحية ضد المسلمين في افريقيا الوسطى برعاية فرنسية وتمويل إماراتي.
ولم تكتف بذلك بل واصلت دعم القوى المعادية لكل ما هو اسلامي في المنطقة، وأخرها الدور الخفي الذي تلعبه في ليبيا، إذ ارسلت في 2014 العشرات من الطائرات المقاتلة للقيام بمهمات قتالية دعما لحفتر، ودعمت ولاتزال تدعم التدخل المصري في ليبيا إلى جانب حفتر والتي تقدر بمليارات الدولارات.
ولا تزال الامارات تحاول ان تلعب خلف الستار حتى تتمكن من امتلاك كافة اوراق اللعب في المنطقة، وما كانت لتدعم عاصفة الحزم في اليمن والانقلاب الذي حدث علي اول رئيس مصري منتخب، لولا تيقنها من القدرة علي لعب هذا الدور الذي تمهد له منذ فترة طويلة، إذ تعتبر الامارات نفسها احق بالقيادة من المملكة العربية السعودية التى تنظر اليها علي انها دولة تعاني من اعراض الشيخوخة المبكرة، وان النهضة الاقتصادية التى نجحت حكومة الامارات في تحقيقها خلال العقد الماضي وما حققته من وفورات اقتصادية كبيرة خاصة في مجال السياحة والتجارة يدفعها لان تقفز قفزات كبيرة في المنطقة، وان تتولي مكان الدور السعودي الذي شهد تراجعا ملحوظا خلال الفترة الماضية خاصة ايام الملك عبدالله بن عبدالعزيز، ورغم الضربات التى منيت بها مؤخرا من قبل المملكة العربية السعودية، إلا انه يبدو ان الحكومة الاماراتية عازمة علي المضي قدما في هذا الطريق، الامر الذي ينذر بتصاعد الخلافات فيما بينها وبين المملكة العربية الصعودية، خاصة في الازمات التى تشهد تباعدا في وجهات النظر كالازمة السورية وكذلك اليمنية.
الإمارات والسعودية .. من يكسب الآخر؟
لم تخف الامارات رغبتها في لعب دور اقليمي قوي في المنطقة، خاصة عقب ثورات الربيع العربي، وعلي ما يبدو ان العقبة التى كانت ولا تزال تقف في طريقها لم تكن قطر كما يظن البعض، وإنما المملكة العربية السعودية، فحسب وثائق ويكليكس التى نشرت في ابريل 2008 حاول محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي أكثر من مرة تحريض الأمريكيين ضد المملكة العربية السعودية، ولم يتوقف عند ذلك وإنما تحدث بالعديد من الألفاظ التي تمثل إهانة للملك وللمسؤولين في السعودية، فضلاً عن عبارات أخرى تعتبر إهانة جامعة لكل الشعب السعودي، خاصة عندما وصفهم بالجهل والتخلف مستدلاً على ذلك بدليل واهن وهو أن 52% من السعوديين لا يستطيعون قيادة السيارة، في إشارة إلى منع المرأة من قيادة السيارات في المملكة.
بل ووصل الامر الي التشكيك في مستقبل القيادة السعودية، وان القيادة الحالية لا تصلح لتولي زمام الامور في منطقة مضطربة كمنطقة الشرق الاوسط، وان الاجيال القادمة في المملكة لا توجد بها وجوها واعدة يمكنها تولي زمام الامور، وذلك حسب وثيقة يعود تاريخها الي يونيو 2008، ولقد وصل العداء الي حد الاعلان - حسب وثيقة نشرت في يوليو 2006 – عن ان السعودية ليست صديقة للامارات وان ما يدفع الامارات للتعامل معها هو حاجتهما الي التفاهم لمواجهة التحديات الجمة الموجودة في المنطقة، والتى تضر بأمن واستقرار الانظمة الخليجية، فحسب تصريحات ولي عهد ابوظبي الشيخ خاضت الامارات وقطر حروبا ضد السعوديين، منها 75 معركة خاضتهم الامارات وحدها ضد السعودية خلال القرنين الماضيين.
وكان اخطر ما كشفته وثائق ويكيليس في يناير 2015 الحوار الذي دار بين ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد حينما كان رئيس أركان القوات المسلحة الإماراتية، وبين مدير مجلس العلاقات الخارجية الإمريكي في حينه ريتشارد هاس، ووجه خلاله إنتقادات حادة لعدد من الأمراء في الأسرة الحاكمة بالسعودية خاصة الأمير نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية السعودي في حينها، والذي وصفه بالقرد، ليس هذا فحسب، بل وصرح للمسئول الامريكي بأن 90% من الشعب السعودي ينتظر الأمريكيين بعد إنتهائهم من العراق ليغيروا لهم آل سعود، وهو تحريض مباشر علي دولة صديقة وحليفة وعضو في مجلس التعاون الخليجي، الامر الذي يؤكد ان الامارات إنما كانت تتحرك بدافع من رغبتها في تهميش دور المملكة في المنطقة والحلول محلها في قيادتها.
