قال الكاتب البريطاني ديفيد هيرست إن الفرحة غمرت البيت الأبيض الأمريكي نتيجة "المكرمة المالية السعودية غير المتوقعة" والتي ستثمر عن خلق مليون فرصة عمل جديدة في الولايات المتحدة في الوقت الذي يبلغ فيه معدل البطالة الرسمي في السعودية 12 بالمائة.
وقال هيرست بمقاله في موقع "ميدل إيست آي" إن ترامب وما إن تحط طائرته في مطار الرياض الجمعة سيكون قد ضمن أكبر صفقات التسليح في تاريخ الولايات المتحدة، وبذلك يكون وفى بالوعد الذي قطعه على نفسه أثناء حملته الانتخابية وخاصة "حمل آل سعود على دفع ثمن الصواريخ التي لن يتسنى لهم استخدامها أبدا".
وأشار إلى أن السؤال الذي يتردد على ألسنة المواطنين السعوديين والذين هم على نقيض مع ولي ولي العهد البالغ من العمر 31 عاما: "كيف بحق السماء بإمكانك أن تغدق كل هذا المال على الأمريكان بينما تتردد في عمل ذلك مع شعبك".
وقال هيرست إن السعوديين يجدون صعوبة بالغة في توفير احتياجات المستشفيات من الأطباء، هذا في الوقت الذي أعلنت فيه "المؤسسة العامة للتقاعد" وهي أكبر صندوق للتقاعد في المملكة والتي تدفع الرواتب التقاعدية لموظفي القطاع العام ولمنتسبي القوات المسلحة الأسبوع الماضي نفاد الاحتياطات التقاعدية لديها تماما.
ويرى الكاتب أن هناك سببان يفسران الهدف من "إنعام المملكة العربية السعودية على أبناء العمومة الأمريكان الأكثر ثراء بمزيد من الثراء".
وقال إن السبب الأول شخصي يتعلق بالأمير محمد بن سلمان والذي يدفع فدية الملك أو ما يعتقد بكل إخلاص أنه بصدد إنجازه.
وأوضح أن زمن الهدايا المتواضعة للدولة ولى كتلك التي يزخر بها متحف الملك المؤسس في الرياض كالطاولة التي أهداه إياها الرئيس روزفيلت خلال لقائهما على متن المدمرة الأمريكية.
وأشار إلى أن هدية كهذة في يومنا هذا تعتبر إهانة مقارنة بالعمولة التي يتقاضاها المرء مقابل إبرام صفقة سلاح.
ولفت إلى أن السبب الثاني لإغداق السعودية الأموال على أمريكا أمر جمعي ومرده إلى الصدمة التي تلقتها من إدارة الرئيس السابق باراك أوباما والاتفاق النووي والنأي عن نفسها ضد أي خطر قادم من إيران لذلك تقوم السعودية الآن بدفع فدية مقابل الحماية حتى وإن لم تجد هذه الأسلحة طريقها للاستخدام.
وعلى صعيد الوضع الداخلي في السعودية قال هيرست إن أحلام ابن سلمان في الحصول على عرش المملكة أمر من المبكر الأخذ بحتمية حدوثها.
وأوضح أن مسافة معتبرة ما زالت تفصل ابن سلمان عن وراثة الملك في الوقت الذي ليس لدى ابن عمه الأكبر سنا منه والأكثر حكمة، كما يمكن أن يقول البعض إنه ليست له أي نية للتنازل عن موقعه في ولاية العهد خاصة أنه يتمكن بواحد من الأجهزة العسكرية في المملكة وهي وزارة الداخلية.
وأشار إلى أن وزارة الداخلية تسيطر على الحدود وليس من غير الشائع أن يمضي الزوار الأجانب المدعوون من قبل ابن سلمان لحظات مزعجة على المعابر والحدود التي يهيمن عليها ابن نايف لتوجيه رسالة ما.
وأضاف: "من يعرفون ابن نايف يقولون إنه ما زال في مكمنه الهادئ يشعر بثقة تامة".
ويلفت الكاتب إلى أن ابن نايف دعم في بادئ الأمر الحملة الجوية التي شنها ابن عمه الأصغر ضد الحوثيين في اليمن، لكن شائعات تقول إنه لم يعد يؤيدها الآن، علاوة على الكارثة الأخرى التي تنزل بساحة ابن سلمان وهي الخصومة التي نشبت بين الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي وحليف السعودية العسكري ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد.
وقال الكاتب إن السياسة التي ينتهجها ابن سلمان ضربتها الفوضى حين يعتمد على هادي كمصدر لشرعية ضرباته الجوية في اليمن في الوقت الذي يمنعه من الطيران للمناطق المحررة جنوب اليمن.
وتساءل الكاتب ما الذي كان سيحدث لو قامت السعودية بدلا من معارضة الربيع العربي والانتفاضات الشعبية التي انطلقت عام 2011 بضخ الاستثمارات في تطوير العالم العربي وتحسين أحواله؟ وماذا لو ضخوا 340 مليار دولار لدعم نتائج الانتخابات النزيهة في مصر وليبيا واليمن بدلا من دعم الانقلابات العسكرية والثورات المضادة؟
وقال إن المنطقة ربما شهدت ذهاب الطبقة الأولى من الحكام الذين جاؤوا عبر صناديق الاقتراع لأن الناس قررت استبدالهم لكن المهم هو اللجوء لصناديق الاقتراع بدلا من صناديق الرصاص لتغيير الحكام.
وأضاف: "ربما كان آل سعود مصرفيو التغيير السلمي أشيد بهم واعتبروا أبطالا وكان بإمكانهم الحصول على يخوت فارهة وجزر كما يرغبون دون دفع فدية لترامب وفي عالم أكثر أمانا الآن لو أنهم مضوا في الرحلة الوحيدة المتاحة أمامهم وهي الانتقال من النظام الملكي إلى الملكية الدستورية".
وختم الكاتب مقالته بالقول إن زيارة ترامب للسعودية فرصة تتيح له الابتعاد عن الرياح العاتية التي تكاد تعصف بمستقبل إدارته في بلاده والتي يراها حتى الجمهوريون وشيكة الانهيار.
وأضاف: "سيجتمع 56 زعيما مسلما وعربيا في الرياض للاستماع إلى ترامب وهو يلقي عليهم محاضرة في الديمقراطية وموعظة في الإسلام.. ما أغرب هذا العالم الذي بتنا نعيش فيه".
وكالات-