حديث أمير قطر تميم بن حمد الأخير والمنقول عبر التلفزيون الرسمي القطري ووكالة الأنباء الرسمية القطرية (قنا) ، والمتضمن اتهاماتٍ بشأن دول حليفة ومجاورة لبلده، السعودية، الإمارات، البحرين،ناهيك عن مديحه وثنائه على من هم أعداء للأمة العربية بأسرها إسرائيل، إيران ،وتمجيده لأحزاب إرهابية باعتراف العالم، حزب الله، ذلك الحديث وجد ردة فعل عنيفة من الدول العربية وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة نبهت ساسة قطر الى خطورة خطواتهم ،ودفعتهم إلى السعي لإبعاد مآلات الحديث وانعكاساته السلبية عليهم بنفي حدوثه ،وتبريرهم بأن كل ما تم إنما هو اختراق إليكتروني ،وهكذا تبرير لا يمكن تصديقه في عالمنا المعاصر ،حيث سهولة التحقق والتثبت من كل ما يحدث بالصوت والصورة. وبعيداً عن الانفعالات التي تبدَّت في حديث أمير قطر وفي تصريح وزير خارجيته بسحب السفراء فإن المتتبع لمسار السياسة القطرية منذ أن أُبعد الشيخ خليفة بانقلاب ابنه عليه والد الأمير الحالي الشيخ حمد فإن قطر شذَّت عن الإجماع العربي والخليجي ،فهي أول من بدأت مشاوراتها واتصالاتها مع عدو الأمة العربية الأول إسرائيل إلى أن وصل الأمر الى فتح مكتب سياسي (تجاري هكذا سُمي) وهو ما يمثل سفارة لإسرائيل في الدوحة ،كما استقبلت الدوحة مسؤولين إسرائيليين كباراً عياناً بياناً وجهاراً نهاراً.
وإمعاناً في البُعد عن حسن الجوار لم تترك قطر الساحة دون خلاف حدودي أو سياسي مع جيرانها المقربين ، السعودية والإمارات والبحرين،وكأنها دولة عظمى وقوة كبرى كما صرح ذات يوم رئيس وزرائها ووزير خارجيتها -آنذاك - حمد بن جاسم .
ولم يخلُ السجلُ القطري الناشز من حماية ورعاية أحزاب وجماعات ومليشيات صُنِّفت عربياً ودولياً على أنها إرهابية، وسجلها حافل بالخلافات ونشر الفرقة والقتل والدمار في أرجاء أوطانها كما هو حال حزب الله اللبناني وجماعة الإخوان المسلمين في مصر وحركة حماس في فلسطين .
بل إن قمة التحدي الطفولي الذي تمارسه قطر اتضح في حديث الأمير تميم الأخير بتمجيد دولة هي راعية الإرهاب في العالم كله وتُسيِّرها عنصرية قومية مقيتة ودستورها طائفي بغيض وهي إيران، وكأن قطر تقول لدول الجوار انها تمسك خيوط مارد يهددكم إن لم تعترفوا بدور كبير وعظيم لي، وينسى ساسة قطر أن رهانهم خاسر فإيران ليست سوى كيان ٍمنهار اقتصادياً واجتماعياً وأن زمن استمراريته لن يطول بمعايير التاريخ. كما تجاهل ساسة قطر في كل خطواتهم هذه أن أمانهم الوحيد بعد الله هو في جوارهم الجغرافي العربي ،لأنه العمق الإستراتيجي الحقيقي لهم وهو منفذهم الوحيد للحياة ،فواحدة فقط من دول الجوار بإمكانها تجويع قطر وعزلها عن العالم.!!.
الحكمة والتعقل والتأني ليست في تفكير ساسة قطر كما تدل على ذلك خطواتهم وطرق تعاملهم مع جوارهم العربي وهو ما يضعهم وبلدهم في خطر الزوال ،فعليهم إن أرادوا البقاء والأمان البُعد كلية عن سياستهم ونهجهم الحالي والعودة الى الواقعية والعقلانية التي تبين أن قطر دولة صغيرة الحجم قليلة التأثير وطفولية التفكير، وأن اعترافها بذلك واقعية تضمن لها البقاء .
عبدالرحمن سعد العرابي- المدينة السعودية-