ونظرا لهذا الدور الخفي الذي كانت تلعبه الامارات وتعلمه المملكة جيدا، تظهر وثائق ويكليكس متابعة السعودية جيدا للشأن الإماراتي الداخلي ومواقفها من القضايا الإقليمية والدولية بصورة دقيقة، لتيقنها من ان ظاهر السياسة الخارجية الإماراتية يختلف تماما عن باطنها وخاصة فى علاقاتها الإقليمية.
ويبدو الخلاف بين الطرفين كبيرا خاصة فيما يتعلق بالعلاقة مع ايران، فعلي عكس السعودية التى تتعامل بحذر مع ايران، بسبب دورها المشبوه في الخليج، وسعيها الدؤوب لاقامة الهلال الشيعي، ودعمها المستمر لنظام بشار الاسد الذي يواصل ابادة شعبه، تبدو الامارات أكثر تودداً وهدوءا فى العلاقة مع إيران، اذ تكشف وثائق ويكليكس ان عدد الإيرانيين المقيميين في دولة الإمارات “حوالي 500 ألف” وهو ما يُعادل أكثر من نصف عدد المواطنين الإماراتيين الذي يبلغ عددهم 947 ألف مواطن.
وتشير الأرقام الواردة في الوثيقة أن هناك ما يقارب (٠ ٠ ٠ ٨) تاجر إيراني مسجلين رسميًّا في دبي وحدها، وتحتل إيران المركز الرابع حسب قائمة الشركاء التجاريين كشريك تجاري للإمارات، وبلغت تجارة إعادة التصدير بين الدولتين في النصف الإول من عام 2011 – بداية ثورات الربيع العربي- (5,32) مليار دولار.
كما انه وفيما يتعلق بالملف السوري تبدو الامارات وكأنها تغرد خارج سياق الموقف العربي والخليجي المعلن ، ففي العلن تعلن تضامنها مع الموقف الخليجى الداعم للثورة السورية والمطالب بقوة برحيل الأسد ونظامه بينما فى الخفاء لها نهج واستراتيجية أخرى وهو ماكشفت عنه الوثائق التى اظهرت تشكك السعودية في الموقف الإماراتي من الأزمة السورية، حيث تحدث وزير الخارجية السعودي السابق عن أن الامارات تتفاوض مع إيران على الا تنحاز ضد النظام في سوريا، والا تقر موضوع التدخل العسكري، التي كانت السعودية تدفع بإتجاهه، مقابل عدم تشدد إيران فيما يتعلق بملف الجزر الإماراتية المحتلة.
وقد دلل وزير الخارجية السعودي علي ذلك بقيام الامارات بإلغاء تأشيرات الإقامة لنحو 60 شخصاً من الجنسية السورية، وترحيلهم إلى دول أخرى تقبلهم، بعد مشاركتهم في تظاهرات مناهضة للنظام السوري.
الا انه ورغم كل المحاولات التى قامت بها السلطات الاماراتية لاضعاف الدور السعودي قد باءت بالفشل وذلك لعدة اسباب اهمها الخبرة السعودية الكبيرة في مجال السياسة الخارجية، والتى تركت الامارات تتحرك في وقت ما لتستفيد من مواقفها ودعمها بينما هي تملك كافة اوراق اللعب، حتى اذا مانتهت الامارات من القيام بدورها واعتقادها بأنها اوشكت علي تحقيق اهدافها، تتدخل المملكة وتقلب الطاولة وتعيد الامور الي نصابها مرة اخرى، وما حدث باليمن هو خير دليل علي ذلك، إذ تركت المملكة للامارات عدن تسيطر عليها، وبعد أن اوشكت علي الانتهاء من الازمة اليمنية والقضاء علي التمرد الحوثي فاجأت العالم باتخاذ الرئيس اليمني قرارات تفيد تخليه عن الاذرع الاماراتية في اليمن، واستبدالها بعناصر اخرى تدين بالولاء للمملكة العربية السعودية وبالعداء للدور الاماراتي في اليمن والمنطقة.
يضاف الي ذلك ان السعودية تملك مقومات القيادة والريادة علي عكس الامارات التى ينظر اليها علي انها صاحبة الدور الاكبر في افشال ثورات الربيع العربي بسبب استضافتها لرموز الانظمة القديمه وتقديمها دعما كبيرا لتلك الانظمة ومساعدتها في العودة لتكبيل الشعوب وافقادهم مقومات الحياة الكريمة.
