أكدت صحيفة أمريكية رصد واشنطن لتمويلات قطرية موجهة لدعم جماعات إرهابية متطرفة. وأكدت «وول ستريت جورنال» في تقرير سابق لها، تتبع وزارة الخزانة الأمريكية لمبالغ كبيرة من تمويلات خاصة بمؤسسات خيرية ومواقع للتواصل الاجتماعي في قطر، لدعم متطرفين في العراق وسوريا.
ولعبت قطر أيضا على تحريك جماعات متطرفة في كابول وقندهار بأفغانستان، تمخض عنها علاقات خاصة مع حركة طالبان، ما اثمر عن افتتاح طالبان مكتباً سياسياً لها بالعاصمة القطرية في يونيو 2013، سبقته إقامة العشرات من قياديي الحركة رفيعي المستوى في ضيافة قطر بعد الحصول على اللجوء السياسي لهم ولأسرهم.
وابرمت قطر في 30 مايو 2013 اتفاقا مع إدارة الرئيس السابق للولايات المتحدة باراك أوباما، يتضمن الإفراج عن 5 قياديين رئيسيين في حركة طالبان معتقلين في غوانتانامو ونقلهم إلى قطر، مقابل إفراج الحركة عن جندي امريكي معتقل لدى الحركة لأكثر من 5 سنوات، ومن بين المفرج عنهم ملا خير الله خير خواه، وزير الداخلية في نظام طالبان، وملا محمد فاضل آخوند، وزير الدفاع في نظام طالبان وأحد أهم قياداتها العسكرية، وملا عبد الحق وثيق، نائب مدير الاستخبارات في نظام طالبان وأحد مؤسسي الحركة.
قطر والقاعدة
عززت قطر تواجدها في ليبيا في عدد من المدن، خاصة في بنغازي وطرابلس ومصراتة، عبر دعمها لتيارات متطرفة كـأنصار الشريعة التي أعلنت حل نفسها أمس، وجماعة فجر ليبيا وكتائب مسلحة أخرى، إضافة إلى احتضان أسماء على قوائم الإرهاب، على رأسهم عبد الحكيم بلحاج زعيم الجماعة الليبية المقاتلة القريبة من «تنظيم القاعدة»، وعلي الصلابي، وصلاح بادي.
وفي تونس أكد راشد الغنوشي زعيم حزب النهضة في حوار مع إحدى الصحف القطرية في يونيو 2012، أن «قطر شريك في الثورة من خلال إسهامها الإعلامي عبر قناة الجزيرة وتشجيعها للثورة حتى قبل نجاحها».
بدوره دعا التهامي العبدولي مساعد وزير الخارجية التونسي السابق إلى فك الارتباط بين بلاده وقطر، وحذر من تبعات استمرار تدفق المال القطري المشبوه على الجمعيات والمنظمات الأهلية التونسية ذات التمويل والنشاط المشبوهين التي تكاثرت خلال فترة حكم حركة النهضة الإسلامية.
أما في العراق فمنذ الغزو الأمريكي الذي أطاح بنظام صدام حسين تبنى الإعلام القطري الترويج للتنظيمات المتطرفة كالقاعدة والزرقاوي، مستضيفا رموزها على قناة الجزيرة.
متطرفو سوريا
يبرز الحضور القطري في سوريا بتمويل ودعم الجماعات المتطرفة والإرهابية كجبهة النصرة فرع تنظيم القاعدة بسوريا، إلى جانب فصائل وحركات مسلحة محسوبة على جماعة الإخوان المسلمين، فيما لا تكف الدوحة عن تغذية الاضطرابات في اليمن بدعمها للحوثيين، إلى جانب دعم المعارضة الطائفية في البحرين وتأييد مظاهراتها، إضافة إلى دعمها الإعلامي للأعمال الإرهابية بالمنطقة.
وتحتفظ الدوحة بعلاقات مميزة مع ميليشيا (حزب الله) اللبنانية، المدرجة على قائمة الجماعات الإرهابية دوليا وخليجيا، وتصفها بـ«حركة مقاومة». وما يوضح ويبين لتلك العلاقات المميزة دعم قطر في 2008 لميليشيا حزب الله وحلفائها، مقابل تيار المستقبل وحلفائه والذي عرف وقتها في لبنان بـ«اتفاق الدوحة».
تواصل التضارب
وواصل وزير الخارجية القطري، محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، التضارب في اقواله، محاولا تفنيد دعم بلاده للإخوان المسلمين، والحركات المتطرفة بالمنطقة، رغم الوثائق التي تثبت رعايتها واحتضانها للتنظيمات الإرهابية، وكانت واشنطن وضعت يدها عليها، بعد مقتل أسامة بن لادن في باكستان، وهي الوثائق المعروفة بـ«ابوت اباد».
