إعلان المملكة والإمارات والبحرين ومصر قطع العلاقة مع قطر في توقيت واحد ومضمون واحد؛ يكشف أن الضرر كان أكبر من الصمت والتجاهل، ومصلحة المواجهة والمكاشفة أفضل من انتظار ما هو أسوأ، فلا بديل عن القوة والحزم في مواجهة العبث والفوضى، والتصدي لدعم الإرهاب في المنطقة الذي تتزعمه قطر على مدى سنوات.
القرار الخليجي المصري يعيد الدوحة إلى حجمها قبل رشدها، حيث ستبقى جزيرة مهجورة، معزولة براً وبحراً وجواً، ولن ينفعها إرهابي أجير، أو إخواني عميل؛ لأن ما خسرته لا يعوض، وستذعن وتغيّر سلوكها رغماً عنها إذا هي أرادت أن تبقى، ولو أخطأت وكابرت واستفزت مرة أخرى؛ فإن النهاية حتمية لحكم تميم ووالده.
المملكة تحملت قطر فوق طاقتها منذ عقدين من الزمن، وصبرت كثيراً، وتألمت أكثر، وحاولت أن يبقى الخليج واحداً، ولكن الدوحة كانت تعبث، وتصرّ على مواقفها خارج الإجماع العربي والإسلامي، وقمة الرياض الأخيرة أكبر شاهد على الخذلان والخيانة القطرية، أما أسوأ شاهد أن تقاتل مع قطر في خندق واحد ضد الحوثيين وتخونك، وتسرّب معلوماتك، وتؤجج الفتنة في إعلامها المسيّس بين المتحالفين، واليوم حان وقت الحساب مع حكومة الدوحة، ولن تفلت منه بعد أن جعلت إيران حليفاً، والإرهاب شريكاً، والإخوان مصيراً، وهذه النهاية التي توقعناها ولم نتمنّها، خاصة أن ما يجمعنا بالشعب القطري الشقيق والعزيز أكبر بكثير مما حاول تميم ووالده أن يثيروه بيننا.
القرار السعودي بقطع العلاقات -وليس سحب السفير كما في العام 2014- يثبت أن هناك قوة في القرار لا تجامل، ولا تتحمل السكوت أكثر من اللازم؛ ولذا لم تتوقع قطر أن يكون الرد الإعلامي السعودي قبل السياسي بهذه القوة، ولم تتحمّل الصدمة، وانكشفت هشاشتها من الداخل، وردودها البليدة من عملائها في الخارج.
مبررات القرار السعودي واضحة، أهمها محاولة قطر شق الصف الداخلي السعودي والتحريض للخروج على الدولة والمساس بسيادتها، واحتضان جماعات إرهابية وطائفية متعددة والترويج لها إعلامياً، ودعم الجماعات الإرهابية المدعومة من إيران في القطيف والبحرين، وميليشيا الحوثي الانقلابية حتى بعد إعلان تحالف دعم الشرعية في اليمن.
هذه المبررات كافية لقطع العلاقات، واتخاذ إجراءات أمنية بإغلاق الحدود، والتجارة، والنقل، والتنقل، وكل ماله علاقة بقطر من قريب أو بعيد، إما أن تعود للأسرة الخليجية، أو ترتمي في أحضان طهران والإخوان، والقرار هذه المرة سيكون بيد الشعب، والشرفاء من أبناء الأسرة الحاكمة؛ لأن تميم ووالده لم ينفع معهما الجميل.
د. أحمد الجميعـة- الرياض السعودية-