كما انه وعلي عكس الامارات التى اعتمدت علي امريكا لاعطاءها هذا الدور، عملت السعودية علي البحث عن شركاء جدد ووصل بها الامر الي تهديد الولايات المتحدة واتهامها بالتخلي عن حلفاءها في المنطقة، واقترابها من تركيا واعلانها العزم علي التدخل البري في سورية، وقيامها باحداث توازن استراتيجي في موازين المعارك الجارية هناك .
اليمن رمز الصعود والانهيار
مثلت اليمن نقطة التحول في الدور الاماراتي بعد ان اعلنت الامارات مشاركتها ولاول مرة في عاصفة الحزم ليس فقط جويا وإنما بقوات ساهمت في تحرير عدن والسيطرة علي الاوضاع فيها، بل وغض الطرف عن التضحيات البشرية التى منيت بها اثناء وبعد وجودها فوق الاراضي اليمنية، وهي اول مره تساهم فيها الامارات بقوات خارج حدودها، ما يعني انها عازمة علي لعب دور قيادي في المنطقة حتى لو كلفها ذلك تضحيات بشرية لا تقدر عليها.
الا انها كانت تحمل اجندة مختلفة عن نظيرتها السعودية، إذ كانت الامارات تعمل في عدن من أجل انفصال الجنوب اليمني عن الشمال، في حين ان السعودية تعمل على استمرار الوحدة اليمنية وإعادة السلطة الشرعية إلى يمن موحد. لذلك كانت المملكة تحرص علي التأكيد على ان أي حل سياسي لليمن يجب ان يستند إلى قرارات مجلس الأمن لاسيما القرار 2216 وقرارات ومخرجات الحوار الوطني اليمني والتي تؤكد على وحدة اليمن ضمن أقاليم خمسة تعطى نوع من الحكم الذاتي.
وعلي مايبدو ان هذا الخلاف في وجهات النظر ما بين الامارات والسعودية كان السبب الرئيسي في التحول والتراجع الذي اصاب الدور الاماراتي في اليمن، بعد ان اضطرت المملكة السعودية الي توجيه ضربة قاصمة لهذا الدور خوفا من تأثيره علي الازمة، خاصة بعد قيام الامارات بوقف مدرعات وآليات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية عند مثلث العند في لحج، والتراجع عن تعزيز تعز عسكريًا، وتحريرها كما كان مقررًا له، بزعم أن الأولوية يجب أن تكون لمكافحة الإرهاب والأمن الداخلي.
هذا وقامت الامارات وبشكل مفاجئ ومع قرب دخول وقف إطلاق النار بسحب قواتها ومعداتها العسكرية ومنها منظومة الدفاع الصاروخية (باتريوت) من اماكن تواجدها في معسكر تداوين الواقع بين محافظتي مارب والجوف مركز عمليات التحالف للمحافظات الشمالية. مما دفع محمد بن سلمان وزير الدفاع السعودي للقيام بزيارة سريعة إلى الإمارات في محاولة منه لإقناعها بالتوقف عن التحركات التي تقوم بها خارج نطاق التحالف بقيادة السعودية وايقاف انسحاب قواتها من معسكر تداوين.ولكن يبدو أن محاولته قد فشلت في اقناع المسئولين الاماراتيين الامر الذي جعله يقوم بزيارة سرية الى الاردن واقناع الملك الاردني بتغطية النقص والفراغ الذي ستشكله انسحاب القوات الاماراتية.
ومما يثير الريبة في المواقف الايرانية كذلك طلب التنسيق مع الولايات المتحدة لضرب مواقع القاعدة في الجنوب اليمني، دون الرجوع للتحالف الذي تقوده السعودية، الامر الذي سبب انزعاج كبير للمملكة، جعلها تضغط باتجاه تغيير نائب الرئيس السابق خالد بحاح لإيصال رسالة قوية للإماراتيين.
وفي هذا الصدد يرى محللون بأن ما تقوم به الامارات يأتي في سياق الاختلاف السعودي الاماراتي الذي برز بشكل كبير خلال الحرب على اليمن وكذلك قيام الامارات بالرد على التحركات السعودية التي تحاول السيطرة على المشهد السياسي والمرحلة الانتقالية في اليمن وايصال رسالة للإماراتيين بالابتعاد عن تحركاتهم.
كما توقع المحللون بأن المرحلة القادمة ستشهد عن قيام الامارات بتحركات كبيرة وواسعة جدا في جنوب اليمن وربما تبدا بالتحرك في المحافظات الجنوبية الشرقية باتجاه حضرموت بدءا من مدينة المكلا محاولة ايصال رسالة للأمريكيين بانهم على استعداد لتولي ملف مكافحة الارهاب في جنوب اليمن بدلا من المملكة العربية السعودية.
