لا يحل الغراب في أرض إلا ويحل بها الدمار فتصبح خرابا وأطلالا، وهو رمز الشؤوم والفأل السيئ في تراث العرب، ويتطابق في صفاته إلى حد كبير مع جماعة الإخوان المتأسلمين الذين لا يتحركون إلا ليحل الخراب في البلاد، والهلاك للعباد، وليس الربيع العربي عنا ببعيد، وما حل بمصر خير شاهد!
ليس لجماعة الإخوان في وقتنا الحاضر قبول شعبي بعد تكشف النوايا، بل إنهم أُدْرِجوا على قوائم الإرهاب في بعض الدول كتنظيم خطره محدق حول كل من ينشد السلام والأمن، فمثلهم هنا مثل تنظيم القاعدة وتنظيم داعش الذي ما زال خطره يلقي بظلاله علينا، وعليه فإن هذه الجماعة لن تجد لها مأوى وداعم إلا عند كيانات سياسية تستخدمها كورقة تعبث بها وتحركها وقتما تشاء وأينما تشاء لتقويض دول بأكملها، كما حدث في ليبيا وسورية.
سخّرت قطر خلال العشرين سنة الماضية سياستها وإعلامها لزعزعة أمن المنطقة ودعم الجماعات الأصولية الإرهابية كالقاعدة، وإيواء مجرمي هذه التنظيمات كإيوائها مهندس تفجيرات 11 سبتمبر والعقل المدبر لها «خالد الشيخ»، ومنحه وظيفة حكومية ومن ثم تهريبه بحسب تصريحات جون هانا المستشار الأسبق للرئيس بوش للأمن القومي. ولا ننسى جميعا ما كانت تقوم به قناة الجزيرة من دعم لتنظيم القاعدة ونشر أخبارها وتحركاتها بعد أن كان هذا التنظيم لا يتجاوز البضع مئات في التسعينات الميلادية ليتصاعد المنتمون إليه من مجندين إلى أعداد صادمة في بداية الألفية بفضل قطر وخدماتها الإعلامية والتمويلية كما نشاهد الآن.
ما تفعله قطر الآن من دعم وتمويل وإيواء لجماعة الإخوان ليس بجديد على سياستها المزدوجة وليس صادما بالنسبة لنا، وتصريحات أميرها لا تعدو كونها «سواليف» تعودناها -أنكروها أم لم ينكروها- من دولة آثرت التنحي والانشقاق في المواقف والتغريد خارج السرب لأمور «نفسية» بحتة تتعلق بقيمتها وحجمها ومكانتها، فكما يتمرد المراهق ويعبث للفت الانتباه تفعل قطر المثل، ناهيك عن عبث مدمر يحظى بالإمكانات المادية التي تمكنه بالتالي من شراء الذمم، والأدوات البشرية على قفا من يشيل والإخوان أنموذج، فضلا عن ارتمائها في أحضان إيران بين الفترة والأخرى التي تعد أكبر عدو آني ومقوض لاستقرار الخليج ووحدته، اعتقادا من ساستها أنهم يجترحون سياسة جديدة وغير مسبوقة خليجيا، وهذا صحيح فالخليج يتبع سياسة ثابتة قوامها الحكمة والروية والتآخي ووحدة الموقف مما لا يتواءم وسيكولوجية المراهقين!
نعيق الغربان إبان تأجيج قطر -بتصريحات أميرها- ليس إلا لصرف الأنظار عن عبثها كي لا تجنح إلى العزلة ومن ثم تنقطع أرزاقهم ويفقدون الحقائب المتورمة والاصطفاف على موائد «وجهة المضيوم» كما يحلو لهم تسميتها، وإلا منذ متى كان حزبيونا ومتأخونو رابعة تهمهم وحدة الصف والتهدئة وهم أس الفتنة ومؤججوها؟
هيلة المشوح- عكاظ السعودية-