وقال آل ثاني في مؤتمر صحافي بالدوحة مع نظيره الصومالي في رد على سؤال حول وجود طلب أمريكي تلقته قطر خلال قمة الرياض لفك تحالفها مع جماعة الإخوان المسلمين وتنظيمات إرهابية أخرى، رد الوزير بالقول «العلاقة مع أمريكا قوية واستراتيجية، وبالنسبة للنأي بأنفسنا عن الإخوان أو مجموعات أخرى فهذا الموضوع لم تتم إثارته لأنه ما من دليل على علاقتنا بالإخوان وسواهم، فهذا مجرد أمر ظهر بالإعلام، ونحن لا نتعامل إلا مع حكومات، لا مع الأحزاب والجماعات».
وفي السياق، أشارت صحيفة «الجارديان» إلى أنه في الوقت الذي طالب فيه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال زيارته للمملكة العربية السعودية دول الخليج بالمزيد من العمل في محاربة الإرهاب وتشجيع التحالفين العربي والإسلامي بقيادة المملكة، قال وزير الدفاع الأمريكى السابق روبرت جيتس: إنه لا يملك أدنى فكرة عما قامت به قطر في ملاحقة التمويل الإرهابى لحماس وطالبان والقاعدة.
وذكرت الصحيفة أن خروج قطر عن الصف الخليجي ليس بجديد، مشيرة إلى خلاف سابق بينها ودول الخليج حول دعم الدوحة للإخوان، وهي القضية التي تم تسليط الضوء عليها بشكل أكبر بمطالب ترامب بفعل المزيد لمكافحة التطرف، بجانب دور قناة الجزيرة في اشاعة التوتر وعدم الاستقرار بالمنطقة وتصدرها كمنصة إعلامية للحركات الإرهابية والمتطرفة.
تحذير إيراني
بعد ساعات من تصريحات أمير قطر حول إيران، وفي توصية سياسية تنبه من تقلبات مواقف الدوحة، حذر محلل سياسي إيراني في مقال على موقع التلفزيون الرسمي للنظام، بلاده من التعويل على مواقف أمير قطر، مشددا على أنه «يدعم الإرهاب».
وقال مصطفى عبدلى: «لا ينبغى على إيران أن تعوّل على مواقف أمير قطر الأخيرة تجاهها، فلا يخفى على أحد دعم قطر للجماعات الإرهابية لاسيما داعش».
وأكد المحلل الإيراني على أنه لا ينبغي أخذ السياسيات الإعلامية لأمير قطر على محمل الجد، قائلا: «هناك اختلاف بين السماء والأرض في السياسيات الإعلامية والإعلانية لدولة قطر».
في السياق نفسه، يرى مراقبون داخل إيران أن رهان قطر على إيران رهان خاسر، لأن موقف الدوحة الإيجابي تجاه طهران، يقابل بكشف المستور عنها، ووصفها في اعلام إيران بالراعية للإرهاب في المنطقة وأمير قطر بعراب الإرهاب، وأشاروا إلى عدم قدرة تميم من تغيير صورة بلاده حتى مع التصريحات البراقة وإنفاق أمواله على إيران.
الدوحة وطهران
أعرب رئيس النظام الإيراني حسن روحاني قبيل يومين عن رغبة نظامه في تعزيز علاقاته مع قطر، وذلك خلال اتصال هاتفي تلقاه من أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني لتهنئته على فوزه بالانتخابات الرئاسية التي جرت 19 مايو الجاري، وفقا لما تناقلته وسائل الإعلام الإيرانية.
وقال روحاني إن «هناك أرضيات وطاقات كثيرة لتعزيز التعاون على الصعيدين السياسي والاقتصادي بين البلدين، ويجب الاستفادة منها وتعزيز هذا التعاون المشترك».
وأضاف روحاني: إن «إيران تولي أهمية بالغة لتطوير علاقاتها مع دول الجوار لا سيما دولة قطر». وتابع بالقول «إن الإرادة الراسخة لكلا الجانبين ستمكننا من ازالة العقبات القائمة وتعزيز أواصر الصداقة».
في غضون ذلك، نسبت وكالات الأنباء الإيرانية إلى تميم قوله «إن علاقتنا مع إيران عريقة وتاريخية وراسخة ونحن ندعو إلى عمل المزيد لتعزيز هذه العلاقات»، وأضاف «نحن نعتقد أنه ليس هناك أي عائق في مسار تعزيز العلاقات بين إيران وقطر».
كما نقل عن تميم قوله «إنه سيصدر أمرا إلى الأجهزة المعنية في بلاده ببذل المزيد من جهودها بهدف تعزيز التعاون بين طهران والدوحة». وأضاف إن «إجراء المفاوضات والحوار هو السبيل الوحيد، دون شك، لحل المشاكل، ومسيرة الحوار التي يجب أن تستمر».
وول ستريت جورنال- ترجمة اليوم السعودية-