تحديات الدور الاماراتي في المنطقة
كما هو الحال بالنسبة للدول التى ترغب في لعب دور اقليمي فعال في المنطقة، تواجه الامارات العديد من التحديات التى تحول بينها وبين ممارسة هذا الدور علي الاقل خلال الفترة الحالية التى تشهد تصاعد غير مسبوق في الدور السعودي، فمع وصول الملك سلمان إلى سدة الحكم في السعودية بدأت تظهر عدة بوادر تشير لبدء المملكة عهد جديد تتطلع فيها الي تبوء مكانة الريادة في المنطقة، الامر الذي دفعها لتصحيح العلاقات مع تركيا والتقارب مع قطر، وذلك علي غير رغبة من الحكومة الاماراتية التى لازالت علاقاتها متوترة مع البلدين بسبب مواقفهم الداعمة لتيار الاسلام السياسي في دول الربيع العربي، وهو ما ساعد المملكة كثيرا في التعامل مع بعض القضايا والازمات المثارة في المنطقة وعلي راسها الازمة اليمنية، إذ كانت قطر من اولى الدول التى اعلنت مشاركتها في عاصفة الحزم التى تقودها المملكة ضد التمرد الحوثي في اليمن، وكذلك تركيا التى نسقت مع المملكة لمواجهة العدوان الروسي في سورية، ووضع حد لتقدم النظام في الاراضي المحررة، الامر الذي تسبب في قلق شديد للمجتمع الدولي دفعه للضغط علي روسيا لوضع حد لعملياتها العسكرية في سورية خوفا من تنفيذ المملكة لتهديداتها الخاصة بالتدخل البري في سورية.
وفي هذا الصدد كشفت مصادر دبلوماسية في شهر يوليو 2015 عن وجود خلافات فنية وأمنية وسياسية بين المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة حيث تؤيد الإمارات دعم الجبهة الجنوبية في القتال ضد النظام السوري لكنها تتحفظ على ربط المسألة ببرنامج لإسقاط حكم الرئيس بشار الأسد وإن كانت أبو ظبي تريد محاصرة الأسد والضغط عليه للقبول ببرنامج سياسي ينتهي بمغادرة السلطة بدلا من إستمرار المعارك تحت يافطة اسقاط النظام.
وفي هذا السياق فقد تم التقليل من أهمية التحالف بين السعودية وتركيا في سوريا عبر تصريح عبد الخالق عبد الله مستشار ولي عهد أبو ظبي الذي قال بأن التحالف السعودي التركي القطري "المزعوم " مجرد خيال سياسي.
اما التحدى الاكبر فيتمثل في قدرة الامارات علي لعب دور فعال في الصراع العربي الاسرائيلي، وذلك علي اعتبار ان هذا الملف له رمزية خاصة تتولاها الدولة الاكبر في المنطقة، وهو ما لم تقم به الامارات التى تصب كل جهودها لمحاربة ومعاداة جماعات الاسلام السياسي ومنها حركة حماس،وذلك علي عكس السعودية التى لم ترضخ للفيتو الاماراتي الخاص بمنع الرياض من انشاء علاقات مع الحركات الإسلامية، حيث تم الترحيب بخالد مشعل في السعودية، وأطلقت الرياض سراح بعض المعتقلين التابعين لحماس.
ولاتزال العلاقات الاماراتية بايران العدو التقليدي لدول الخليج تثير العديد من علامات الاستفهام، خاصة وان الامارات تصدرت الدول العربية التى رحبت بالاتفاق الذي وقعته الولايات المتحدة مع طهران بخصوص برنامجها النووي، حيث أبرق رئيسها الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان إلى الرئيس الإيراني حسن روحاني تهنئة بالاتفاق النووي التاريخي على أمل أن يسهم الاتفاق في تعزيز أمن المنطقة واستقرارها، وهو ما يثير شكوك الدول الخليجية ويفقدها الثقة في الدور الاماراتي في المنطقة.
لذلك يتوقع ان يستمر تراجع الدور الاماراتي في المنطقة خلال الفترة المقبلة، بسبب سياساتها المعادية للشعوب العربية في مقابل دعم الانظمة والحكومات الاستبدادية، وتبنيها لمشاريع مشبوهة لا تصب في صالح المنطقة بقدر مما تصب في صالح اعدائها خاصة العدو الايراني المتربص بدول وشعوب المنطقة والساعي لاستكمال مشروع الهلال الشيعي، وكذلك الولايات المتحدة والكيان الصهيوني الذي يسعى لتفتيت وتقسيم المنطقة، وعادة توزيع الادوار بما يخدم مشاريعهم واهدافهم الاستعمارية في المنطقة.